Site icon صحيفة الوطن

الغلّ القاتل!

| فراس عزيز ديب

يُقال إن الغلّ يقتل صاحبه، سنستعير من هذه العبارة الجميلة لنقول إن الغل يضيع المجد على صاحبه وقد يضيع الذهب.

قبل عامين بالضبط وفي مناسبةٍ دعا إليها أحد مراكز تطوير المواهب الكروية والتسويق لها كنت التقيت أحد مدربي الفئات العمرية لنادي «أفوين» الفرنسي وهو ناد صغير يحمل اسم بلدة صغيرة تقع في مقاطعة الوسط الفرنسية وتستمد شهرتها من وجود أحد أكبر المفاعلات النووية الفرنسية المختصة بتوليد الطاقة الكهربائية، يومها استطردنا بالحديث لأفهم منه أن النادي يمتلك موهبة عظيمة في الجمباز اسمها كيليا نمور ينتظرها وينتظر فرنسا معها مستقبل عظيم، فمازحته قائلاً:

هل تمتلك جذوراً سورية لأن هذه الكنية توجد في سورية ولبنان وحتى فلسطين؟ فأجابني إن والدها جزائري.

قبل بداية الألعاب الأولمبية بأشهر بدأت قصة كيليا

تتفاعل في الإعلام الرياضي الفرنسي بعد أن تم رفض استدعائها من المنتخب الفرنسي، (بعكس ما يُشاع بأنها هي من رفضت تمثيل فرنسا وفضلت الجزائر)، هذا القرار لم يكن قراراً فنياً، بل كان قراراً طبياً حيث تعرضت للإصابة فقرر الطبيب المسؤول أنها غير مؤهلة للمشاركة، وستكون عالة على المنتخب، أحد المقربين من النادي الذي تكونت فيه أكد أن الطبيب أخذ قراره بشكل متسرع هدفه إقصائي لا أكثر، من دون حتى أن يقوم بالفحص اللازم بشكل متأن، حاول كثر تعديل قرار الطبيب لكنه أصر على تقريره.

في هذه الأثناء، وبحيويةٍ إدارية متكاملة تلقفت الهيئة الرياضية في الجزائر الشقيقة هذه الأخبار وأعطت الضوء الأخضر لكيليا لكي تمثل الجزائر لكونها تحمل الجنسية الجزائرية من جهة والدها، كان قرار الطرفين صائباً تحديداً أن الموهبة التي أصبحت نجمة لم تبلغ الثامنة عشرة بعد، وهو ما يراه خبراء مراكز رعاية المواهب أنه العمر المثالي للاعب الجمباز لكي يكون في القمة وكان لهم ما أرادوا، لتحصد النجمة ومعها الجزائر أول ميدالية في الجمباز بتاريخ إفريقيا والعرب ولتترك مسؤولي الرياضة في فرنسا يتخبطون ويتقاذفون الاتهامات حول ضياع هذه النجمة، أحد المعلقين الفرنسيين قال ساخراً بعد حصدها للذهب:

على الرئيس الجزائري أن يكرمِّ كيليا ويكرم ذاك (..) الذي أقر بعدم أهليتها.

قصة كيليا تعطينا دروساً عدة، أولها النظرة الثاقبة لمن يترقب المواهب والحيوية الإدارية في اتخاذ القرارات لا انتظار قرارات اللجان وما شابه، كذلك الأمر عدم اليأس من سقوطٍ ما والعمل باتجاهٍ معاكس لما نظنه منجاة لنا، والأهم عدم إعطاء الحق بقرارات مصيرية كهذه لأشخاص يعانون أمراضاً أهمها العنصرية القميئة، ختاماً فإن أحد أعظم الدروس المستفادة من هذا التخبط الرياضي هو ما ينطبق عليه المثل الشعبي القائل:

اللي بشوف مصيبة غيرو.. بتهون عليه مصيبتو!

مبارك للجزائر الحبيبة هذه الميدالية التاريخية.

Exit mobile version