Site icon صحيفة الوطن

النسوية تحمل الراية الإنتاجية

| ميشيل خياط

لعل ثالث مفاجأة مبهجة، في نهاية عام دراسي أراده المهندس فهمي الأكحل، المدير السابق للتعليم المهني في وزارة التربية، عاماً للتعليم المهني، هي افتتاح صالة الجولان لبيع منتجات طالبات المدارس النسوية في تربية القنيطرة، 20 بالمئة من ثمنها يوزع على الطالبات.

وليست هذه الملاحظة التي وردت في الخبر، هي وحدها ما يلفت الانتباه إلى القانون رقم 38 المهم جداً، قانون تحويل المدارس المهنية والمعاهد التقنية إلى مراكز إنتاجية، تلبي بعضاً من احتياجات الأسواق وتدر أرباحاً على الطلاب والمدرسين والمدربين والإداريين في مدارس التعليم المهني، ما يحفز خريجي شهادة التعليم الأساسي على التوجه طوعاً وبأعداد كبيرة إلى هذا النوع من التعليم، إذ يجب أن نضيف، قيام وزير التربية بافتتاح الصالة في برزة، ومعرض طالبات ثانوية سعاد العبد الله النسوية المهنية في كفرسوسة، وقد تخلله عرض أزياء لملابس من تصميم وإنتاج الطالبات وورشات حلاقة وتجميل واحتوى على أعمال التطريز والخياطة والكروشية والأشغال اليدوية، وجاء هذا المعرض في أعقاب آخر مماثل له، أقيم في ثانوية تاج الدين العزاوي للفنون النسوية في مدينة دير الزور، في أواخر شهر آذار الماضي، وشهد أيضاً عرض أزياء لملابس نسائية من إنتاج الطالبات في عروس الفرات.

مرحى لإدارات وطالبات التعليم النسوي المهني والفني في سورية، لعل ما أنجزنه، عمل وطني مهم جداً، أنهن يحملن مشعلاً يضيء الدرب الصحيح إلى الخروج من عدة أزمات شديدة، اقتصادية واجتماعية وتربوية وتعليمية.

ولقد اعتدت أن استثمر أي حدث على هذا الصعيد التعليمي المهني، للتأكيد على أهمية أن ينجز تعليمنا، المنعطف الكبير، وأن يبحر نحو الشاطئ الآمن، حيث يحمل الخريجات والخريجون إلى جانب الشهادة الثانوية العامة، أنامل ماهرة، وأياد منتجة تيمناً بالمأثور الشعبي: «صاحب الصنعة مالك قلعة».

للأسف، لا نزال نحبو على هذا الصعيد، فالتحول بطيء جداً في 480 مدرسة مهنية وفنية و174 معهداً متوسطاً للتربية والتعليم العالي وعدة وزارات، وعلى الرغم من شح المعلومات، قرأنا على لسان المدير السابق أنه خلال السنة الأولى من تطبيقه حقق دخلاً مقداره مليار ليرة سورية، حصة المدارس منها 150مليون ليرة سورية، وأنه في العام الماضي طبق في 11 مدرسة في حمص «أنجز طلابها خلايا كهرضوئية لجامعة البعث وفي السويداء أصلح طلابها غاطسات آبار مياه الشرب وفي دمشق وطرطوس صنعوا مقاعد مدرسة، وفي حلب عملوا في مصانع الثياب».

إن انخراط كل المدارس والمعاهد في العمل الإنتاجي سيشكل رافداً ثراً لسلع مطلوبة في السوق السورية وسوف يسد نقصاً في كثير من أعمال الصيانة، وسيساعد أصحاب المصانع على تحقيق إنتاج أفضل كماً ونوعاً.

هذا الربح الاقتصادي والإنساني هو نقطة في بحر الربح الاجتماعي والتربوي والتعليمي، وإذا أوضحنا فقط الربح التعليمي «لضيق الحيز»، نجد أن ازدهار الدور الإنتاجي للتعليم المهني سيعلي من شأنه، علماً أنه موصوم بالدونية لتحويل حملة العلامات الأقل في شهادة التعليم الأساسي، عنوة إليه.

إن ازدهار دوره الإنتاجي سيدر أرباحاً كبيرة على الطلاب ما يصوغ إقبالاً كبيراً عليه، يوفر حلولاً عديدة أهمها تقليص العدد الكبير من حملة الشهادة الثانوية العامة الذين يتوجهون إلى كليات العلوم الإنسانية بشكل خاص.

وإذ نسعى إلى إضاءة هذه الحقائق، لا نجد حماسة لدى شرائح كثيرة، حتى من بين العاملين في التعليم المهني والفني، للسير في موكب المنعطف الكبير المطلوب تربوياً، علماً أن الموضوع قد أشبع بحثاً منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وتوج بمؤتمر تطوير التعليم في سورية في العام 2018، أي إن القانون 38 كان محصلة لجهد كبير وكانت الاستجابة لهذا الجهد مكرمة وطنية كبرى.

وإذ نرى أن إدارات التعليم النسوي تحمل الراية، وتتقدم بها على هذا الدرب الصعب، نجد أن الواقعة خطوة مهمة إلى الأمام، جديرة بحفاوة بالغة واهتمام كبير يتجسد في مد يد المساعدة لتلك المدارس على صعد الإنتاج والدعاية والتسويق.

Exit mobile version