Site icon صحيفة الوطن

الغرب وحربه الإعلامية- الإسرائيلية المشتركة على الفلسطينيين

| تحسين حلبي

أي عالم هذا الذي نعيش فيه منذ السابع من شهر تشرين الأول، فقد بلغت درجة وحشية معظم حكوماته الاستعمارية في أوروبا وفي الولايات المتحدة، أعلى المقاييس غير المسبوقة منذ القرون الوسطى، فهو يتهم ضحايا حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بـ«الإرهاب»، وتستمر إسرائيل بقتل الأطفال والنساء والشبان الصغار الفلسطينيين في قطاع غزة ولا تكترث وسائل الغرب الإعلامية وخطاباته السياسية بهؤلاء، ونراها تقيم الدنيا ولا تقعدها على ستة من مستوطنين هم جنود احتياط في جيش الاحتلال وقعوا في أسر المقاومة فقتلهم جنود إسرائيليون أثناء ما قيل إنه محاولة لإنقاذهم من داخل نفق كان يحرسهم فيه رجال المقاومة الذين استشهدوا أثناء هذه العملية الإسرائيلية في الوقت نفسه، ولم يكن من المستغرب بعد نقل جثث هؤلاء الأسرى أن تتهم إسرائيل رجال المقاومة بقتلهم، علماً أن رجال المقاومة حافظوا عليهم أحياء طوال أحد عشر شهراً وفي أصعب ظروف واجهتها المقاومة.

على الفور بدأت ماكينات الإعلام الاستعمارية الداعمة لمذابح الكيان الإسرائيلي بتبني الخطاب الإعلامي لمرتكبي المذابح وتتهم المقاومة بقتل هؤلاء الأسرى لكي يتحول المجرم الإسرائيلي الذي قتل بأيديه جنوده من جلاد إلى ضحية، لكي يتهم الفلسطيني بقتلهم؟!

على الفور خصصت شاشات الإعلام وصحفه الغربية العالمية، ساعات لعرض صور وأسماء ستة من هؤلاء الأسرى الذين قتلوا بأيدي جنودهم وبدأت تنقل عن وسائل إعلام إسرائيلية روايات عن حياتهم وأحلامهم وعن أهلهم، ونسيت أن لأطفال وأمهات وشبان فلسطين أسماء وصوراً وأحلاماً وآباء وإخوة وأهلاً وأصدقاء، وكأن الفلسطيني لا يجب أن يحمل اسماً وعنواناً وأحلاماً كبقية البشر.

لقد تنكر الغرب الذي يطلق على نفسه «العالم الحر الديمقراطي» لأكثر من 41 ألفاً من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلهم الجنود الإسرائيليين نفسهم خلال 11 شهراً مع أن كل اسم لأم أو طفل هو رواية حياة لا نظير لها بين أترابهم من بقية البشر، ومن الواضح أن الغرب سيقوم بعد أيام باستضافة أهالي هؤلاء الأسرى القتلى وسيعد لهم برامج تلفزيونية مكثفة في جميع وسائل إعلامه المرئية والمسموعة بهدف فرضهم كضحايا على الرغم من أنهم قتلوا على أيدي الجلاد الإسرائيلي وكان من الممكن لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إجراء عملية تبادل للأسرى مع المقاومة لإنقاذ حياتهم من أيدي الجنود الإسرائيليين وليس من أيدي رجال المقاومة الذين حافظوا على حياتهم طوال 11 شهراً لكي يجري استبدالهم بأسرى فلسطينيين، ويبدو أن هذا الغرب الاستعماري لا يرغب بالاطلاع على ما ذكره عشرات الآلاف من الإسرائيليين المعقبين في وسائل التواصل الاجتماعي وفي زاوية الآراء المطبوعة من أن نتنياهو هو الذي قتلهم لأنه ما زال يرفض إجراء عملية تبادل للأسرى مع الفلسطينيين، بل إن عدداً من أهالي هؤلاء الستة سمحوا لأنفسهم بأن يكتبوا في زوايا الآراء أن الذي قتلهم بهذه الطريقة هو نتنياهو، وغداً ستمتنع وسائل الإعلام الغربية عن نقل مثل هذه الآراء الإسرائيلية وعرضها على القراء، بل إنها لن تسمح حتى لأفراد عائلات الأسرى الستة بقول هذه الحقيقة لأنها تعرفها ولكنها تمنع تداولها لكي لا تظهر إسرائيل بمظهر المجرم.

لقد سمح الغرب الاستعماري لنفسه باتهام أي يهودي أوروبي أو إسرائيلي ينتقد ما تقوم به إسرائيل في القطاع، بـ«معاداة السامية» أي بمعاداة اليهودي لنفسه! وبهذه الطريقة جعلت من معاداة السامية ليس معاداة لليهود، بل معاداة لكل حر يندد بجرائم حرب ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في كل ساعة ويوم، ولا تزال تفعل ذلك أمام كل شعوب العالم.

لا شك أن مقاومة هذا الاحتلال لا تقتصر على اللجوء للعمل العسكري الفدائي للدفاع عن الشعب الفلسطيني والوطن فقط، بل يجب أن تتسع لمقاومة وتفنيد وتكذيب كل أشكال التضليل والمزاعم التي تروجها إسرائيل وكل من يقف معها من الدول الغربية حول ما يجري ضد الشعب الفلسطيني على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وإذا كانت وسائل الإعلام الغربية لا تجد من مصلحتها قول الحقيقة فإن وسائل الإعلام العربية والإسلامية مدعوة لعرض الحقيقة حتى لو لزم الأمر عرض ستين ألفاً من أسماء وصور الأطفال والنساء والشبان الذين قتلهم جنود الاحتلال ومثل بجثثهم على مرأى من العالم كله، وهذه أبشع وأفجع الجرائم بحق الأبرياء وأوضحها إدانة لهذا الكيان لأن وقائعها رآها العالم كله، أما أولئك الأسرى الستة فلا أحد يمكنه اتهام رجال المقاومة بقتلهم بعد أن حافظوا عليهم أحياء 11 شهراً من أجل مبادلتهم بأسرى فلسطينيين ورجال المقاومة.

ليس من مصلحتهم موت هؤلاء الأسرى الإسرائيليين وهم الذين دفعوا ثمن موتهم على أيدي الجنود الإسرائيليين على غرار من قتل بالطريقة نفسها في مرات عديدة لمنع إجراء مبادلة مقابلهم.

Exit mobile version