Site icon صحيفة الوطن

مذكرات الطفولة في «أيام عشتها»… يوميات الأرض الطيبة

| مصعب أيوب

إن عالم الطفولة واسع وفيه من السحر والجمال والبراءة الشيء الكثير، وعليه فقد صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب كتاب اليافعين (أيام عشتُها… يوميات)، تأليف: موفق نادر، رسوم: عدوية ديوب.

ريف بسيط

وهي ذكريات يُدوّنها ذلك الطفل الذي عاشها يوماً بيوم، فأصبحت لاصقة بعقله ومخيلته، يستحضرها سعيداً بالمشاعر التي تملأ نفسه بالفرح.

إنها ذكريات تأخذنا إلى عالم الريف البسيط البهيج، عالم الألفة والمحبة الصافية، عالم لم تستطع أيدي الأنانية والخبث أن تعبث به.

ذكريات فيها كثير من الحب والنُّبل والانتماء إلى الأرض الطيبة الخيّرة، تتقاطر فيها هذه الأخلاق من الآباء إلى الأبناء سلسة عذبة كماء الينبوع.

هو ليس عالماً من أحلام وأخيلة، بل هو واقع ريفنا الأصيل النبيل العابق بالطيبة والإنسانية.

طفل ريفي

تعيش القرية في ذهن وقلب هذا الطفل وتسكنه بكل جوارحه، فيتغزل بهوائها النقي ولا يشبع من التأمل بتلالها وأنهارها، ويركز بشدة على ألعاب الطفولة المبكرة وبراءة اللعب مع الجيران والرفاق في الحي، فمهما كبر لا يمكن أن تنسيه السنون حلاوة ولذة تلك الأوقات الممتعة.

يَعتَبر نادر أنه لا يوجد طفل ريفي استطاع أن يعيش طفولته الحقيقية والطبيعية، ولاسيما في ظل ظروف المعيشة القاسية وقد أضاء نادر على مواسم الحصاد، فلا حاصدات ولا درّاسات ولا حتى جرارات للنقل.

يظهر الطفل عنده قارئ نهم ومقبل نحو الاطلاع والمعرفة بشغف عالٍ.

طفل فيلسوف

فالكتاب عنده مكان يهرع إليه من كل هموم الحياة، فالطفل عنده فيلسوف ويمكن أن يملي إرادته على الكبير ويعرض آراءه بثقة عالية.

يشير المؤلف إلى دور المؤسسات التعليمية في إنشاء شباب مسلحين بالعلم والمعرفة منتمين لأوطانهم متمسكين بمبادئهم، فيستعرض بعض الأنشطة التي يقوم بها الطفل الذي يتكلم بلسانه في الكتاب برفقة زملاء صفه ومنها التمرينات الرياضية الصباحية ويفند بتفصيل دقيق حركة الطلاب وهم يلجون إلى صفوفهم الدرسية، لكي ينهلوا من العلم بعد أن سبقهم المعلمون، وأعدوا ما يلزم للدرس من وسائل تعليمية تسهل عملية استقبال الطالب للمعلومة.

تفرغ للدراسة

في مذكرة ليوم آخر يوضح نادر أن طفله ليس من المولعين بمشاهدة التلفاز من مسلسلات وأفلام فارغة، لا محتوى هادفاً فيها ولا رسالة مهمة سوى أنها تشجع على العنف والجريمة وتضيع الوقت.

وفي مذكرة أخرى يفند تفاصيل التحضير لعرس ابن عمه التي بلغت شهراً كاملاً، فيشير إلى أن ثمة علاقة حب جمعت بين ابن عمه وعروسه رافضاً دعوات نساء عائلته بالارتباط من إحدى فتيات القرية الحسناوات، لم ينس الكاتب أي تفصيل من تفاصيل الفرح، سواء شريط الأضواء الكهربائية أم تنظيف الساحة التي ستحتضن حلقات الدبكة وما إلى ذلك.

أما مذكرته الأخيرة وتسلسلها ثلاثون فيخبر من خلالها أنه سيتوقف عن تدوين مذكراته لأنه سيتفرغ للدراسة والتحضير للامتحان الذي دنا واقترب موضحاً أنه سيعز عليه مفارقة هذا الكتاب، وسيشتاق كثيراً له ولتدوين الذكريات عليه.

عبارات بسيطة

استخدم الكاتب أسلوب العبارات البسيطة السهلة التي تنساب إلى الأذهان بكل سلاسة، فيستطيع أي طفل يافع استدراك وفهم معاني كلماته وعباراته ويُشد إلى إتمام القراءة حتى نهاية المذكرة التي لا تزيد كلماتها على ثلاثمئة كلمة أو صفحة واحدة فقط، فكثف المحتوى واختصر الكثير وجعل كلماته رشيقة وهينة بأسلوب مشوق وهادئ.

«موفق نادر» شاعر وروائي وقاص مواليد 1956 في قرية «الغارية» في السويداء، ودرس اللغة العربية، لم يتمكن من التخرج بسهولة بسبب الوضع المادي الذي دفعه لممارسة هوايات عدة في أعمال صعبة ومعقدة خلال فترة الدراسة، ولكن ذلك لم يثن عزيمته وإرادته فحصل على معدل دارسي مرتفع، غير أنه آثر السفر بعقد عمل إلى الخليج بعد خدمة العلم.

Exit mobile version