Site icon صحيفة الوطن

السوريون وموسوعة غينيس!

| عصام داري

من نعم اللـه علينا أن سورية دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية من خلال المطرب الراحل صباح فخري الذي غنى في عام 1968 في مدينة كاركاس بفنزويلا لمدة عشر ساعات متواصلة.

وهكذا حجزنا مكاننا في هذه الموسوعة من خلال عشقنا للغناء والطبل والزمر والرقص والدبيك، ولم يعد ينقصنا شيء والحمد لله.

لكن الموسوعة العالمية فاتها الكثير من الأرقام القياسية التي سجلها السوريون باقتدار وتفوق، ومن هذه الأرقام نذكر:

المواطن السوري يستطيع أن يعيش على راتب شهري لا يتعدى الثلاثمئة ألف ليرة في حين أنه يحتاج إلى ثلاثين أو أربعين مليون ليرة حسب الأرقام التي أوردها الفنان دريد لحام، ونحن نقول بتواضع إننا نقبل بثلاثة ملايين فقط لا غير!.

هذا المواطن سجل أرقاماً فلكية في الصبر وتحمل البلاء والغلاء وكثرة الأمراض وقلة الدواء، وهذا يعطيه شهادة تمكنه من دخول موسوعة غينيس بامتياز.

المواطن السوري سجل أرقاماً قياسية في طاعة الحكومة وقراراتها وإجراءاتها المتعلقة بفرض الضرائب المباشرة وغير المباشرة -والله يجيرنا من هذه غير المباشرة- فهي بلا حدود ولا مبررات.

من المهم لهذه الموسوعة المبجلة أن تعرف أن الأسرة السورية تستطيع تحمل برد الشتاء بفضل الحكومة التي تسمح لها بشراء خمسين لتراً سنوياً وبسعر مرتفع وربما أغلى من الدول النفطية نفسها.

على المواطن السوري أن «يدبر حاله» ويكتفي بأسطوانة غاز واحدة كل شهرين أو ثلاثة أشهر حسب تقديرات الجهات المعنية التي ترى أن أسطوانة الغاز تكفي لطبخ طعام الأسرة خلال فترة تتجاوز الشهرين، وطبعاً الجهات المختصة تفهم أكثر من المواطن وتقرر من طرف واحد ما يلزم ويكفي لهذا المواطن «النقاق».

المواطن السوري الذي يمتلك سيارة خاصة حصل عليها بعد سنوات من العمل والتعب والكفاح أن يقتنع بأن يبيع حصته من البنزين للسائقين أو للمحطات، ويعتمد في تنقله ومشاويره على المشي، لأن راتبه يكفي لتعبئة 25 لتراً شهرياً فقط، فكيف يتم حل هذه المعادلة الصعبة؟

تذكرت نكتة تعرفونها جيداً تقول: إن رجلاً أرسل لزوجته كيلو من اللحم لتعد الطعام، ولكنها طبخته لحبيبها، وعندما عاد الزوج سأل زوجته عن الطعام فقالت: إن القط أكل اللحمة، فأخذ القط ووضعه في الميزان فكان وزنه كيلو واحداً، فقال لها: إذا كان هو القط فأين اللحم وإذا كان هذا اللحم فأين القط؟ فالراتب هو القط، ويحتمل أن يكون اللحم.

على القائمين على موسوعة غينيس أن يشكلوا وفداً متخصصاً باللامعقول وإرساله إلى سورية لدراسة أوضاعنا عن قرب ومنحنا عشرات الأرقام القياسية، ومنحنا ربطة خبز مع كل رقم قياسي، وبهذا نقضي على أزمة الخبز التي تحولت إلى باب للرزق لأطفال الخبز من جهة، وإلى مشكلة كبرى للمواطن الذي عليه أن يقف بالدور للحصول على ربطة أو ربطتين، ويسأل هذا الموطن نفسه: كيف أعجز عن تأمين ربطة خبز واحدة في حين يحصل الباعة على عشرات الربطات التي يصل ثمنها في السوق السوداء إلى أضعاف سعرها الحقيقي؟

وكل ما نتمناه أن تشعر موسوعة غينيس بمعاناتنا، وأن تكتشف الأرقام القياسية التي سجلها السوريون ولم يسبقهم إليها أحد وتمنحنا جوائز الصبر والحرمان!.

Exit mobile version