Site icon صحيفة الوطن

العربجي2… استمرار الألق.. والخوف من لعنة الأجزاء … مناقشة درامية لمفاهيم وعقلية الثأر والغطرسة والجبروت من خلال شخصيات مركبة

يحجز العربجي 2 مكانه في قائمة خيارات المشاهد السوري وربما العربي، على حين أن أعمالاً أخرى لا تزال تقف على عتبة الباب تنتظر قبول الجمهور، فالصراع على أشده منذ البداية، ويؤمن سيف سبيعي أن الخطأ في الجزء الثاني من العربجي ممنوع ويدرك أن حجم المسؤولية بات أكبر وأعظم ولاسيما بعد أن مول التلفزيون السعودي مشروعه، عوامل عدة ينطلق منها العمل تسيطر على ثغراته، فقد شد كاتبا العمل مؤيد النابلسي وعثمان جحى أوتار حكايتهما واشتغلا على المشروع ليحبسا الأنفاس وحتى إن مرت بعض المشاهد الباردة، وكما بدأت أولى حلقات الجزء الأول بحماس عال وبخفقان قلب متأجج، فعلت ذلك أيضاً الحلقة الأولى من الجزء الثاني ليرد عبدو الصاع بالصاع لأبو حمزة بأن يأمره بتقبيل قدمه ليسمح له بإتمام مراسم دفن ابنه، ولكن يتدخل حسن النشواتي ويستنهض حمية عبدو ومروءته، فالحلقات مشوقة وبناؤها الدرامي على ما يرام، وإن كان يُخشى أن يقع العمل في لعنة الأجزاء المتكررة والملل وبالتالي نفور الجمهور منه.

الصراع على أشده

يركز القدير سلوم حداد على التفاصيل الدقيقة، ويهدد ويتوعد ويأبى أن يضع «الطربوش» على رأسه حتى يأخذ بثأر ابنه، يتمركز أبو حمزة في سدة المشهد، ولكنه هذه المرة مكسور بعد أن قُتل ابنه وحيده وربما يؤنب ذلك ضميره ويجعله يسترجع ذكرياتهما معاً ويدرك أن سطوته وجبروته قد أديا إلى ذلك، باسم ياخور بشخصية عبدو يُظهر قسوة مضاعفة في هذا الجزء ومزيداً من المخططات الشيطانية، ويسعى للتدمير هنا وهناك في سبيل حماية أسرته وكسر شوكة النشواتية، ولكن كان من الممكن أن يبقي صوته طبيعياً ويبتعد عن الصراخ والتكلم بنبرة عالية وفم مفتوح بكل قوته في مشاهد ربما لا تستدعي ذلك، كما أنه لا ضير لو أن مختصي المكياج قاموا ببعض التعديلات على أسنان ياخور ناصعة البياض التي لا تعكس الزمن الذي تجري فيه الأحداث، وقد تم الحديث عن هذا الشأن مراراً حول أعمال تاريخية سابقة، كما ينجح كعادته عبدو في كل مرة في إنقاذ أحدهم وهذه المرة ابنته حسنية وزمرد بعد أن استخدمت درية طرقاً عنيفة لإجبار بدور على الاعتراف بمكانهما، ولكن لم يشرح لنا سبيعي كيف استطاع الوصول إليهما وحمايتهما من جبر وأعوانه.

ويحافظ جركس «شادي الصفدي» على ولائه وإخلاصه لعبدو وحتى عندما يتهاون أعوان عبدو في موضوع القمح الذي صادروه من مخزن أبو حمزة ويرفضون إعادته إلى مكانه، وحده جركس من يقف بجانبه ويجبر الجميع على الانصياع للأوامر، فهو يؤمن أنه من الظلم حرمان الناس من أقواتها كما عبدو تماماً.

حضور نسائي

يحافظ العمل على إيقاعه المتصاعد الذي بدأه منذ الحلقة الأولى في الجزء الأول، دور جوهري للمرأة في العمل على خلاف أعمال البيئة الشامية التي تهمش المرأة وتضعها جانباً، وهي صاحبة دور محوري محرك للحدث تسيطر وتعطي الأوامر وتخطط وتدفع النقود هنا وهناك لتكسر شوكة أعدائها وتحقق ما ترنو له، فتتربع نادين خوري بشخصية درية خانوم على قائمة البطولة النسائية في العمل، وتزيد من عنفها وضراوة تعسفها واستشاطة غضبها، تقاسمها الشراكة الداية بدور «ديمة قندلفت» التي تحيك المكائد وترسم لنفسها خطاً يحميها، ولكنها لا تستطيع أن تنجو من شر ورجال درية التي تزجها في مكان مغلق في بيتها، ولكن هل من المنطقي وبعد عدة أيام من الاحتجاز والتعذيب لا يزال مكياج بدور وكحل عينيها على حاله وفي أبهى صورة؟

تقلبات وتأرجح

يتميز فارس ياغي في دوره ويتألق مجدداً بعد أن اختار أن ينتسب لعبدو والنشامى عقب كشفه لزيف أفعال درية ومخططاتها، يدرك تماماً أن درية لن تتهاون البتة في علاقته بحسنية ولذلك أخفى زواجهما عن الجميع، فهو ابن السادة وهي ابنة الـ«زرباوي»، يجدد الوفاء لعبدو الذي أنقذ حياته ويغير معه بغاراته ويناصره ويحمي ظهره، فيبدي تألقاً في قلب الطاولة على درية خانوم، يقع في مأزق مع عبدو بين نصرة الحق وبين أمه التي ولدته والتي لا يمكنه التنكر لها مهما بلغت الأمور ما بلغت، ولكنه يبدو متأرجحاً ومتقلباً في خياراته لأنه بدأ يعيش تقلبات جديدة في هذا الجزء وربما ستشهد علاقتهما خطاً جديداً مختلفاً، وحدها الحلقات القادمة تخبر بذلك.

كما تبرز الحكاية ضعف الابن الأكبر لدرية خانوم، نوري «حسام الشاه» الذي يقف على الحياد دون أن تسمح له أمه باتخاذ قرارات جوهرية لتعاقبه على ما اقترفته يداه في مرحلة المراهقة، ولكن مشاعره الجياشة وعشقه لبدور يضعانه في مأزق كبير ويحاول دائماً الدفاع عنها وإبعاد بطش درية عنها ويتيه بين أمه وبين محبوبته.

صراع وانتقام

القمح في صدارة المشهد وهو ليس بجديد على أعمال كهذه، فيمسك عبدو هذه المرة بأطراف اللعبة ويتلذذ بالانتقام لكل قطرة دم سالت إثر ضربة كرباج من أبو حمزة، وتبتعد الحوارات عن السطحية ليقال على لسان عبدو حكم وعبر منبعها أوجاع الماضي وظلم طويل وقهر متراكم، وكل هذا وذاك نسجه سبيعي الذي يعرف كيف يحوك الجمال من أكبر وأعظم ظلمات العمر.

أسرار عدة تتكشف على أعين الملأ مع انطلاق العرض، وتحالفات جديدة بين الأعداء تبدؤها درية مع خصمها أبو حمزة للتخلص من عبدو، شخصيات جديدة تحرك الحدث رأس هرمها جبر «ليث المفتي» الذي يبرع بأدوار الشر ويتقنها وتأخذ منه كل إبداعه، وثانيها الغوراني «غزوان الصفدي» الذي يبيع المكانس ويعيل أمه وتقصده بديعة «روبين عيسى» لتأمين مسكن لها بعد أن سرقت ذهب زمرد وهربت، إضافة إلى سارة بركة وراما زين الدين ووجدي عبيدو وغيرهم، كما تأخذ بعض الشخصيات التي شاركت في الجزء الأول مساحة أوسع هذه المرة فيكون مؤنس مروة بشخصية زاهر ويكون لعبد الرحمن قويدر«الشيخ كرمو» وجود مهم في حل الخلافات وسعاد ابنة بلقيس وغيرهم.

إشارات استفهام

لا يزال المشهد الأول الذي افتتح به الجزء الثاني- وهو تخبط وتيه عبدو العربجي في غابة خالية تعصف بها الرياح وسط ضباب وظلام شديدين- مجهولاً وغير واضح المعالم، فلم يوضح لنا سبيعي ماهية هذا المشهد بعد على الرغم من إدراج عبارة بعد عدة أشهر من أحداث الموسم الأول، إلا أن المشهد ما زال ضبابياً.

وماذا عن الظل الذي لا يزال مجهولاً ولا ندري من هو، ومن هو الدفتردار الذي افتعلت حكاية مقتله؟ ومن المتوقع أن يكون لأعضاء الولاية وعناصرها والمتصرف حضور أكبر هذه المرة وسيبرز دورهم بوضوح أكثر.

كما أنها خطوة جريئة من عبدو والنشامى للهجوم على الحارة واعتراض مراسم الدفن وإذلال أبو حمزة، ولكن يبدو أنه مبالغ فيه بعض الشيء، فرجل متسلط ومتجبر كأبي حمزة لن يترك الحارة والمنطقة من دون حراسة.

الحلقات القادمة عندها الخبر اليقين…

Exit mobile version