Site icon صحيفة الوطن

التمرد على المقدس

| عبد الفتاح العوض

التمرد على المقدس ربما يكون مشروعاً بل مطلوباً لكن الإساءة له غير مشروع أبداً.

ما حدث في أولمبياد باريس ولوحة «العشاء الأخير» ليس تمرداً على المقدس بل هو إساءة له.. والواقع الذي نعيشه الآن تدنيس المقدس وتحويل المدنس إلى مقدس.

مقاربة ظاهرة الانهيار الأخلاقي في العالم تحتاج إلى مناقشة هادئة وعلمية:

هل هذا الانحدار تراكمي بحيث تنقص المبادئ كل يوم وغداً أسوأ من اليوم؟

أم إنه يتم العمل على مشروع منظم لعالم بلا قيم مشروع اللامبادئ وكل ما يدعو إليها سواء في الأديان أو في ثقافات الشعوب وحضارتهم.

أم إنها واحدة من ظواهر انهيار الأمم وواحدة من الإشارات على قرب اندثارها؟

قبل المحاولة للإجابة عن مثل هذه الأسئلة علينا أن ندرك أننا لا نناقش قضية من ذوات الترف الفكري فهذا العالم أصبح جزءاً من ثقافة أطفالنا وشبابنا وإغراء التمرد على المقدس يجتاح حياتنا بطريقة غريبة ومن الواضح أننا لا نملك حصانة الابتعاد عنه أو مقاومته أو حتى معالجته.

العقود الأخيرة شهدت تمرداً ليس على المقدس فقط بل تمردت على الطبيعي لمصلحة الشاذ والغريب.. ومن الواضح أن ما كان يعتبر حالات نادرة يراد له أن يصبح هو العام والسائد.. وما كان غريباً يراد له أن يكون مألوفاً.

عندما ناقش علماء الاجتماع مفهوم التمرد على المقدس جاء في سياق عام يشكل في جوهره تمرداً على السلطة وبالتحديد السلطة الدينية.. وفعلاً نجح التمرد في الغرب لكن لم يتم الانتقال إلى الإساءة للأديان بهذه الصورة إلا في العقود الأخيرة.. وفي باريس جرت الإساءة للرسول محمد صلى اللـه عليه وسلم واليوم حدثت الإساءة للسيد المسيح عليه السلام والفارق أنه تم الاعتذار عن الإساءة في أولمبياد باريس لكن الإساءة السابقة للرسول بقيت تحت عنوان حرية التعبير!!.

لو عدنا للسؤال فيما إن كان الانحدار الأخلاقي والإساءة للمقدس يأتيان ضمن سياق تاريخي أو إنهما في سياق مشروع منظم له قادته وله غاياته فإن الإجابة ستأخذنا إلى حقيقة ندركها أن الحضارات تنتهي عندما ينتشر طاعون قاتل القيم.

وعندما يبدأ تدنيس المقدس عندها فإن التشقق الذي يحدث في المجتمع سرعان ما يعلن عن نفسه.

أنهي بما بدأت التمرد على المقدس بالمناقشة وإعادة النظر والتدقيق وقراءته في سياقه الزمني أحد الأمور المرغوبة في المجتمعات الحية لكن الإساءة للمقدس لا تتم إلا في المجتمعات التائهة.

الأنبياء لديهم مقولة اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.

ماذا يقولون عندما تكون أقوامهم يعلمون ويعلمون!

أقوال:

• الشيء الذي هو أسوأ من التمرد هو الشيء الذي يؤدي إلى التمرد. – فريدريك دوغلاس

• عوامل الكبت تخلق في الإنسان روح التمرد والانفعال والثورة على ناموس الحياة مما يؤدي به إلى الانهيار التام فالانتحار. – سيغموند فرويد.

• الشيء الأكثر إزعاجاً في الحياة هو أن الشخص الصادق يخسر دائماً في صراع الكلمات، لأنه مقيد بالحقيقة، على حين الشخص الكاذب يمكنه أن يقول أي شيء.

Exit mobile version