| خالد عرنوس
بعد آلاف الدقائق من اللعب والمنافسات انتهى أكبر تجمع رياضي على وجه البسيطة في العاصمة الفرنسية باريس المتمثل بدورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي حملت الرقم 30 على أن يكون الموعد القادم في مثل هذه الأيام بعد أربع سنوات 2028 في مدينة لوس أنجلوس الأميركية، وبانتظار ذلك الموعد ستبقى النسخة الفرنسية من الألعاب التي عادت إلى باريس بعد مئة عام مملوءة بالذكريات والأحداث والأرقام واللحظات المثيرة التي توزعت بين استمتاع ونشوة الفوز وكذلك حسرة الخسارة ولم تخل كعادة الأحداث الرياضية العالمية الكبيرة من بعض اللقطات التي تدخل في باب التسلية والضحك، ولم تكن الدورة مثالية كما لاحظ المتابعون فقد شابتها أخطاء في التنظيم والأمور المرافقة من خدمات حتى وصلت إلى بعض الاعتراضات حول نتائج بعض الألعاب وخاصة تلك التي تخضع نتائجها إلى تقديرات لجان التحكيم، في السطور التالية نحاول أن نجرد حصاد دورة باريس 2024 ومع بعض الأرقام والنجوم.
صراع اللحظات الأخيرة
منذ بداية الألعاب ظهر أن الصين التي حصلت على المركز الثاني عازمة على مزاحمة الأميركان على الصدارة كما حدث في طوكيو 2020 عندما أنهى أبناء العم سام الدورة بـ39 ذهبية مقابل 38 للصين ليتوجوا (نظرياً) ببطولتها، وفي باريس كان السباق محموماً بين القوتين العظميين (رياضياً) فتناوبتا على القمة منذ اليوم الثامن علماً أن الأسبوع الأول شهد تنافساً مثيراً بين ثلاثي القارة الصفراء (الصين وكوريا الجنوبية واليابان) ومعها أستراليا وفرنسا وبريطانيا، ومع اليوم الثامن عادت أميركا لتزاحم الصين، يوم لهذه وآخر لتلك حتى إن الصدارة تبدلت في يوم واحد أكثر من مرة، ووصلت المنافسة إلى اليوم الأخير لتتعادلا بعدد الميداليات الذهبية مع الثواني الأخيرة من آخر الفعاليات لتتصدر الولايات المتحدة الترتيب النهائي يفضل تفوقها بعدد الميداليات الإجمالي وبالطبع منها الفضيات.
فقبل نهائي كرة السلة للسيدات كانت الصين تتقدم بفارق ذهبية وينبغي لسيدات أميركا لتستعيد بلادهن القمة وحتى 4 دقائق و35 ثانية قبل نهاية الشوط الرابع كان التقدم لبنات فرنسا وذلك للمرة الأخيرة وعليه فقد انتزعت بنات العم سام الفوز والذهبية المطلوبة التي رجحت كفة بلادهم في الصراع على صدارة الدورة.
ألعاب الحسم
من أصل 329 ميدالية ذهبية حصد رياضيو أميركا والصين 80 ذهبية أي ربع العدد الإجمالي تقريباً، وإذا دخلنا بالتفاصيل نجد أن الأميركان سيطروا كالعادة على مسابقات أم الألعاب (ألعاب القوى) حيث نالوا أكثر من ربع الذهبيات المخصصة لها (14 ذهبية) من أصل 48 ميدالية مقابل ذهبية واحدة فقط للصين، ولم يختلف الأمر كثيراً في سباقات السباحة مع فارق أن أميركا نالت 8 ذهبيات مقابل اثنتين للصين، وسيطر الصينيون على السباحة الإيقاعية فتوجوا بذهبيتي هذه اللعبة، ومثل ذلك في الغطس حيث حصدوا ذهبيات الغطس الثماني كاملة.
وفي الجمباز كانت الكفتان متساويتان تماماً حيث نال كل من البلدين ثلاث ذهبيات ومثلهما اليابان، وغاب البلدان عن ذهبيات الفروسية والتجديف وأميركا عن الملاكمة فيما نالت الصين ثلاث ذهبيات مقابل 5 لأوزبكستان وفي الدراجات كانت الغلبة لأميركا بذهبيتين مقابل واحدة للصين، وتفوقت الأخيرة بالرماية بواقع 5 ذهبيات مقابل واحدة، وبالرصيد ذاته في رفع الأثقال، وفي المصارعة كان التفوق يابانياً ونالت أميركا ذهبيتين دون مقابل للصين، وفيما يلي بعض الإشارات حول ذهبيات أميركا والصين.
– بلغ عدد الرياضيين الأميركيين 592 (278 لاعباً و314 لاعبة) وشارك هؤلاء في 34 لعبة رياضية، وقد نالت الإناث 26 ذهبية مقابل النصف للذكور وذهبية واحدة للمختلط، بلغ عدد رياضيي الصين في الدورة 388 لاعباً ولاعبة (131 من الذكور و257 من الإناث) وشاركوا في 33 لعبة ونالت السيدات 20 ذهبية مقابل 17 للرجال و3 ذهبيات للمختلط.
– حصل الصينيون على ذهبية واحدة على الأقل في كل أيام الدورة على حين غاب الأميركيون عن التتويج في اليومين الثالث والسابع من الدورة.
– في اليوم التاسع والعاشر والخامس عشر من المنافسات توج الأميركان بخمس ذهبيات بينما كان اليوم الخامس عشر الأفضل للصينيين حيث نالوا 6 ذهبيات.
– توج عشرة لاعبين صينيين بذهبيتين على حين نالت السباحة الأميركية توري هيسكي 3 ذهبيات والجمبازية سيمون بايلز 3 ذهبيات والعداءة غابي توماس كذلك 3 ذهبيات.
– على الصعيد التاريخي تصدرت أميركا الألعاب بواقع 2755 ميدالية متنوعة (1101 ذهبية، 874 فضية، 780 برونزية)، يليها الاتحاد السوفييتي بـ917 ميدالية متنوعة (395 ذهبية، 226 فضية، 296 برونزية) ثم الصين بـ724 ميدالية (303 ذهبيات، 226 فضية، 195 برونزية).
– 92 دولة احتلت مكاناً على لائحة الميداليات ومنها 63 دولة نالت ذهبية واحدة على الأقل.
عرب على الهامش
كعادة المشاركة العربية في الدورات الأولمبية وعلى الرغم من التفاؤل الكبير في حصاد تاريخي للميداليات البراقة إلا أن الحصيلة كانت قليلة ولم يكن هناك جديد يذكر من جهة الأرقام فتراجع العدد إلى 17 ميدالية بعد 18 ميدالية كانت حصيلة العرب في طوكيو 2020 والذي كان الرقم الأعلى في تاريخ الأولمبياد، إلا أن عدد الذهبيات في فرنسا 2024 كان الأعلى بتاريخ المشاركات العربية في دورة واحدة حيث بلغت 7 من المعدن الثمين مقابل 5 في الدورة السابقة، والجديد أن اثنتين منها كانتا للمرة الأولى في ألعاب لم يكن العرب مبرزين فيها ونقصد هناك ذهبيتا الجزائر بالملاكمة النسائية بوزن 66 كغ عبر إيمان خليف وكذلك زميلتها الجمبازية قايليا نيمور التي توجت بطلة، ونالت البحرين ذهبيتين، الأولى من نصيب العداءة وينفرد يافي بطلة لسباق 3 آلاف متر موانع والرائع أنها سجلت رقماً قياسياً أولمبياً جديداً بزمن وقدره (9 دقائق و15 ثانية و11 جزءاً من الثانية)، والمفاجأة كانت بفوز زميلها المصارع أحمد تاج الدين بذهبية الملاكمة لوزن 97 كغ، وتوج التونسي فراس القطوسي بطلاً لوزن 80 كغ في لعبة التايكواندو، وحافظ العداء المغربي سفيان البقالي على ذهبية سباق 3 آلاف متر موانع، أما الذهبية السابعة فكانت من نصيب المصري أحمد الجندي الذي سجل رقماً قياسياً في لعبة الخماسي الحديث مسجلاً 1555 نقطة فأهدى الذهبية الوحيدة لبلاده.
الفضيات كانت من نصيب زيد مصطفى من الأردن في التايكواندو بوزن 68 كغ وفارس الفرجاني بلعبة المبارزة والعداءة سلمى عبد الناصر في سباق 400 متر، والمصرية سارة سمير برفع الأثقال لوزن 81 كغ، أما البرونزيات فنالها اللاعب القطري معتز برشم بالقفز العالي، والعداء الجزائري جمال سجاني في سباق 800 متر، والمصري محمد السيد بالمبارزة، ومحمد الجندوبي بالتايكواندو بوزن 58 كغ، والمصارع البحريني بوزن 102 كغ، ومنتخب المغرب لكرة القدم وهي الميدالية الأولى للعرب في هذه اللعبة.
الميداليات العربية
1- البحرين: 15 لاعباً ولاعبة 4 ميداليات، ذهبيتان وفضية وبرونزية.
2- الجزائر: 46 لاعباً ولاعبة، 3 ميداليات، ذهبيتان وبرونزية.
3- تونس: 27 لاعباً ولاعبة، 3 ميداليات، ذهبية فضية وبرونزية.
4- مصر: 164 لاعباً ولاعبة، 3 ميداليات، ذهبية وفضية وبرونزية.
5- المغرب: 64 لاعباً ولاعبة، ميداليتان، ذهبية وبرونزية.
6- الأردن: 12 لاعباً ولاعبة، ميدالية فضية واحدة.
7- قطر: 14 لاعباً ولاعبة، ميدالية برونزية واحدة.
* يذكر أن الدول العربية الـ22 شاركت في الدورة.
أرقام ونجوم
بعض الأرقام التي سجلها بعض النجوم:
– أحرز السباح الفرنسي ليون مارشان 4 ذهبيات كأكثر الرياضيين حصداً للميداليات الذهبية في الدورة والمدهش أنه توج بسباقين (200 متر صدر وفراشة) في يوم واحد ونسخ الرقمين الأولمبيين فيهما.
– الجمبازية الأميركية سيمون بايلز جمعت 3 ذهبيات وفضية لترفع رصيدها إلى 11 ميدالية في ثلاث دورات منها 7 ذهبيات (4 في 2026).
– ورفعت النيوزيلندية ليزا كارينغتون في سباق الزوارق (زوجي الكاياك) رصيدها إلى 7 ذهبيات ودخلت بالتالي لائحة 10 رياضيات الأوائل في تاريخ الألعاب.
– وحطم الباكستاني نديم أرشاد الرقم القياسي الأولمبي في رمي الرمح بـ92 مترا و97 سنتيمتراً ليخطف أول ذهبية لبلاده منذ 1984.
– رقم مميز حطمه لاعب القفز بالزانة السويدي موندو دوبلاتينس عندما تجاوز ارتفاع 6 أمتار و25 سنتيمتراً والرقم السابق مسجل باسمه.
– على صعيد ألعاب القوى أيضاً وعلى غرار البحرينية وينفريد يافي حطم العداء الأميركي الرقم القياسي لسباق 1500 متر ومثله مواطنته ماكلولين في سباق 400 متر حواجز.