Site icon صحيفة الوطن

هل تنصف «التكميلية» طلابنا

| ميشيل خياط

أعلنت مؤخراً نتائج امتحانات الشهادة الثانوية العامة ، بعد مخاض عسير وسط حظ سيئ جداً لدفعة 2024، بدأ بنكسة امتحان الرياضيات المؤتمت النصفي، ما حدا بوزارة التربية إلى اقتراح التريث بتطبيقه للعام القادم ودراسته بشكل منهجي وتدريب الأساتذة والطلاب عليه!!. «قيل إن نسبة النجاح لم تتجاوز 17بالمئة»، ووافق مجلس الوزراء على التريث، وتوج بأسئلة الرياضيات الصعبة وقيل فيها إنها تعجيزية لم يقو أساتذة رياضيات كثر حلها في زمن الامتحان»، وبين هذا وذاك، كان هناك تأكيد الوزير أن الدورة التكميلية قد ألغيت، ثم تبين أن إلغاءها يحتاج إلى مرسوم، ولقد صدر بشأنها مرسوم أبقى عليها لهذا العام فقط .

واكتنف امتحانات الدورة 24 خللاً أدى إلى إعفاء مديري تربية دمشق وريف دمشق من منصبيهما، وأنجزت حملة إعلامية غير مسبوقة بشأن القانون 42 الذي يغرم ويسجن المتدخلين في الامتحان لجهة الغش من غير الطلاب، ما أشاع مناخاً مقلقاً في أوساط الطلاب وأهاليهم، وأدى ذلك كله في النهاية، إلى ارتفاع نسبة الرسوب، وعدم حصول كثير من المجتهدين على العلامات التي كانوا يتوقعونها.

لا نأتي بجديد إذا ما قلنا إن الامتحان يرعب الطلاب ويقلقهم ويدخلهم في أزمات نفسية، ويجعل أرواحهم هشة جداً فالأمر مصير، فكيف به وقد أحيط في هذا العام بجملة المنغصات آنفة الذكر.

إن من أصغى لوزير التربية وهو يعلن نتائج الشهادة الثانوية العامة قد لاحظ أنه أجرى مقارنة -غريبة- مع العام الماضي ، إذ أشار إلى تراجع كبير – عملياً – في نسب النجاح بالمقارنة مع السنوات السابقة، وهو لم يذكر سوى العام الماضي في سياق تلك المقارنة، على نحو يوقف شعر الرأس : نسبة النجاح في الفرع العلمي 57,8 بالمئة بالمقارنة مع 66,33 بالمئة في العام الماضي وفي الفرع الأدبي وصلت نسبة النجاح هذا العام إلى 44,93 بالمئة بالمقارنة مع 68,68 بالمئة في العام الماضي…!!! ولم تكن نتائج المهني أوفر حظاً ففي التعليم النسوي وصلت نسبة النجاح إلى 43,92 بالمئة في العام الحالي بالمقارنة مع 78,28 بالمئة في العام الماضي وفي الفرع الصناعي بلغت نسبة النجاح 49,6 بالمئة هذه السنة بالمقارنة مع 67,37 بالمئة في العام الماضي وفي الثانوية التجارية 45,14 بالمئة بالمقارنة مع 68,37 بالمئة في العام الماضي .

أرقام مفزعة تصوغ خسارة اقتصادية فادحة لمن يفهم في علم اقتصاديات التعليم ، إن رسوب 122874 طالباً وطالبة يعني خسائر بمليارات الليرات السورية بشكل مباشر ، هي المبالغ التي صرفت على تعليم هؤلاء الطلاب ، عدا خسائر التأخر عن دخول سوق العمل سنة كاملة وعدا النتائج الاجتماعية السيئة الناجمة عن الرسوب.

وإذ نلوذ بهذا الخطاب فما ذلك إلا لأن الحال في العالم مغاير، راجعت نسب نجاح طلاب الشقيقة مصر فكانت 78,8 بالمئة في العام 2023 ونسب النجاح الأوروبية تتراوح ما بين 80-90 بالمئة…!!

إن دول العالم تتباهى بنسب النجاح العالية وهذا طبيعي .

ثمة فرصة هذه السنة لتدارك تلك النكسة في نسب النجاح ، التي لطالما طالبنا أن تكون مرتفعة، ودعونا تاريخياً إلى توسيع جامعاتنا وافتتاح جامعات خاصة، وهذا أفضل من تشرد طلابنا في الدول الأوروبية، لكن ما يخيفنا أن وزير التربية وعلى أكثر من منبر إعلامي، أعلن أكثر من مرة أن أسئلة الدورة التكميلية ستكون صعبة ولن تحسن العلامة لا تعتمدوا عليها..!!

وفي رأيه أنه لا يريد صناعة علامات بل طالب يفهم المنهاج، وبالتالي يرى أنه يجب أن تكون هناك أسئلة للمتميزين.

ونسأله : هل دخول جامعاتنا على الفهم أم على العلامات…؟

لقد نادى منذ تعيينه وزيراً بمجلس تربوي أعلى يقرر سياسة وزارة التربية، واتضح أن مثل هذا المجلس يحتاج إلى قانون.

وفي سياق إعدادي لهذه المقالة وجدت أن لدى وزارة التربية مجلساً استشارياً منذ نيسان 2019، تحدث عنه النائب السابق في مجلس الشعب الأستاذ نبيل الصالح، في سياق جلسة لمجلس الشعب ناقش فيها أداء وزارة التربية آنذاك (24/10/2019)، أرى تفعيله ليقرر أسئلة نزيهة عادلة موضوعية تقيس استيعاب وفهم وذكاء الطلاب بعيداً عن أي حسابات أخرى.

القضية كبيرة ووطنية ولا تحتمل إلا الجدية والرصانة، غير مسموح أبداً الإساءة لفوج ضخم من شبان وشابات الشهادة الثانوية للعام 2024.

Exit mobile version