Site icon صحيفة الوطن

التعافي المبكر يحتاج إلى دعم مالي صريح وهو غير موجود حتى الآن … ممثلة «الصحة العالمية» لــ«الوطن»: نعمل على إستراتيجية تعتمد على دعم التغطية الصحية الشاملة في سورية

| محمود الصالح

أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سورية إيمان الشنقيطي أن وزارة الصحة السورية شريك أساسي مع منظمة الصحة العالمية وعضو مشارك فيها، وهذا يساعد في رسم السياسات والتخطيط للمستقبل في مشاريع المنظمة، حيث كانت المنظمة موجودة في سورية قبل الأزمة واستمرت خلالها وستبقى بعدها.

الشنقيطي قالت خلال لقاء خصت به «الوطن» للحديث عن دور المنظمة في سورية، وتقييمها للواقع الصحي في سورية واحتياجاته: «تعمل المنظمة في سورية من خلال مكتب في دمشق وخمسة مكاتب في المحافظات وفيها كوادر محلية تملك الخبرة والكفاءة ويعملون في المنظمة منذ فترة جيدة وأصبحت لديهم الخبرة في عمل المنظمة والعمل في سورية».

وأشارت إلى أن المنظمة لديها ثلاثة مناحٍ إستراتيجية للعمل في سورية وهي ذاتها في العالم، الأول هو الدعم لتوفير التغطية الصحية الشاملة في سورية من خلال التغطية لكل المكونات سواء المراكز أم المشافي أو الأدوية أو السياسات والأسس التي يطبق وفقها البرنامج والنظر إلى احتياجات المواطن والتنسيق بين احتياجات المواطن والإمكانات المتوافرة، والتركيز على المناطق الأكثر احتياجاً للدعم ويجب أن تكون متوازية مع الإستراتيجية الوطنية السورية.

الثاني الاستجابة للطوارئ من خلال تمكين قطاع الصحة بكل مكوناته والقطاعات الرديفة من مياه وخدمات من خلال برامج تسهم في رفع القدرة على الاستجابة ورفدهم بالعناصر البشرية اللازمة، والثالث إجراء تقييم للإجراءات التي تم اتخاذها والاستفادة من الوقائع، لأن 80 بالمئة من الأمور التي تؤثر في الصحة هي خارج الصحة ومثالها الطرق والمياه والخدمات البلدية.

وتابعت: «نعمل على تحقيق التكامل في العمل وتوزيع الأدوار بين الشركاء وعدم هدر الجهود والأدوات وبالوقت نفسه نقدم الخدمة لأكبر عدد من السكان ويجب أن نجري موازنة بين ضرورات النفقات على القطاع الصحي».

وأشارت الشنقيطي إلى نظم الترصد الوبائي في سورية، مؤكدة أنها من أقوى النظم في المنطقة، موضحة أنه في العام قبل الماضي حدثت حالات كوليرا في حلب، ويحسب لوزارة الصحة أنه تم الإعلان عن أول حالة كوليرا من الوزارة ما أدى إلى استجابة سريعة من المنظمات والجهات السورية ومن المنظمات الدولية، حيث حصلت سورية على دعم دولي في هذا الجانب وتمت محاصرة الجائحة وانتهت خلال فترة قصيرة وتم تلقيح 1.8 مليون شخص من الكوليرا ولم تنتشر في سورية حيث تم محاصرة تحركات الحالات ومعالجتها.

وأوضحت حصول تعاون بين المنظمة والوزارة، وهي أننا طلبنا تلقيح دائرة أوسع وذهب 50 بالمئة من اللقاحات إلى مناطق خارج سيطرة الدولة، وكانت نظرة وزارة الصحة أنه يجب أن نحمي كل سوري بغض النظر عن مكان إقامته داخل أو خارج السيطرة وبعدها لم تسجل أي حالة كوليرا، قائلة: «يجب أن ننوه إلى أن المجتمع السوري مثقف ويجيد التعامل مع منع انتشار الجوائح».

وبالنسبة للوضع الصحي في سورية قالت الشنقيطي: «نحن ننظر نظرة قلق لهذا الواقع اليوم، حيث كان النظام الصحي قبل الأزمة من الأنظمة الرائدة، أما اليوم فالوضع أصعب مما كان عليه قبل عامين نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، لأن المواطن لديه مفاضلة بين الذهاب إلى المركز الصحي أو توافر رغيف الخبز».

وبينت أن جاهزية المشافي تصل اليوم إلى 65 بالمئة والمراكز الصحية 50 بالمئة، والسبب إما أنها خارج السيطرة أو أن الأبنية غير جاهزة أو بسبب عدم توافر الكادر الصحي، وهذا يدفع المواطن إلى قطع مسافات طويلة ليحصل على الخدمة «ونحن نراها معوقات ويجب أن توفر الخدمة في كل مكان ليحصل المواطن على الرعاية المتكاملة».

وتابعت الشنقيطي: «هناك مشكلة أكبر وهي نقص العاملين الصحيين وهي لا تواجه سورية فقط، وإنما أغلب دول العالم والناتجة عن الهجرة، ومن خلال خبرتنا نقدر أن 50 بالمئة من الأطباء السوريين غادروا البلد والباقي يحضر نفسه للمغادرة من خلال دراسة لغة البلد الذي يعتزمون السفر إليه، لأن راتب الطبيب لا يساعده على تكوين أسرة رغم أن هناك إحساساً بواجب المواطنة لدى الجميع، لكنهم يعيشون مرحلة صعبة في الاختيار ونتمنى أن نجد في المستقبل الحلول لهؤلاء الشباب، ويجب أن يحصلوا على تحفيز معين ليستطيعوا البقاء ويقدموا الخدمة التي يحتاجها المرضى».

وأشارت إلى أن أطباء سورية ينتشرون اليوم في كل أنحاء العالم وهذا مصدر فخر، لكنه مثار حزن لأن سورية تفقد خبراتها وكوادرها، قائلة: «لمسنا الضرر الذي حصل في سورية نتيجة فقدان الأطباء والممرضين والعاملين في المختبرات وكل من يعمل في المنظومة الصحية».

وعن دور المنظمة في التخفيف من ذلك قالت الشنقيطي: «نحن الآن في المنظمة ندرس وضع إستراتيجية لوقف نزيف الكوادر الطبية السورية ونأمل أن نصل إلى نتيجة إيجابية في هذا الجانب».

وعن برامج اللقاحات قالت: «نحن شركاء في برامج اللقاحات والحملات، ولولا العمل الذي يجري في برامج اللقاح لما وصلنا إلى هذا الواقع الصحي المستقر، الآن نسبة تغطية اللقاح 85 بالمئة بعد أن كانت 65 بالمئة، ووصلنا إلى مناطق نائية لدينا جودة عالية في برامج اللقاح ويتم التدقيق في كل تفاصيلها، ولدينا ثقة كبيرة في برامج اللقاح، وهي تأتي نتيجة جهود جبارة من وزارة الصحية ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف، ومن خلال رصدنا للنتائج نجد أن هناك تراجعاً كبيراً في الأمراض وهذا دليل على أن برامجنا تنفذ بشكل جيد».

وبينت ممثلة المنظمة أنها قدمت خلال العام 2023 عدداً من التجهيزات المهمة بفضل الدعم الدولي الذي جاء استجابة لحادثة الزلزال ومنها 9 أجهزة طبقي محوري وجهاز رنين، و50 نوعاً من أجهزة الأشعة المختلفة، و18 جهاز موجات فوق الصوتية، و19 سيارة إسعاف و11 مولدة أوكسجين للمشافي و27 جهاز غسيل كلى.

كذلك تم بين عامي 2019- 2024 تأهيل 8 مشافي و19 مركزاً صحياً و9 مختبرات ومستودعات لوزارة الصحة، مركزين على الحدود في المعابر لاستثمارها عند عودة اللاجئين وجهاز قثطرة قلبية، ومستمرين في توريد تجهيزات تأهيل المشافي ببعض الأجهزة النوعية.

وتابعت «كذلك تم تأهيل مشفى القامشلي من منظمة الصحة العالمية وقسم الحروق في حلب، ومشفى الأطفال في حلب قيد الافتتاح بعد أن قمنا بتجهيزه، ونعمل الآن على تجهيز مشفى حمص الكبير، ورغم ذلك نحن لا نقول إننا اكتفينا ونريد التركيز على المناطق الأكثر تضرراً ويتم التركيز عادة على البعيدة، نحن عامل مساعد لوزارة الصحة».

وعن نسبة التعافي في سورية منذ عامين حتى الآن أكدت أنه سؤال صعب لأن المؤشرات الصحية للمواطن تراجعت خلال العامين الماضيين لأن ما يؤثر في الصحة هي عوامل غير صحية، عوامل التغذية تراجعت ولأن معدل سوء التغذية لم يكن كما هي عليها الحال، الآن نرى حالات سوء تغذية ليس فقط للأطفال إنما للأمهات والنساء المقبلات على الحمل، وكانت منظمة الغذاء العالمية توزع سللاً غذائية ثم توقفت عن ذلك، واليوم نحصد النتائج السلبية لوقف البرنامج الغذائي علماً أن سبب توقف برنامج الغذاء ليس قراراً سياسياً، إنما لعدم وجود دعم مادي للبرنامج، وكان لذلك دور سلبي على صحة الأطفال ونلمس حالات سيئة جداً، وأستغرب أن سورية وسوء التغذية لا يتطابقان أبداً وهذا يؤلمنا جداً، نحن الآن أسوأ مما كنا في بداية الحرب.

وحول وجود مؤشرات على التعافي بسبب التقارب العربي قالت: «نحن كمنظمة أعددنا إستراتيجية للتعافي في سورية مع الشركاء وحالياً رئيس المنظمة يبحث مع الدول للحصول على داعم لهذه الإستراتيجية، والتعافي المبكر يحتاج إلى دعم مالي صريح وهو غير موجود حتى الآن».

وقالت: «نحن كمنظمة صحة نعمل في إطار الأمم المتحدة وهناك نوعان للعقوبات المفروضة على سورية، الأوروبية والأميركية وكلاهما أصعب من الآخر، وأنا قابلت السفير الإيطالي في سورية وتحدثت معه عن التعافي، ومن المؤكد أن هناك تغييراً وهناك نداء من ثماني دول أوروبية لإعادة النظر في العقوبات، وهذه بداية الخير ويجب البناء عليها، وهناك دول من داخل الوسط الأوروبي تريد العمل في هذا الاتجاه، نحن نطلب أن تكون الصحة خارج إطار العقوبات، وجواب الأوروبيين دائماً أن العقوبات لا تمس البرامج الإنسانية، لكن عند الدخول في التفاصيل هناك الموردون لنا الذين يتعرضون لعقوبات «قيصر» في حال التوريد لسورية، لذلك هناك تأثير في تأمين المواد لسورية وحتى الحوالات وشركات الشحن والتأمين وغيرها نأمل أن يعاد النظر فيها بشكل كامل».

وعن دور المنظمة في البرامج النوعية (السرطان- زراعة الخلايا الجذعية- برنامج السمع) قالت: «نتعاون في برامج كثيرة حيث أطلقنا منذ فترة برنامجاً للسرطان مع «سان جود» ومنظمة الصحة ووزارة الصحة، كما سنقدم الأدوية المجانية لمرضى السرطان من خلال المشافي والمراكز التي تقدم خدمة لمرضى السرطان، ونقدم دعماً تقنياً ويتم العمل على تجميع الفرقاء مع بعضهم بعضاً، وسندعم البرنامج حسب استطاعتنا، أما البرامج الأخرى فنؤكد على دعمها حيث وفرنا أجهزة اختبار السمع لكن الأهم من ذلك أن هناك أطباء وفنيين سوريين ممن يعملون على برامج مستوى عالٍ ومنها زرع الخلايا الجذعية أو السرطان أو السمع أو غيره، وتلقى هذه البرامج دعماً كبيراً من السيدة الأولى ومن وزارة الصحة، أما بالنسبة للسرطان في سورية فهو متقدم في التشخيص والمعالجة ولديهم بروتوكولات مهمة لكن المعاناة تكمن في نقص الأدوية».

Exit mobile version