Site icon صحيفة الوطن

فرنسا على شفا أزمة غير مسبوقة بسبب قرارات ماكرون … «لوموند»: تأخيرٌ خَطِر ومخاوف من عدم إقرار ميزانية 2025

تواجه فرنسا أزمة سياسية حادة قد تؤدي إلى إخفاق إقرار ميزانية الدولة لعام 2025، إذ إن التأخير غير المسبوق في إعداد الميزانية، الناجم عن حل البرلمان وتغيير الحكومة، يهدد بترك فرنسا من دون ميزانية مع بداية العام المقبل، ما يثير مخاوف جدية على المستويين السياسي والاقتصادي، ويضع البلاد أمام تحديات غير مسبوقة.
وكشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن تأخير غير مسبوق في عملية إعداد ميزانية الدولة الفرنسية لعام 2025، إذ إنه وفقاً للقانون المتعلق بقوانين المالية، يتعين على الحكومة تقديم الخطوط العريضة للميزانية، وخاصة فيما يتعلق بجانب النفقات «قبل الـ15 من تموز الماضي»، إلا أن هذا الموعد قد مر من دون تقديم أي وثائق رسمية، ما أثار قلقاً متزايداً في الأوساط السياسية والاقتصادية.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة المالية الفرنسية تتحدث الآن عن احتمال نشر هذه الوثائق «في نهاية آب الجاري»، أي بعد شهر كامل من الموعد القانوني، ما يضع ضغوطاً هائلة على الجدول الزمني لإعداد وإقرار الميزانية، وهو ما يزيد من احتمالية حدوث أزمة في نهاية العام.
وعزت الصحيفة الفرنسية هذا التأخير «الخطر» إلى الأزمة السياسية التي أثارها الرئيس إيمانويل ماكرون بقراره حل الجمعية الوطنية في التاسع من حزيران، ما أدى إلى توقف فوري للمفاوضات والترتيبات المتعلقة بإعداد الميزانية، التي كانت قد بدأت للتو.
وأضافت «لوموند»: إن الانتخابات التشريعية التي تلت حل البرلمان وما نتج عنها من استقالة حكومة غابرييل أتال بعد خسارتها، زادت من تعقيد الوضع، إذ إن الحكومة المستقيلة تجد نفسها الآن في موقف صعب، حيث لا يمكنها اتخاذ قرارات سياسية مهمة، بما في ذلك القرارات المتعلقة بالميزانية.
وبهذا الصدد، نقلت الصحيفة تصريحات مثيرة للقلق من شخصيات سياسية بارزة، إذ صرح إريك كوكريل رئيس لجنة المالية في الجمعية الوطنية، قائلاً: «الوصول إلى طريق مسدود والانتهاء من دون ميزانية، نعم، زلزال من هذا النوع ممكن»، هذا التصريح يعكس حسب «لوموند» حجم المخاوف من احتمال عدم إقرار الميزانية بحلول الأول من كانون الثاني المقبل.
كذلك أكد فيليب برون نائب رئيس لجنة المالية والنائب عن الحزب الاشتراكي، خطورة الوضع قائلاً: «باستثناء اثنين أو ثلاثة مجانين، لا أحد يرغب في ذلك، لكن الخطر موجود»، وهذه التصريحات تشير إلى أن فكرة دخول فرنسا العام الجديد من دون ميزانية معتمدة لم تعد مجرد افتراض نظري، بل أصبحت احتمالاً واقعياً يثير قلق الساسة والخبراء على حدٍ سواءٍ.
ولفتت «لوموند» الانتباه إلى الآثار الملموسة لهذه الأزمة على الأسواق المالية، إذ ارتفع الفارق بين عائدات السندات الفرنسية والألمانية لأجل 10 سنوات، المعروف باسم «السبريد»، إلى مستوى قياسي منذ منتصف حزيران، والارتفاع في «السبريد» يُعد مؤشراً قوياً على تزايد عدم ثقة المستثمرين بالاقتصاد الفرنسي، فالمستثمرون يراقبون عن كثب التطورات السياسية في فرنسا، وأي إشارة إلى عدم الاستقرار أو عدم القدرة على إقرار الميزانية قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على تصنيف فرنسا الائتماني وقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية.
في المقابل، تحدث تقرير «لوموند» عن جهود حكومية لتجاوز الأزمة رغم الصعوبات، إذ أشار إلى أن الحكومة الفرنسية تحاول اتخاذ خطوات لتجاوز هذه الأزمة، وأن وزير الحسابات العامة توماس كازناف، ووزير الاقتصاد والمالية برونو لو مير أعدا «خطابات السقف» وأرسلاها إلى مكتب رئيس الوزراء في نهاية تموز الماضي، هذه الخطابات التي حددت سقوف الإنفاق للوزارات المختلفة تهدف إلى خفض نفقات الدولة في عام 2025 من أجل «الحفاظ على مسار تحسين الحسابات العامة»، ومع ذلك فإن قدرة الحكومة المستقيلة على تنفيذ هذه الخطط تظل محل شك، نظراً للقيود المفروضة على صلاحياتها باتخاذ قرارات سياسية مهمة.

Exit mobile version