Site icon صحيفة الوطن

الوقاية.. وفر مالي وغنى صحي

| ميشيل خياط

تذكرت حديثا للأستاذ الدكتور محمد إياد الشطي، يوم كان وزيراً للصحة مطلع تسعينيات القرن الماضي قال فيه: إننا نسعى إلى الوقاية من الأمراض، لا أن ننتظر أن يمرض الإنسان وأن يأتي إلينا شاكياً متألماً.

تذكرت هذا الحديث في سياق ورشة عمل للإعلاميين عقدها مؤخراً في دمشق فرع سورية لمنظمة الإغاثة النرويجية (نورفاك)، بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر السورية، إذ جرى التركيز فيها على الأهمية القصوى للوقاية من الأمراض ونسبة انتشارها، إذ ألقيت محاضرات عن أمراض النساء الجسدية والنفسية، ولم تستطع أسئلة الإعلاميين والإعلاميات، أن تتجاهل أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة لم تعد تسمح بالحصول على الرعاية الصحية الكاملة سواء الأولية أم النوعية مجاناً، وحتى موضوع تنظيم النسل، وكان يقدم مجاناً وبحفاوة بالغة ومحاضرات توعية، للسيدات، بات مأجورا بنسبة 50 بالمئة على الأقل، وتضطر المرأة حسب الدكتور أكرم القش المدير العام الأسبق للهيئة السورية لشؤون الأسرة إلى مراجعة الصيدلية الخاصة للحصول على وسائل تنظيم النسل.!

صحيح أن الوقاية، موروث وطني موثق بالحكمة الخالدة: درهم وقاية خير من قنطار علاج.

إلا أن انتشار الوعي الصحي بين الناس بشكل عام ضئيل، ليس في سورية وحسب بل في كل دول العالم، وإذ نعتد بأنه «لا علم من دون أرقام»، فإنه استناداً إلى دراسات منظمة الصحة العالمية فإن 50 بالمئة من المصابين بارتفاع الضغط الشرياني يجهلون أنهم يعانون تداعيات هذا المرض على أجسامهم!

يموت كل عام ملايين النساء، بسرطان عنق الرحم، على الرغم من وجود لقاح يقي هذا المرض!

من المفروض ألا يعاني أي إنسان من مرض نعرف كيف يمكننا الوقاية منه.

لقد تم إنقاذ 154مليون إنسان من الموت منذ العام 1974وحتى الآن، في سياق مبادرة التمنيع وتم القضاء نهائياً على مرض الجدري في العام 1980، وكان قاتلاً ويؤدي إلى العمى وتشويه الوجه، قضي عليه بلقاح «د. جنر».

ومما يؤسف له أن هناك- تخبيصا وتشويشاً- في قدرة اللقاحات على إنقاذ البشر من 20 مرضاً لأسباب مبهمة، على الرغم من معرفة أغلبنا أن 99 بالمئة من الأمراض، سببها بيئي، وأن 1 بالمنة فقط سببها وراثي. تقدمت أوروبا عندما أوصلت ماء شرب نظيفاً إلى المناهل العامة وعندما اقتنت شبكات صرف صحي لنفاياتها السائلة.

ورغم إدراك معظمنا أن سر النمو السكاني في الكرة الأرضية، من 1.8 مليار نسمة في العام 1900 إلى 8 مليارات تقريباً حالياً، إنما يعود إلى خفض اللقاحات، لوفيات الرضع والأطفال من 300 بالألف إلى 18 بالألف وفي بعض الدول المتقدمة صناعياً إلى 4 بالألف، فإن هناك من يصر على أن اللبن أسود.

ترفع السيدة أليزبيت هوف ممثلة فرع منظمة الإغاثة النرويجية «نورفاك» في سورية، يدها لتقول: الحل يكمن بالإعلام الوطني الصادق.

إن أغلب ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي يفتقر إلى المصداقية، وتخاطب المشاركين في الورشة الإعلامية: على عاتقكم مسؤولية تحفيز الناس على اتباع السلوك الصحي الحميد ولفت انتباه أصحاب القرار إلى الإجراءات التي تساعد على توفير بيئة أفضل لحياة أجمل، وتعد أن يكون فرع «نورفاك» في سورية ناجحاً وكريماً مثل 11 فرعاً لها في العالم، عبر التدريب المستمر ومن خلال توفير ما ستقوى على توفيره من تجهيزات وأجهزة طبية وأدوية لكل المحافظات السورية.

إن ثلاثة أمراض يجب القضاء عليها نهائياً، لأنها خطيرة أولاً، ولأنها قاتلة بنسب كبيرة وهي: الكوليرا وشلل الأطفال وسرطان عنق الرحم.

وأعتقد أن قلائل من لديهم علم بوجود مثل هذه اللقاحات لمرضي الكوليرا وسرطان عنق الرحم، وهنا يتبدى الدور النبيل للإعلام الوطني الصادق في الإخبار والتحفيز والحث والتشجيع، أن من يحسن التعامل مع الظروف الصعبة، يجد فيها حافزاً على النجاح.

Exit mobile version