Site icon صحيفة الوطن

احتراق خيارات نتنياهو على الأرض

| تحسين حلبي

بعد عشرة أشهر على العجز والهزيمة الإسرائيلية على جبهتين، من الجنوب قطاع غزة، ومن الشمال جنوب لبنان، وجد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو نفسه أمام واحد من الخيارات التالية:

أولها، التهديد بشن حرب شاملة على المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان وهو الذي يعرف جيداً أن جيشه لم يعد يقوى بعد عشرة أشهر على حرب الاستنزاف التي تشن عليه من عدة جبهات على الاستمرار، وخاصة بعد أن دب الإرهاق والخوف بين صفوف 370 ألفاً من جنود الاحتياط الذين قتل منهم أكثر من ثلاثة آلاف بموجب تقديرات إسرائيلية، وأصيب منهم أكثر من ستين ألفاً باعتراف المؤسسة الإسرائيلية للعناية بجرحى الحرب والمصابين بالصدمات النفسية، فعند مقتل ثمانية جنود في دبابة النمر الإسرائيلية قبل أسبوعين، تبين أن خسارة الثمانية ولّدت ظاهرة رفض فيها 80 جندياً الصعود إلى هذه الدبابات، وربما أصابت هذه الخسارة البشرية 800 جندي بالصدمة النفسية، فخرجوا من الميدان القتالي بحجة العلاج النفسي الذي يستغرق عادة بين أكثر من ثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر، وبالإضافة إلى ذلك وجد قادة جيش الاحتلال أنهم إذا كانوا قد عرفوا قدرة الصواريخ والمسيرات التي استخدمها حزب اللـه بعملياته العسكرية المباشرة على مواقع وثكنات الجيش طوال عشرة أشهر، فإنهم لم يتمكنوا حتى الآن من معرفة ما يخبئه لهم حزب اللـه من مفاجآت من صواريخه ومسيراته التي لم تستخدم بعد، ولذلك قد يكلف هذا الخيار ثمناً باهظاً للكيان الإسرائيلي لأن جبهة الشمال قد تمتد من جنوب لبنان فتصل إلى ما هو أبعد بكثير، وقد تطول إلى زمن لا تضمن إسرائيل أن يتحمله الجيش والمستوطنون المهجرون من مستوطناتهم بسبب خوفهم من الموت فيها، ولأن واشنطن صاحبة القرار في أي حرب إسرائيلية لا تثق كثيراً بقدرة إسرائيل على تحمل حرب كهذه بعد أن تبين علناً وجود نقص حاد في عدد القوة البشرية العسكرية الإسرائيلية المؤهلة بعد الانهيار الذي أصاب أفراد الجيش منذ السابع من تشرين الأول الماضي، فواشنطن سيكون من الصعب عليها نشر قوات أميركية للمشاركة مباشرة لحماية جيش الاحتلال، وسيكون هذا الإجراء غير مسبوق وسينطوي على أخطار تدخل إيراني وسوري عسكري مباشر بل وروسي في ساحة حرب كهذه، ولهذه الأسباب الموضوعية يصبح خيار الحرب الشاملة على الشمال في أدنى الاحتمالات.

ثانيها، أنه وأمام انسداد طريق الحرب الشاملة على جبهة جنوب لبنان، فإن الخيار هو بقاء الوضع الراهن للمواجهة بين حزب اللـه وجيش الاحتلال بانتظار أن تفرض واشنطن على نتنياهو تنفيذ مبادرتها لتبادل الأسرى وإيقاف النار في القطاع، فيتوقف إطلاق النار من جنوب لبنان لأن حزب اللـه يتولى بمجابهته القتالية إسناد الجبهة الفلسطينية في قطاع غزة، فإن توقفت فسوف يتوقف كما أعلن، وهذا الخيار لا يفضله نتنياهو لأنه يعرضه مع حكومته إلى حل الحكومة وخسارة رئاسته وربما محاكمته داخل الكيان.

ثالثها، وجد نتنياهو أن لديه خياراً آخر هو إشعال فتيل فتنة في الجبهة الداخلية اللبنانية لحزب اللـه والمنطقة والمراهنة على دورها في إضعاف حزب الله، ولذلك قام نتنياهو بتفجير الملعب في قرية مجدل شمس في الجولان المحتل ليزعم أن صاروخاً من حزب اللـه هو الذي فجر الملعب وتسبب بسقوط الضحايا، وأنه سيرد على حزب اللـه بتصعيد الحرب على لبنان، لكن هذا الخيار احترقت أوراقه بمجرد تنفيذه على يد نتنياهو، فقد بقيت جبهة لبنان الداخلية وجبهة الجولان التي وقع فيها تفجير نتنياهو، على وضعهما السائد طوال عشرة أشهر وتأييدهما للمقاومة والتنديد بنتنياهو قاتل الأطفال يومياً أمام العالم أجمع والمدان كمجرم حرب في محكمة الجنايات الدولية، ففي هذه الجريمة التي ارتكبها يدرك نتنياهو أن الجولان تحتله قواته ولن يسمح لأحد بالكشف عن جريمته في الملعب، وهو الذي قتل إسرائيليين من الأسرى بحجة إنقاذهم ولم يعترف بذلك برغم وجود الأدلة في قيادة الجيش ولدى عائلات القتلى، وهذا ما جعله يرفض تشكيل لجنة تحقيق حول هؤلاء القتلى من الإسرائيليين.

في النهاية سيدرك نتنياهو أن صمود السوريين في الجولان المحتل ومقاومتهم للاحتلال ولكل المخططات الإسرائيلية لسلب أراضيهم، ورفضهم للهوية الإسرائيلية طوال أكثر من خمسين عاماً، هي الذخيرة والسيوف التي يقاتلون فيها الاحتلال ويحبطون بوساطتها أي مخطط جديد لهذا الاحتلال الذي قتل أكثر من ثلاثين ألفاً من أطفال فلسطين في قطاع غزة.

Exit mobile version