Site icon صحيفة الوطن

حفل في دار الأوبرا بمناسبة الذكرى الـ80 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية الروسية- السورية … د. المقداد: شهدت هذه العلاقات عبر تاريخها تطورات كبيرة تجاوزت حدود الصداقة التقليدية … د. مشوّح: الخبراء الروس كان لهم اليد في تنشئة جيل من الموسيقيين السوريين … السفير الروسي: المكافحة المشتركة ضد الإرهاب الدولي في الأرض السورية أكدت متانة علاقاتنا وساهمت في تعزيزها

| مايا سلامي- تصوير طارق السعدوني

بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية الروسية- السورية، أقامت وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الثقافة بالتعاون مع سفارة روسيا الاتحادية بدمشق حفلاً للفرقة السيمفونية الوطنية السورية بمشاركة العازفين الروسيين ستانيسلاف كورتشاغين على البيانو وغايك كازازيان على الكمان وبقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، وذلك على خشبة مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون.

وافتتح الحفل الذي حضره عدد من الوزراء والدبلوماسيين بفيلم وثائقي قصير يروي أبرز محطات التعاون المشترك بين البلدين، كما قدمت خلاله مجموعة من المقطوعات الكلاسيكية الروسية، وتسلّم فيه سفير روسيا الاتحادية الكسندر يفيموف الطابع التذكاري الذي أصدرته وزارة الاتصالات السورية لهذه المناسبة.

تفاهم مشترك

وفي كلمة له قال وزير الخارجية والمغتربين د. فيصل المقداد: «يسعدني ويشرفني أن نلتقي اليوم لإحياء الذكرى الـ80 لإقامة العلاقات الدبلوماسية السورية- الروسية التي تستمد قوتها وصلابتها من مبادئ وقيم وتفاهم مشترك لطالما جمعت البلدين، لقد شهدت هذه العلاقات عبر تاريخها الطويل الذي يعود إلى مثل هذا اليوم من عام 1944 تطورات كبيرة وتغيرات مهمة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية جعلت دمشق وموسكو تتجاوزان حدود الصداقة التقليدية وتؤسسان لمستويات جديدة من التعاون الإستراتيجي والتنسيق الشامل وفق رؤية واضحة ومشتركة، وتأتي الذكرى السنوية الثمانون من العلاقات في وقت يعيش فيه العالم برمته مرحلة تتبلور فيها مراحل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب مبني على احترام أمن وسيادة الدول».

وأكد أن الشعب السوري والقيادة السورية ينظران بعين الاحترام والتقدير والامتنان للسياسات والمواقف الروسية التي وصفها السيد الرئيس بشار الأسد بأنها سواء على المستوى الدولي أم ما يتعلق بالحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية أكدت موقع روسيا كقوة تسعى إلى الخير والسلام وتستند للمبادئ والقيم والتمسك بالقانون الدولي واحترام سيادة الدول وحقها في تقرير مصيرها وأن الشعب السوري لن ينسى وقوف الاتحاد الروسي إلى جانبه في هذه الحرب.

وبين أن الجهود المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب أثمرت وتوجت بمشاركة الاتحاد الروسي في الحرب على الإرهاب والمساعدة على إعادة الأمن والاستقرار للمدن والقرى التي كانت تعيث فيها الجماعات الإرهابية تخريباً وتدميراً، وما يزال العمل المشترك مستمراً للقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية من داعش وهيئة تحرير الشام لإعلان النصر النهائي على مشروع الإرهاب الذي يسعى لاستهداف العالم والقيم الإنسانية.

تطور مستمر

وشدد د. المقداد على أن العلاقات السورية- الروسية في تطور مستمر ولم تقتصر على الدعم العسكري بل شهدت أيضاً تعاوناً وتنسيقاً في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مروراً بعملية أستانة والحوار السوري- السوري الذي عقد في مدينة سوتشي الروسية، وصولاً إلى التطابق في الرؤية تجاه القضايا الإقليمية والدولية حتى بتنا اليوم نشهد عملية بناء نظام عالمي جديد كان حجر أساسه المواقف المبدئية التي يتخذها الاتحاد الروسي في المحافل الدولية وتترك معالمه النهائية من خلال العملية العسكرية الروسية الخاصة التي ينفذها الأصدقاء الروس بكل نجاح ضد النازية الجديدة وانتصاراً للحق والعدالة في وجه الهيمنة والعدوان ودعم سورية في هذه العملية، ويضاف إلى ذلك تعزيز التعاون بين البلدين على المستوى الاقتصادي والثقافي حيث عادت الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال ثمانين عاماً واجتماعات اللجنة المشتركة السورية الروسية مؤخراً بالنفع على البلدين.

ونوه إلى أن الشركات الروسية والسورية تتعاون اليوم على المستويات الاقتصادية والتجارية، كما يدعم الأصدقاء الروس إعادة إعمار ما دمرته الحرب في سورية إضافة إلى الكثير من المبادرات والمشاريع الثقافية والفنية والشعبية والوفود المتبادلة الهادفة إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات، وأن أواصر المودة تعززت بين الشعبين من خلال العادات المشتركة والتوجه اللافت للطلاب السوريين للدراسة في روسيا ما ساهم في تعزيز تبادل المعرفة الثقافية وبالتعاضد بين الشعبين.

وأضاف: «تعرب الجمهورية العربية السورية عن فخرها واعتزازها في هذا المسار الحافل بالانتصارات المشتركة بين البلدين الصديقين في جميع الميادين وذلك تنفيذاً لرؤية قائدي البلدين السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس فلاديمير بوتين التي قضت برفع مستوى العلاقات سياسياً واقتصادياً وتجارياً وتعليمياً وثقافياً وفنياً ونتطلع لمزيد من التكاتف ولاسيما في ظل الظروف التي تمر بها سورية وروسيا والعالم برمته والتي تحتم علينا المزيد من التلاحم لمواجهة التحديات والمخاطر الجديدة وانطلاقاً من قناعة البلدين بأن معركتنا واحدة وطموحنا واحد في بناء عالم أفضل يسوده الخير والسلام والاستقرار».

وتابع: «إن ما ذكر هو محطات مضيئة في سجل التعاون الثنائي البناء والمبني على احترام الآخر والحفاظ على سيادة الدول ومواقف مشرفة اتخذها الصديق الروسي، لكن لا بد من التأكيد على أن الحرب لم تنته فاليوم لا تزال هناك مناطق يسيطر عليها الإرهاب ناهيكم عن الاعتداءات الإرهابية المستمرة التي يقوم بها المحتل الإسرائيلي على المواقع السورية العسكرية والمدنية والمرافق الحيوية، كما لا يمكننا إغفال الإرهاب الاقتصادي الحقيقي الذي تتسبب به الإجراءات القسرية أحادية الجانب على سورية».

الجانب الروسي

وفي حديثه عن الجانب الروسي أكد د. المقداد أهمية وقف التحركات والسياسات الغربية ضد أمن وسيادة روسيا على أرضها وأبريائها، منوهاً بأنه علينا أن ندرك أن معركتنا واحدة تتطابق فيها الأدوات والأساليب التي يستخدمها الغرب الجماعي ضد البلدين فكما تم استخدام الجماعات الإرهابية في سورية يتم توظيف الإرهابيين والنازيين الجدد، كذلك تم استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية والحصار على الشعب الروسي الشقيق، وكما تم استهداف سورية إعلامياً وسياسياً نرى الإعلام الغربي يستخدم الأسلوب نفسه في شيطنة روسيا.

وأشار إلى ضرورة الانطلاق في تعاوننا المشترك من حقيقة أن تحقيق النصر التام لروسيا وسورية على حد سواء أمر لا بد منه لنقدم للعالم نموذجاً مشرقاً على عكس النموذج الغربي الذي يقضي بسرقة مقدرات الشعوب وفرض الهيمنة الغربية عليها، وكلنا ثقة أننا نقف على أعتاب نصر كبير بما في ذلك على المستوى الفكري ينتصر فيه النموذج الحضاري الذي ندافع عنه وتدافع عنه روسيا ومعها الكثير من دول العالم والقائم على الحوار واحترام الآخر ومصالح الشعوب على نموذج صراع الحضارات الذي تم الترويج له لذلك لأننا نقف على الجانب السليم من تاريخ الحضارة الإنسانية، وتعددية الأقطاب التي ندعمها في سورية وروسيا أصبحت قاب قوسين أو أدنى تبشر بغد أفضل للإنسانية جمعاء.

علاقات متميزة

وقال د. المقداد: «إن اختصار العلاقات المتميزة بين الجمهورية العربية السورية والاتحاد الروسي ببضع كلمات يكاد يقارب المستحيل لذا سأكتفي بالإشارة إلى الاعتزاز بالمستوى الذي وصلنا إليه من تنسيق وبالأثر الكبير الذي يتركه عمق علاقات الصداقة بين البلدين».

وفي الختام توجه بالشكر للشركاء الروس حكومة وشعباً وجيشاً وللزملاء في وزارة الخارجية الروسية على تعاونهم الاستثنائي وبذل الجهود للارتقاء بالتعاون القائم بين بلدينا بما يخدم مصالح الشعبين السوري والروسي التي ستبقى البوصلة التي تنشد عملنا المشترك، كما وجه تحية لأبطال القوات المسلحة الروسية الذين يحاربون الإرهاب مع الجيش العربي السوري، مؤكداً أنهم رمز مهم لعمق العلاقات المتينة التي تربط بين روسيا وسورية، وتحية إكبار وإجلال لشهداء الجيش العربي السوري الباسل والجيش الروسي الصديق اللذين قدما الغالي والنفيس في سبيل رفعة الوطن وصون عزته ووحدة عرضه وشعبه.

مشروع عظيم

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضحت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح أنه طوال العقود الماضية كانت العلاقات الثقافية الروسية- السورية متينة جداً وهي علاقات تعارف وتعاون وخبرات متبادلة بين الشعبين، منوهة بأن الخبراء الروس كان لهم اليد البيضاء في تنشئة جيل من الموسيقيين الأكاديميين السوريين ولولا هؤلاء الخبراء لما كان لدينا موسيقيون بهذا المستوى الرفيع والذين حملوا الموسيقا الشرقية والكلاسيكية وفنون الرقص والباليه والكورال والتأليف الموسيقي في سورية.

وبينت أن المعاهد الموسيقية اليوم تقوم على الأساتذة السوريين الذين أهلّهم الخبراء الروس، موجهةً تحية لهم وللشعب الروسي لدعمه للشعب السوري في محنته وفي أوقات رخائه.

وأشارت إلى التعاون في مشروع عظيم هو إعادة بناء وترميم قوس النصر في تدمر الذي أفرد له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أحد المؤتمرات الدولية عشر دقائق كاملة من خطابه وقال إنه فخور بأن يشارك خبراء روس في إعادة بناء وترميم ما هدمه الإرهاب في تدمر، لافتة إلى أن قوس النصر رمز معماري وتاريخي مهم جداً بالنسبة للروس وهو موجود على أغلفة كتبهم لأنهم من قوس النصر استلهموا الأقواس التي زينت قصورهم وكاتدرائياتهم.

قيم روحية مشتركة

وقال في كلمته سفير روسيا الاتحادية في الجمهورية العربية السورية الكسندر يفيموف: «اليوم نحتفل بالذكرى الملموسة وهي الذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا وأهنئ من صميم قلبي الحضور بهذا العيد المشترك، فخلال هذه العقود الثمانية قطعنا شوطاً كبيراً كانت فيه الكثير من الاختبارات الصعبة والإنجازات الرائعة وكنا دائماً معاً وهذا سمح لنا بالتغلب على جميع الصعوبات وجعلنا أقوياء وأعطى بعداً استراتيجياً لعلاقاتنا».

وأضاف: «يوجد في اللغة الروسية مثل يقول إن الصديق عند الحاجة هو الصديق حقاً، إذ إن روسيا الاتحادية مثل الاتحاد السوفييتي سابقاً مستعدة دائماً لتقديم المساعدة للشعب السوري الشقيق في أثناء الأوقات الصعبة، وإن المكافحة المشتركة جنباً إلى جنب ضد الإرهاب الدولي في الأرض السورية خلال السنوات الماضية أكدت متانة علاقاتنا وساهمت في تعزيزها اللاحق».

وأكد أن العلاقات السورية- الروسية المتعددة الأبعاد مبنية على القيم الروحية المشتركة ومشاعر التعاطف العميق، فما يقربنا هو ثبات الهوية القومية وصمود الحضارة والثقافة.

وتابع: «اليوم نتشرف بحضور حفل الموسيقا الكلاسيكية الروسية تقدمها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية مع عازفين من روسيا، وأود أن أعرب عن الامتنان العميق لوزارة الثقافة في روسيا الاتحادية للمساعدة في تنظيم هذا الحفل، دعونا نستمتع بهذه الموسيقا الرائعة التي يؤديها الموسيقيون السوريون والروس والتي تحيي في ذاكرتنا اللحظات الجميلة للصداقة والتعاون بيننا خلال السنوات الماضية».

Exit mobile version