Site icon صحيفة الوطن

رحلوا.. وبقيت صورهم!

| فراس عزيز ديب

هذا ليسَ عنواناً لروايةٍ عن الحب والوفاء يموت في نهايتها البطل والبطة فيضطر الكاتب لتزويج والدة البطل من والد البطلة كنوعٍ من الحلول للحبكة القصصية الخارجة عن المألوف، وليسَ عنواناً لفيلم من بطولتي سيحطم شبابيكَ التذاكر لأني أساساً لا أعمل في الفن، وشبابيك التذاكر لم يعد منها إلا بعض الطاقات الصغيرة لبعضِ دور السينما التي لا تزال تصارع من أجل البقاء، وهو كذلك الأمر، ليس عنواناً للحديث عن كارثة إنسانية أدت إلى ما أدت إليه من قتلى وجرحى لشبان في هذا الشرق البائس حملوا أحلامهم على مراكبِ الموت، إذ عليكَ الحذر من التعاطف مع هؤلاء كي لا تلقى الكثير من الاتهامات!

للأسف، هذا عنوان لمشكلةٍ تعيش معنا منذ عشرات السنين لكنها للأسف كانت ولا تزال عصيةَ الحل، ربما ولسوءِ الحظ لأن الحلول كانت مبنية على افتراضين لا ثالث لهما:

الافتراض الأول، مبني على الوعي التراكمي من الخبرات والتجارب السابقة وهو حكماً بضاعة شبه مفقودة في الكثير من المفاصل الحياتية للأسف.

الافتراض الثاني، وجود أجهزة دولة تتعاطى بحزمٍ مع هذه المشكلة أو بأفكار جديدة تمنع استمرار حدوثها لكن في الحالتين.. لا أمل!

مع كل حدثٍ انتخابي ننتظر أن يتجسد الوعي عند المرشحين بالطلب من أعضاء حملاتهم الانتخابية التوقف عن لصقِ صورهم هنا وهناك لكن من دون جدوى، الصور التي وصلتني عن التشويه الذي يحدث ليست بجديدة علي، لكن الجديد هو الإحباط المتجدد من فكرة الوعي المفقود، كيف لي أن أضع مستقبل البلد التشريعي بين أيدي من لا يستطيع الحفاظ على واجهة جهة عامة أو جسر وتقاطعات؟

في السياق ذاته ننتظر مع كل حدث انتخابي أفكاراً جديدة من مجالس البلديات لقمعِ هذه الظاهرة، إما بتخصيص أماكن محددة قابلة للفك والتركيب على التقاطعات الرئيسة للشوارع، أو إنزال أقصى الغرامات بحق المخالفين لكننا مازلنا ننتظر وفيما يبدو أننا سننتظر كثيراً.

لا أعرف حقيقةً ما الأوراق المطلوبة للترشح لكن لا مانع أن يُضاف إليها تعهد خاص يوقِّع عليه المرشح بإزالة كل التعديات التي تتسبب بها حملته الانتخابية أو الاستحواذ على مبلغ مالي يسمح للبلديات بإزالة هذه التعديات على نفقته، لكن من غير المسموح به بقاء البلد مع تشوهات كهذه لدرجةٍ جعلتنا نحمد اللـه بأن الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار قلَّلَ من حجم الإنفاق على الحملات وإلا.. قلنا بعد أن انتهت الانتخابات:

رحلوا.. ورحلت الجدران.. وبقيت صورهم!

Exit mobile version