Site icon صحيفة الوطن

الفتيات يتنازلن عن شروطهن… رجل «رحمة» ولو «فحمة»

| ميليا عبد اللطيف

بعد أن حصدت الحرب الدائرة على الأرض السورية مئات الآلاف من أرواح الشباب، وبعد أن بات عدد الإناث يفوق الذكور، تبدأ الفتاة الراغبة بالزواج بتغيير أحلامها وطموحاتها، من مهور غالية- سيارة آخر موديل أو بيت من الطراز الحديث… أو حتى التغيير بشروط مواصفات شريك حياتها من مظهر حسن، ووجه وسيم، ومكانة اجتماعية تتباهى به أمام الأصدقاء والأقارب، إلى شخص أقل بكثير من المستوى المطلوب جمالياً وتعليما، لتجد نفسها أنها ترضى بما هو موجود بأقل المواصفات وأدناها.
إذا كيف غيرت الحرب معادلة شروط الزواج، لدى أغلب الفتيات عما كنّ عليها قبل الأزمة؟ وما تأثير ذلك على تركيبة المجتمع المحلي حالياً أو على المدى البعيد؟
«الوطن» استعرضت آراء بعض الشابات ممن عشن هذه التجربة، وفيما إذا كان التنازل بالشروط يحقق لهن سعادة حقيقية أم هو خوف من أن يطلق قطار الزواج صفارة إنذاره لكن هذه المرة بلا عودة.

أصغر بعشر سنوات
(هبة) 37 عاماً تقول إنها تزوجت بشاب يصغرها بعشر سنوات، بعد أن شعرت أنها قد تكون فرصتها الأخيرة بالزواج وذلك بسبب تناقص أعداد الرجال نتيجة الحرب، وربما قد لا تجد الشريك الذي يناسبها سناً، حيث رضخت لهذا الزواج، مشيرة إلى أنها وإلى الآن وبعد مضي أكثر من سنة على زواجها لم تشعر بمشكلة الفارق العمري بينهما، إلا أنها لا تضمن حدوث أي مشكلة مستقبلاً، فالحصول على عريس في ظل الظروف الصعبة من وجهة نظرها أصبح قليلاً.
أما (نادين) فتقول إنها كانت تحلم بالزواج من شاب وسيم، وتمنت مراراً وتكراراً بأن تتربع كملكة على عرش قفصها الذهبي، بحيث تكون الزوجة والحبيبة الأولى والأخيرة لشريك حياتها، مشيرة إلى أنها لم تتخيل يوماً غير ذلك، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن فبعد مرور سنوات الأزمة وانخفاض أعداد الرجال بطريقة أو بأخرى ، فجأة وجدت نفسها أنها الزوجة الثانية لرجل أقل من طموحاتها بكثير.

رحمة ولو كان فحمة
بدورها (هالة) أكدت أن وجود الرجل رحمة ولو كان فحمة لذلك قبلت بزواج من رجل بلا شهادة علمية عالية ويصغرها بسبع سنوات، علما أنها تحمل الماجستير، مضيفة أنها وبعد أن وصلت إلى عمر معين وقلت الفرص أمامها وخوفاً من أن يفوتها قطار الزوجية، تنازلت عن شروط كثيرة، لأنها كما تقول إن وجود شخص يشاركها أفراحها وأتراحها ويبعدها عن عالم الوحدة التي تعيشها أمر ضروري جداً، مؤكدة أنها ليست سعيدة كما تمنت أو حلمت لكن يبقى أفضل بكثير من شبح العنوسة.

الأوفر حظاً
بينما هبة كانت الأوفر حظاً حيث ارتبطت بشاب جميل مناسب يوازيها سناً وعلماً، لكن تبقى حسرة في قلبها أنها لم تتزين كعروس، أو تلبس الذهب وإنما اكتفت بخاتم من فضة في ظل أوضاع شريكها المادية السيئة، لكنها مع ذلك تعيش بسعادة، لافتة إلى أن الحالة المادية لا تعنينها عند وجود شريك ويكون سندا لها في حياتها.

رأي علم الاجتماع
للاختصاصيين في علم الاجتماع رأيهم في هذا الموضوع حيث أكد أكرم القش دكتور علم الاجتماع وعميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية أنه خلال الأزمات الحربية وغيرها التي تستمر لفترة طويلة كالحرب الحالية التي تعيشها سورية- يبدأ المجتمع بتغيير إستراتيجيات التأقلم، فالزواج مثله مثل أي خيار آخر، لافتاً إلى أن بعض الخيارات قد تكون للأسوأ، منها التنازل عن مواصفات معيارية للشريك مثل الدخل- الشهادة العلمية، قبول الفتاة أن تكون الزوجة الثانية كلها خيارات فردية قد يكون الفرد ضد هذا الخيار لكن يأخذه من أجل التأقلم مع الظروف وقد لا تكون ايجابية تناسب مستوى الفرد، في حين على المستوى الكلي نتيجة ظروف وضغوط قد يراه تناسب خياراته بشكل مؤقت، لكن يتبين العكس تماما فيما بعد، مثلا خيار تعدد الزوجات يثير تشتت الأسرة، والسؤال هل يستطيع الزوج أن يخلق توازناً بين السلبيات والايجابيات، مشيراً إلى أنه على الزوج أن يأخذ الحالة الاقتصادية والمعيشية ضمن حساباته.
وأضاف القش: من الناحيتين الفيزيولوجية والاجتماعية لا تكون مشكلة في الوقت الحالي لكنها سوف تأخذ خيارات وأشكالاً مختلفة مستقبلاً- التوازن بين الزوجين من الناحية الفكرية، الفارق العمري حتى العشر سنوات مشكلة لدى الزوجين لكن من المتعارف أنها إذا كانت لمصلحة الزوج يكون أمراً طبيعياً، أما لمصلحة الزوجة سيخلق مشكلة لديها، ، لأنه عملياً الزوجة طويلة الأجل أكثر من الرجل من 2-4 سنوات، فكيف إذا تزوجت برجل تكبره بعشر سنوات ما يعني أنها سوف تمضي نحو 15 سنة من حياتها من دون رجل وهنا نتكلم على المدى البعيد، أما بالنسبة للزوج فسيتوج زواجه بزواج آخر مستقبلاً، مشيراً إلى أنه فيزيولوجيا كل أسلوب له خيارات إيجابية وسلبية لذلك لا نستطيع أن نقول لهذا للفرد أن هذا الخيار صحيح أم لا وذلك لأنه مرتبط مع الظروف، أما بالنسبة للفارق العمري قد تلجأ الفتاة لحل مشكلتها وتقبل بزواج بأصغر منها خوفا من العنوسة، ولكن هل سيكون هناك توافق بينهما مستقبلا، من هنا نقول إن بعض خيارات الفرد في ظل الظروف الحالية تحل مشكل مؤقتة، لتقع في مشكلة أخرى دائمة، لأن للحياة ظروفها واستمراريتها.

Exit mobile version