Site icon صحيفة الوطن

الأمل له صانعوه.. الرئيس بشار الأسد رجل الزمن الصعب

| د. قحطان السيوفي

لعل من أهم دروس التاريخ أن قراءة الماضي تنتج إضاءات على الحاضر وتساعد على استشراف المستقبل وتبشر بزمن الأمل الذي يصنعه القادة العظماء القادرون على معالجة صعوبات الحاضر الذي هو نتيجة الماضي، وصناعة الأمل.

إن «الخيارات الصعبة لا تعني الاستحالة»، ولا تعني عدم وجود ما نقوم به من أجل تحسين الأحوال، ونحن مدفوعون بالأمل، وكما جاء في خطاب الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب، فـ«الحياة هي سياق مستمر، ولا نستطيع أن نتحدث عن الحاضر بشكل مجرد ومنفصل عما سبقه ولا عما سيليه».

إن «سورية ساحة أساسية من ساحات الصراع العالمي تتأثر به، والخيار أن نؤثر في مجرى الأحداث داخل حدودنا الوطنية بالحد الأدنى، وقدرتنا على ذلك تتوقف على توازن الإرادة مع الأعداء، هذا التوازن ينطلق من الإيمان بقدراتنا الوطنية، ويكتمل بالعمل الجاد لتحقيق أهدافنا بأيدينا، بالعمل، بالإنتاج، بالبحث عن حلول، برفض المستحيل، وبرفض الخضوع للإحباط والاستكانة للظروف»، بما يضمن صناعة الأمل وقوة واستمرار الدولة.

يقول الرئيس الأسد: «الأزمات الكبرى الوطنية على مستوى بلد، على مستوى أمة، إلى آخره لا تأتي فجأة، ولو ظهرت فجأة، هي حالة تراكمية لعوامل عديدة هي التي تؤدي إليها وبالتالي لا بد من مناقشة الماضي بالمقدار نفسه الذي نناقش فيه الحاضر.

وهذا الربط بين الماضي والحاضر يساعدنا على التمييز بين الأسباب الموضوعية والأسباب غير الموضوعية، والأسباب الموضوعية هي التي لا نحمل مسؤوليتها بشكل مباشر، هي أكبر من طاقة البلد، كالحرب، كالحصار، كالإرهاب».

سنشير إلى أهم الأحداث المؤلمة والمؤثرة في المنطقة العربية وخاصة في سورية خلال العقدين الماضيين، فقد شنّت الولايات المتحدة الأميركية حرباً على العراق عام 2003 فهدّمت بنيان دولة وقتلت مليون مواطن عراقي، وكان الادعاء الكاذب إعادة بناء الدولة والديمقراطية.

وأعلن الرئيس الأسد موقفاً صريحاً يناهض الغزو الأميركي للعراق، وامتلأ صدر الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن غيظاً وحقداً على سورية وشعبها، وهذا الغزو الهمجي للعراق، تلاه اهتزازٌ آخر عامي 2010-2011.

وكان الادعاء الأميركي الكاذب أيضاً نشر الديمقراطية في بعض البلدان العربية! وتحت وقع قوى الإرهاب المدرَّبة دولياً جاء ما يسمى «الربيع العربي» لنشر الاضطراب والإرهاب في دولٍ عربية عدة واقترن ذلك بظاهرة الميليشيات المسلحة الإرهابية التي مولتها وتمولها دول معروفة.

وكان ما سمي «الربيع العربي» كحاضنة للتنظيمات الإرهابية وتحول هذا الربيع إلى خريف أسود لتدمير مؤسسات بعض الدول العربية، وانتقاماً من سورية ومواقفها القومية شنت قوى الظلام حرباً كونية على سورية الدولة والشعب تقودها أميركا وإسرائيل وبعض حلفائهم الإقليميين، وتم تصدير عشرات الآلاف من الإرهابيين المرتزقة من ثمانين دولة بهدف تدمير الدولة السورية بمؤسساتها ورموزها، وتصدى الجيش العربي السوري مدعوماً بقوة الشعب، لدحر هذه المؤامرة، واستطاعوا الصمود، وحاولت قوى التآمر عام 2014، بمكر ووقاحة، الترويج لمقولة عدم إجراء الانتخابات الرئاسية لإيقاع سورية في فراغ دستوري لكن القاعدة الشعبية السورية أصرت على انتخاب رئيسها في الوقت المحدد دستورياً، لتؤكد أن الدولة السورية بمؤسساتها منتصرة على الظلام والإرهاب.

قال الشعب السوري كلمته «نعم لبشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية» وكان ذلك بمنزلة عبور مظفر نحو النصر وتأكيداً لشرعية الدولة السورية بمؤسساتها، وذلك كله في إطار حراك شعبي مفعم بعبق الديمقراطية والحرية الانتخابية، واندحرت القوى الظلامية الإرهابية تحت ضربات الجيش العربي السوري مدعوماً بقوة الشعب، وتعزز محور المقاومة إقليمياً ودولياً من دمشق إلى طهران، وتعززت العلاقات مع موسكو، وتأكد انتصار وتعزيز دور الدولة السورية برموزها؛ رئيساً، وعلماً، بنجمتيه الخضراوين، والجيش العربي السوري الباسل، ليبشر بنصر سورية وقيامتها وطناً ودولة لمستقبل واعد سمته التعافي والبناء والأمل.

الرئيس الأسد وفي خطابه أمام مجلس الشعب بمناسبة افتتاح الدور التشريعي الرابع، يرسم ملامح الأمل للمرحلة القادمة، مؤكداً ثوابت السياسة السورية في نهج التغيير والتطوير، ويوضح أن «الأزمات الاقتصادية الحادة هي حالة نقص مناعة غير ظاهرة للعيان، وتأتي الحروب لتظهر هذه الحالة من الضعف، وحدّتها (…) وعلينا أن نبحث في عمق توجهاتنا الاقتصادية التي اتبعناها على مدى ستة عقود أو سبعة عقود» وتحديد الحلول الأكثر مناسبة والأقل ضرراً لنا في سورية.

يؤكد الرئيس الأسد أن «التطوير يبدأ بتصحيح المفاهيم العامة التي تشكل القاعدة الأساسية لعمل المؤسسات»، ويشدد على أن «الرقابة ليست حالة مؤقتة أو مزاجية أو رأياً شخصياً، بل هي أداة منهجية ثابتة من أجل قياس الأداء وقياس الإنجاز»، وأنه يجب علينا مجتمعين كأبناء هذا الوطن أن نحدد التوجهات العامة التي نعتقد بأنها مناسبة، وأن «الخيارات الصعبة لا تعني الانقلاب على سياساتنا ولا تعني الانقلاب على التزامات الدولة تجاه المواطنين، ونحن لن نخلع عباءتنا الاشتراكية (…) ولكن هذه العباءة لا يمكن أن تكون عباءة جامدة مقيدة، لا يمكن أن تكون قالباً، يجب أن تكون متحركة ومرنة حسب الظروف».

إن الأزمات وتداعياتها تمنح القوة للأفراد والشعوب وهي اختبار لمدى قدرتهم على التحمل وإيجاد الأساليب العملية للمواجهة والشعوب العظيمة تزيدها الأزمات تماسكاً، وهي الأكثر قدرة على شق طريقها بين الأمم، ويستطيع قائد عظيم كالرئيس الأسد أن يواجه التحديات الوطنية بحكمة وشجاعة لتبقى سورية الوطن والدولة صامدة عالية الجبين كشموخ جبل قاسيون وصمود قلعة حلب، وقوية بثقة وقدسية إرثها الوطني التاريخي المقاوم ممثلاً بيوسف العظمة، وإبراهيم هنانو، وسلطان باشا الأطرش، والشيخ صالح العلي وحسن الخراط، ليحقق المزيد من الأمان والاستقرار لسورية الوطن شعباً ودولة في الزمن الصعب، وليؤكد أن زمن الأمل له صانعوه وليبقى الرئيس الأسد قائدنا ورجل زمن الأمل.

وزير وسفير سوري سابق

Exit mobile version