Site icon صحيفة الوطن

هل وظيفة الدراما نقل مشاهد العنف؟ … النابلسي لـ«الوطن»: لا وظيفة محددة للدراما!

| هلا شكنتنا

لم تكن مشاهد العنف يوماً هي من أكثر المشاهد المفضلة عند صناع الأعمال الدرامية وخاصة السورية منها، حيث كانت تتسم الأعمال الدرامية السورية بالقصص والحكايا الاجتماعية اللطيفة المقربة من قلب المتابع، حيث كانت تعمل هذه الأعمال على نقل واقع حياة المشاهد وتعزيز المفاهيم القيمة في عقولهم.

مشاهد القتال والدماء تتصدر

لكن على مايبدو وخلال السنوات الأخيرة، باتت مشاهد العنف والقتل يزداد وجودها ضمن المسلسلات السورية، ولا شك أن الحرب السورية كان لها دور كبير في تغيير الواقع المعيش، ولكن هل يعقل بأن المجتمع السوري اليوم هو فقط قتال ودماء، لأننا اليوم إذا أردنا أن نشاهد وبالأخص أعمال الدراما السورية لموسم 2024، فإننا نرى بأن مشاهد العنف هي التي تصدرت الشاشات وكان لها دور كبير في انتشار الأعمال.

«ولاد بديعة» جرعة زائدة بالعنف

ولا شك أن مسلسل «ولاد بديعة» من تأليف «علي وجيه ويامن الحجلي» وإخراج «رشا شربتجي»، من أكثر الأعمال التي قدمت مشاهد العنف هذا الموسم، وأهم هذه المشاهد عندما قرر ياسين وشاهين أن يقوما بضرب مختار ووضعه داخل غرفة مقفلة في «المدبغة» وضربه بشكل عنيف على كل أنحاء جسده، حتى تورم وجهه وغرق بالدماء، ومن أكثر المشاهد عنفاً حينما قرّر شاهين حرمان مختار من الإنجاب عندما بدأ بركله بطريقة شبهت بالوحشية.

أقسى مشاهد العنف التي عرضت

فيما أضاف المسلسل مشهداً آخر أكثر عنفاً وقسوة، عندما قام «مختار الدباغ» الطفل، بقتل ثلاثة قطط «شنقاً» كرد فعل انتقامي من أشقائه، بعد ضربهم له وإهانته بعبارة تستفزه وكانت عبارة «ابن الماما»، ويعتبر هذا المشهد من أكثر المشاهد التي أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض من أقسى المشاهد التي من الممكن أن تعرض درامياً وخاصة عبر شاشة التلفاز التي تعتبر شاشة جامعة للعائلة وتحديداً في شهر رمضان المبارك.

«العربجي» والنحر بالسكين

ولم يخل مسلسل «العربجي- مؤيد النابلسي وعثمان جحا إخراج سيف الدين سبيعي» بجزئه الثاني من العنف، حيث ظهرت مشاهد العنف أثناء اندلاع الحرب بين رجال عبدو العربجي وعساكر الدولة في تلك الفترة الزمنية، حيث يظهر أحد الأشخاص وهو ينحر آخر بالسكين، إضافة إلى عدد من الحلقات التي تكون بها مشاهد القتل والدماء حاضرة.

«مال القبان» دراما اجتماعية يتخللها العنف

أما مسلسل «مال القبّان- علي وجيه- يامن الحجلي- إخراج سيف الدين سبيعي»، وبالرغم من أنه عمل اجتماعي يتحدث عن سوق الخضروات والصراعات التي تحصل بداخله، لكنه قدم مشاهد عنيفة نوعاً ما، وخاصة عندما عرض مشهد «عدوية» وهي المرأة التي تتعرّض للتعنيف من زوجها، وتقوم بالهروب منه لتجد نفسها في سوق للخضروات، برفقة ابنها «نعمان الزير»، منهكة ومتعبة من الضرب والتعنيف.

أسئلة كثيرة وأهمها!

ومن هنا تراود لذهننا عدة أسئلة أهمها «هل يتم استخدام مشاهد العنف للفت أنظار المتابعين أم إنها تعكس شيئاً من الواقع الذي نعيشه؟ وهل الدراما وظيفتها أن تقدم هذه المشاهد بكل هذه القسوة أم يجب الابتعاد عنها؟».

ظاهرة العنف تتفشى درامياً

وللتأكد من جهة مهنية تواصلت «الوطن» مع المخرج «رشاد كوكش» الذي أكد لنا بحديثه بأن مشاهد العنف باتت تزداد كثيراً في الآونة الأخيرة، قائلاً: «بدأت ظاهرة العنف والقتل بالتفشي في مسلسلاتنا بالمواسم الأخيرة، وتتصاعد بشكل لتثير انتباه المشاهد إلى درجة أنها أصبحت تثير التساؤلات عند البعض… لماذا كل هذا القتل؟ كما أنها باتت تثير الاستغراب عند البعض الآخر، وعن سهولة إطلاق النار من مسدس أو بندقية باتجاه الآخر ولأسباب ممكن عنها القول إنها سطحية وأحياناً تافهة، وأحياناً لا داعي لها، إذاً نحن أمام ظاهرة تفشت بالدراما لحصد نجاح العمل ولحصد تريندات وخاصة أن هذه المشاهد أصبحت تُجتزأ من العمل وتدرج على اليوتيوب والإنستغرام، وما أسجله هنا عن مشاهد العنف التي تسيء للعمل أكثر ما تخدمه، وهناك بعض الأعمال ترى العنف بها مسوغاً وهو وسيلة للوصول إلى تصعيد درامي الغاية منه إيصال رسالة أو فكرة من المشهد الذي يتضمن مشاهد قتل وسفك دماء».

العنف درامياً يعكس الواقع للأسف

أما عن استخدام مشاهد العنف إذ كانت بقصد جذب الأنظار، أم إنها تعكس الواقع المعيش، فقد أكد المخرج «رشاد كوكش» أنها تعكس الواقع وبكل أسف، قائلاً: «نعم، وللأسف أقول نعم هي انعكاس عن واقع نعيشه منذ ثلاثة عشر عاماً، ولم يخطر على بالي يوماً أن أرى هذا الكم الهائل من الدم السوري للأسف، ولأن الفن انعكاس عن صورة الواقع فهذا هو واقعنا اليوم، فأنت كيفما شاهدت على الأخبار، فإنك لا تسمع ولا تقرأ ولا ترى سوى اللون الأحمر يغطي على كل الألوان».

وظيفة الدراما الحقيقية

كما أضاف كوكش في حديثه عن وظيفة الدراما، قائلاً: «وظيفة الدراما أن تقدم كل ما يجري بالمجتمع، إما بخطاب مباشر أو بتورية أو بتلميح، وحسب الموضوع وحساسية سخونته وقربه من الواقع المعيش وأسلوب الكاتب بتناوله للفكرة وطريقة معالجته لها».

الرمزية في الحدث هي الأحب

كما أوضح المخرج رشاد بحديثه، بأنه من المخرجين الذين يحبون الرمزية في الأحداث، قائلاً: «أنا ممن يحبون رمزية الحدث، ولا أحب تقديمه بشكل ساخن وفج، لأن مشاهدنا يكفيه ما يسمعه ويراه ويقرؤه على امتداد مساحة الوطن العربي».

القليل من الدماء في المشهد يعطي مصداقية

أما الكاتب «مؤيد النابلسي» الذي أكد لـ«الوطن» بأن الدراما لا وظيفة محددة لها، فقد قال: «لا يجب الاعتماد على مشاهد العنف والقسوة للفت انتباه الجمهور، أو للدخول بلعبة التريند، لكن أنا شخصياً أفضل تقديم أي مشهد كما يجب أن يكون، وإظهار القليل من الدم في أعمال معينة ربما يعطي القليل من المصداقية شرط ألا يكون التقديم فجاً ومجانياً، الدراما لا وظيفة محددة لها، إنها عالم كامل مواز للواقع، ربما يكون العمل اجتماعياً أو فانتازيا أو حتى كوميديا، بكل الأحوال يجب أن يحافظ أي عمل على هويته ويكون مقرباً من الجمهور.

Exit mobile version