Site icon صحيفة الوطن

«إيكيجاي».. اليابانيون وأسباب حياتهم الطويلة

| هبة اللـه الغلاييني

ما الإيكيجاي؟

إنه مصطلح ياباني يعني «سعادة الانشغال الدائم». هو يشبه العلاج بالمعنى، لكنه يتوغل فيما هو أعمق، ويبدو أن هناك طريقة واحدة لتفسير طول العمر الاستثنائي لليابانيين، وخاصة في جزيرة أوكيناوا، حيث يعيش 2455 شخصاً من كل 100000 نسمة إلى ما فوق المئة عام، أي أكثر بكثير من المتوسط العالمي.

لقد تبين أن أحد أسرار سعادة سكان أوجيمي (المعمرين) هو الشعور بأنهم جزء من المجتمع، حيث إنهم منذ سن مبكرة يمارسون اليومارو، أي العمل الجماعي، وبالتالي فإنهم معتادون مساعدة بعضهم بعضاً.

إن تقدير الصداقة، وتناول الأطعمة الصحية، والحصول على ما يكفي من الراحة، وممارسة التمرينات باعتدال، كل ذلك يشكل جزءاً من معادلة الصحة السليمة، ولكنها هي أساس حياة هؤلاء المعمرين للحفاظ على أعمارهم والامتنان لكل يوم جديد.

وفقاً لليابانيين، فإن كل شخص لديه إيكيجاي، وهي الكلمة التي يمكن أن نترجمها إلى سبب الوجود. بعضهم وجد إيكيجاي الخاص به، على حين لا يزال الباقي يبحثون عنه، برغم أنهم يحملونه بداخلهم.

إن طاقة إيكيجاي مخبأة داخل أعماقنا جميعاً، لكن العثور عليها يتطلب بحثاً متأنياً.

ووفقاً لأولئك الذين ولدوا في أوكيناوا، تلك الجزيرة ذات العدد الأكبر من المعمرين في العالم، فإن إيكيجاي هو السبب في استيقاظنا في الصباح.

إن وجود إيكيجاي محدد وواضح يجلب الرضا والسعادة والمعنى لحياتنا. والغرض من هذا المقال هو مساعدتك في العثور على إيكيجاي الخاص بك، وتعريفك على أفكار من الفلسفة اليابانية تتمحور حول الصحة الدائمة للجسم والعقل والروح.

من الأشياء المدهشة التي يلاحظها من يعيش في اليابان هو استمرار السكان النشيطين في نشاطهم بعد مساعدتهم في الواقع، العديد من اليابانيين لا يتقاعدون أبداً، بل يستمرون في فعل ما يحبون مادامت صحتهم تسمح بذلك.

كثرة الجلوس تجعلك تشيخ

إن قضاء الكثير من الوقت جالساً في المنزل، أو في العمل، لا يقلل من اللياقة العضلية والتنفسية فحسب، بل يزيد الشهية ويحد من الرغبة في المشاركة في الأنشطة، لذا يمكن أن يؤدي العمل المكتبي إلى ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وهشاشة العظام، وتناول الطعام بصورة غير متوازنة، وأحياناً الإصابة بأنواع معينة من السرطان. وقد أظهرت الدراسات الحديثة وجود صلة بين قلة النشاط البدني والتطور التدريجي للتيلوميرات في جهاز المناعة، ما يجعل الخلايا تشيخ، وبالتبعية يشيخ صاحبها.

تقع هذه المشكلة في جميع مراحل الحياة، وليس فقط لدى البالغين. فيعاني الأطفال الذين يكثرون من الجلوس ارتفاع معدلات البدانة، وكل ما يرتبط بها من مشكلات ومخاطر صحية، وهذا يؤكد أهمية السير على نمط صحي ونشط منذ سن مبكرة.

من السهل أن تقلل من فترات جلوسك، حيث يستغرق الأمر قليلاً من الجهد وبعض التغييرات في روتين حياتك. يمكننا الوصول إلى نمط حياة أكثر نشاطا يجعلنا نشعر بالراحة من الداخل والخارج – كل ما علينا هو إضافة بعض العناصر إلى عاداتنا اليومية:

– الذهاب إلى العمل سيراً، أو الذهاب في نزهة يومية لمدة عشرين دقيقة على الأقل.

– استخدام قدميك بدلاً من المصعد أو السلم الكهربائي. هذا سيفيد عظامك وعضلاتك وجهازك التنفسي، وأجواء أخرى من جسمك.

– المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والترفيهية حيث لا نقضي الكثير من الوقت أمام التلفاز.

– استبدال الفاكهة بدلاً من الطعام غير الصحي. هذا سيقوي رغبتك في تناول وجبات خفيفة، ويمدك بالمزيد من العناصر الغذائية.

– الحصول على القدر المناسب من النوم. من سبع إلى تسع ساعات، مفيد، والأكثر من ذلك سيصيبنا بالبلادة والكسل.

– اللعب مع الأطفال أو الحيوانات الأليفة، أو الانضمام إلى فريق رياضي هذا لا يقوي الجسم فحسب، بل يحفز العقل ويعزز تقدير الذات.

– دراسة روتينك اليومي دراسة واعية لاكتشاف العادات الضارة، واستخدامها بعادات أكثر إيجابية منها.

سرّ البشرة النضرة

رغم أننا نشيخ خارجياً وداخلياً، جسدياً وذهنياً، فإن أحد أهم أجزاء الجسم التي تدل على كبر السن هي البشرة، حيث تتخذ العديد من الأشكال والألوان وفقاً للعمليات الجارية تحت سطح الجلد. تذكر معظم العارضات أنهن ينمن من تسع إلى عشر ساعات في الليلة التي تسبق العرض. هذا يجعل مظهرك مشدوداً وخالياً من التجاعيد، ويجعل بشرتك صحية ومتوهجة.

لقد أظهر العلم أن النوم أداة رئيسية لمحاربة الشيخوخة، لأننا عندما ننام ننتج الميلاتونين، وهو هرمون موجود بشكل طبيعي في أجسامنا؛ حيث تنتجه الغدة الصنوبرية من ناقل السيروتونين العصبي وفقا لإيقاعاتنا الليلية والنهارية، ويلعب دوراً مهما في دورة النوم والاستيقاظ.

باعتباره مضاد أكسدة قوياً، يساعدنا الميلاتونين على العيش لفترة أطول، ويمدنا بالفوائد التالية:

– يقوي جهاز المناعة

– يحتوي على عنصر يحمي من السرطان

– يحفز الإنتاج الطبيعي للأنسولين

– يبطئ ظهور مرض الزهايمر

– يساعد في القضاء على هشاشة العظام ومكافحة أمراض القلب

لكل هذه الأسباب، يعتبر الميلاتونين حليفاً كبيراً في الحفاظ على الشباب. وتجدر الإشارة إلى أن إنتاج الميلاتونين يتناقص بعد سن الثلاثين، ولكن يمكننا تعويض هذا عن طريق:

– تناول غذاء متوازن والحصول على مزيد من الكالسيوم.

– التعرض إلى كمية معتدلة من الشمس كل يوم.

– الحصول على ما يكفي من النوم.

– تجنب التوتر والكحول والتبغ والكافيين، والتي كلها تصعب الحصول على ليلة نوم هانئة، ما يحرمنا من الميلاتونين الذي نحتاج إليه.

يحاول الخبراء تحديد ما إذا كان تحفيز إنتاج الميلاتونين بشكل اصطناعي يساعد في إبطاء عملية الشيخوخة…. ما يؤكد النظرية القائلة إننا نحمل سر طول العمر في داخلنا بالفعل.

Exit mobile version