Site icon صحيفة الوطن

قبل إغلاق ملف كأس أمم أوروبا بنسختها السابعة عشرة … أرقام غير مسبوقة تزين تتويج اللاروخا باللقب الرابع … رودري ويامال وديلا فوينتي نجوم الإنجاز الإسباني

| خالد عرنوس

انفض عرس الكرة الأوروبية بنسخته الثامنة عشرة على الأراضي الألمانية وخرج معظم المشاركين غير راضين عما قدموه سوى عدد قليل سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي أنهوا البطولة بوجوه مبتسمة ووحدهم الإسبان خرجوا بضحكة عريضة عقب تتويج اللاروخا عريساً كامل الأوصاف بتغلبه على نظيره الإنكليزي في الليلة الختامية فكانت مسكاً على المدرب ديلا فوينتي ونجومه، وبالمقابل أصيب أسود إنكلترا الثلاثة بخيبة جديدة رغم حلولهم بالوصافة وخاصة مدربهم ساوثغيت الذي كان يحلم بالمجد المفقود إلا أن الدقائق الأخيرة حملت كابوساً جديداً أبقى أم الكرة بعيدة عن اللقب القاري، ولفتت الوجوه الشابة الأنظار في البطولة فغطت على أفول بعض النجوم الكبار الذين دخلوا المعترك من الباب العريض وغادر أغلبهم من الباب الضيق، في السطور التالية نحاول إلقاء بعض الضوء على أهم مستجدات البطولة وأحداثها وأبرز نجومها وبعض من الأرقام المسجلة فيها.

بطولة الصفوة

استحقت بطولة يورو هذا اللقب من خلال ما تابعه المشاهدون على مدار شهر كامل، فالملاحظة الأولى وعلى الرغم من العدد الكبير للمنتخبات المشاركة والذي يقترب من أكثر من 40 بالمئة من أعضاء الاتحاد الأوروبي إلا أن ما قدمته هذه المنتخبات في البطولة عبر 51 مباراة كان لافتاً، فلم نشاهد مباراة ضعيفة حتى بين المنتخبات الصغيرة التي أدت ما عليها ولم تكن لقمة سائغة للأسماك الكبيرة، فلم نشهد مجازر تهديفية أو نتائج يمكن وصفها بالساحقة إلا إذا اعتبرنا فوز المانشافت الألماني على نظيره الاسكتلندي 5/1 تدخل في هذا الباب وهذا الفوز الكبير كانت له ظروفه الخاصة، على حين انتهت أربع مباريات أخرى بفارق ثلاثة أهداف وهذا الأمر لا يبدو غريباً أو من شانه التقليل بالخاسرين رغم خروج الكرواتي والأوكراني وهما من الخاسرين بنتيجة صفر/3 من الدور الأول ولا ننسى أن الأخير خرج برأس مرفوع بعد حدث نادر شهدته المجموعة الخامسة بتعادل منتخباتها الأربعة برصيد 3 نقاط وفصل بينهما فارق الأهداف والمواجهات وهي المرة الأولى التي تشهدها مجموعة ما في البطولة الأوروبية أو في المونديال.

على حين لم يتأثر المنتخب التركي بالهزيمة صفر/3 أمام البرتغال فتأهل إلى الدور الثاني ومن ثم الثالث حيث غادر من ربع النهائي برأس مرفوع، ومثله المنتخب الجورجي الذي خسر من البطل 1/4 وهو أمر طبيعي لفريق يخوض تجربته الأولى في البطولة وقدم دوراً أول فوق المتوقع.

أهداف

وبالمجمل انتهت 33 مباراة بالفوز مقابل 18 تعادلاً منها ستة من دون أهداف، وانتهت 19 مباراة بفارق هدف مقابل 10 مباريات بفارق هدفين، وانتهت ثلاث مباريات في أدوار الإقصاء بالتعادل رغم التمديد، على حين حسمت مباراتان خلال الأوقات الإضافية، ورغم ذلك فإن الأهداف المسجلة كانت ضمن المعدلات الاعتيادية في البطولات القارية أو العالمية خلال العقود الثلاثة الأخيرة فلم يتجاوز 2,30 في المباراة الواحدة والعدد الإجمالي 117 هدفاً، وجاء 64 هدفاً في الأشواط الثانية مقابل 51 في الأشواط الأولى وهدفان خلال الأوقات الإضافية، وجاء 15 هدفاً في الوقت بدل الضائع منها 12 بعد الدقيقة 90 ومنها 7 أهداف كانت حاسمة، ولعل أكثرها تأخراً ذلك الهدف الذي جاء في الدقيقة العاشرة في الوقت البديل وبه فاز المنتخب النمساوي على نظيره الاسكتلندي لكنه لم يسعفه بالتأهل إلى الدور الثاني.

وبالمقابل شهدت البطولة أكثر من هدف خلال الدقائق الأولى ومنها هدف الألباني نديم بايرامي بمرمى إيطاليا وجاء بعد 23 ثانية ومن ثم سجل التركي ميريح ديميرال بمرمى النمسا في الثانية 57، وكذلك سجل الجورجي خفيشا كفاراتسخيليا هدفاً بمرمى البرتغال في الدقيقة الثانية.

صعود وهبوط

كعادة البطولات الكبيرة فقد أفرزت البطولة بعض المفاجآت وأبرزها في الدور الأول كان خروج المنتخب الناري الكرواتي ثالث مونديال 2022 بعدما اكتفى بتعادلين وهزيمة وعدا ذلك يمكن وصف خروج المنتخبات السبعة الأخرى من الدور الأول بالمنطقي إلا إذا استثنينا تذيل المنتخب التشيكي للمجموعة السادسة، وبالمقابل جاء تجاوز المنتخب الجورجي للدور الأول مفاجئاً عندما نعرف أنه يشارك في النهائيات للمرة الأولى وقد احتل المركز الثالث في المجموعة ذاتها بأربع نقاط عقب فوزه على المنتخب البرتغالي بهدفين وتعادله مع التشيكي وهزيمته أمام التركي.

ويدخل تصدر منتخب النمسا للمجموعة الرابعة بالرصيد متقدماً على المنتخبين الفرنسي والهولندي في باب المفاجآت وعلى الرغم من خسارته الافتتاحية أمام الديوك عاد وفاز على البولندي ثم ختمها بفوز أكثر إثارة على الطواحين.

رغم أنف الجميع

البطل الإسباني توج باللقب عن جدارة وسابق تصميم وهو الذي دخل البطولة بين المرشحين للمنافسة إلا أنه لم يحظ بنسبة التوقعات التي صبت لمصلحة الإنكليزي أو الفرنسي أو الألماني، وأنهى اللاروخا الدور الأول بشكل مثالي برصيد كامل عبر ثلاثة انتصارات، ووحده فعل هذا الأمر وزاده أنه حافظ على نظافة شباكه، ولم يواجه صعوبة كبيرة في ثمن النهائي على الرغم من تأخره بالنتيجة أمام نظيره الجورجي وقلب النتيجة بالخبرة وكان بإمكانه تسجيل نتيجة قياسية لكنه اكتفى بالفوز الأعلى خلال أدوار الإقصاء.

ذلك الهدف الذي ولج مرمى الحارس أوناي سيمون أصبح (لازمة) كل مباراة في الأدوار التالية، فتلقى هدف التعادل أمام المانشافت في أصعب مواجهات اللاروخا في البطولة حتى دور ربع النهائي لكنه سجل هدفاً متأخراً في التمديد وضعه في مربع الكبار، ومن ثم تخطى المنتخب الفرنسي بهدفين لهدف وقد قلب تأخره بهدف إلى الفوز بعدما زار شباك الحارس مانيان مرتين وهو الذي اهتزت شباكه بهدف من ركلة جزاء طوال خمس مباريات أولى، وفي مباراة التتويج اهتزت شباكه بهدف التعادل إلا أنه حسم الأمور بهدف الفوز واللقب قبل نهاية الوقت الأصلي.

العقل المدبر

لم يكن لويس ديلا فوينتي لاعباً كبيراً رغم أنه لعب لأندية بلباو، وهو الذي كان مسقط رأسه في بلدة صغيرة تدعى (هارو) في إقليم الباسك وإشبيلية وألافيس وعندما اعتزال هناك عام 1994 لم يكن قد ظهر دولياً إلا في عدد قليل من المباريات مع منتخبات اللاروخا الصغيرة، واتجه إلى عالم التدريب ودرب فعلاً أندية إشبيلية وبلباو و(بلباو أتلتيك) وألافيس، وفي عام 2013 أصبح مدرباً متخصصاً لمنتخبات إسبانيا 19 سنة و21 سنة وأخيراً المنتخب الأولمبي تحت 23 سنة والذي مثل البلاد في أولمبياد طوكيو 2021 ويومها أحرز الميدالية الفضية، ونجح بقيادة المنتخبين الأول والثاني إلى اللقب الأوروبي على صعيد كل فئة عامي 2015 و2019، وبذلك نال ثقة الاتحاد الإسباني لتدريب المنتخب الأول، وخلال عامين نجح بشكل كبير فقاد اللاروخا إلى لقب دوري الأمم بنسخته الثالثة عام 2023 قبل أن يحقق الإنجاز الأكبر بكأس أوروبا.

ولم يأت نجاح ديلا فوينتي الذي احتفل بميلاده الثالث والستين في اليوم التالي للفوز على الآتزوري الإيطالي من فراغ فيعود نجاحه مع الفئات الصغيرة ومن ثم خبرته الكبيرة في البطولات القارية التي خاضها بين 2013 و2021، وساعده في هذا الأمر وجود نخبة من اللاعبين القادرين على تنفيذ أفكاره على أرض الملعب، ولم يخرج لويس عن نهج اللاروخا المتبع منذ التتويج باللقب العالمي تحت قيادة ديل بوسكي، ويمكن التأكيد على طريقة اللعب التي باتت تعرف بـ(التيكي تاكا) أي الاستحواذ على الكرة والتمريرات القصيرة والكثيرة وممارسة الضغط على المنافس في ملعبه معتمداً على لاعبين معظمهم يمتلكون مهارات خاصة وعالية بالتعامل مع الكرة، ويحسب للمدرب أنه تغلب على الغيابات التي فرضت عليه بداية من إصابة جافي ثم زميله بيدري، وأخيراً في الشوط الأخير من النهائي عندما افتقد رودري، وحتى عندما افتقد كارفاخال ولو نورماند في نصف النهائي لم يتأثر كثيراً.

نجما البطولة

ويحسب لمدرب اللاروخا إعادة اكتشاف بعض اللاعبين أمثال لو نورماند أو ميكيل ميرينو وكوكوريللا وكذلك التأكيد على نجومية كارفاخال وموهبة نيكولاس ويليامز، إلا أن أبرز اللاعبين في صفوف البطل هما صاحبا جائزتي الأفضل في البطولة، الأول رودريغو هيرنانديز المعروف بـ(رودري) الذي منح جائرة أفضل لاعب في البطولة بعد أدائه اللافت والذي واصل به تألقه خلال السنوات الأربع الأخيرة، فهذا اللاعب البالغ من العمر 28 عاماً (احتفل بميلاده في 22/6/2024) يعتبر الركيزة الأساسية في وسط نادي مانشستر سيتي بل أحد أفضل اللاعبين خلال خمسة مواسم خاضها مع بطل إنكلترا وحاز معه كل الألقاب الممكنة بل أيضاً اختير غير مرة كأفضل لاعب في البريميرليغ ودوري الأبطال ومونديال الأندية وبالتالي لم يكن غريباً أن يعتمد عليه دبلا فوينتي، وقد شارك في 6 مباريات في البطولة (522 دقيقة) واستبدل في مباراتين وغادر النهائي بين الشوطين للإصابة، واختير رودري لتمثيل المنتخب عام 2018 وقد ظهر في 58 مباراة دولية وسجل خلالها أربعة أهداف.

أما الثاني فهو الأصغر لامين يامال (الأمين جمال) ذو الأصول المغربية أفضل لاعب شاب في البطولة، وأصبح أصغر هداف في تاريخ البطولة وبالطبع أصغر بطل وقد احتفل ليلة نهائي برلين بعيد ميلاده السابع عشر، وأجبر موهبة برشلونة المدرب على اللعب أساسياً منذ آذار الماضي وتألق في البطولة بشكل أثار إعجاب حتى المنافسين بعدما سجل هدفاً رائعاً (اعتبره الكثيرون الأجمل في البطولة) بمرمى فرنسا في نصف النهائي وصنع أربعة أهداف لزملائه منها الهدف الأول في النهائي، ويعتقد الكثير من المراقبين أن فتى برشلونة الذهبي سيكون بين نجوم النخبة في العالم خلال العقد القادم خاصة مع اكتسابه خبرة المواجهات والبطولات الكبيرة.

Exit mobile version