Site icon صحيفة الوطن

تحذير جدي جداً.. أصبحنا دولة مصدّرة للعواصف الغبارية و55 بالمئة من أراضي سورية «بادية» … مدير بحوث الموارد الطبيعية لـ«الوطن»: تراجع إنتاج القمح والزيتون بنسب كبيرة وملحوظة

| جلنار العلي

توسّعت الدراسات والاجتماعات الدورية والطارئة التي تعنى بقضية التغيّر المُناخي وما تخلّفه من أضرار لها آثار كبيرة ليست على المستوى البيئي فحسب وإنما على المستوى الاقتصادي أيضاً، ولاسيما أن بعض الدراسات العالمية تقول إن تغير المّناخ يؤثر بشكل أكبر في اقتصادات الدول النامية التي تعتمد بشكل أساسي على قطاعي الزراعة والسياحة، إذ ستتحمل تلك الدول 75- 80 بالمئة من تكاليف الأضرار التي تنجم عن تغيّر المُناخ، وقد ذكرت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة جامعة البعث في عام 2022 أن وكالات التصنيف الائتماني باتت تأخذ بالحسبان مخاطر التغيّر المُناخي في تصنيفاتها للمخاطر السيادية.

وعلى مستوى سورية، فقد تطرّقت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بالتأكيد على أهمية تعزيز دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في مواجهة التغيرات المناخية وآثارها، وتنفيذ تلك التوصيات بالتعاون ما بين الوزارات والجهات المعنية.

وحول ذلك، أكد مدير إدارة بحوث الموارد الطبيعية في وزارة الزراعة منهل الزعبي أن سورية تعاني بشكل كبير التأثير السلبي للتغير المناخي من خلال تأثيره على الموارد المائية والأراضي الزراعية وأراضي البادية الرعوية، فحالياً تشكل البادية نحو 55 بالمئة من مساحة سورية ويوجد تدهور كبير في الغطاء النباتي فيها، وهناك تراجع أيضاً في الحمولات الرعوية، وانخفاض حاد على مستوى المياه الجوفية ظهر بشكل واضح خلال هذا العام نتيجة انحباس الأمطار وخاصة في محافظة ريف دمشق، حيث تم لحظ ذلك من خلال جفاف الكثير من الآبار في شهري آب وأيلول الجاري، كما تراجع عمق المياه الجوفية في البعض منها إلى 100 متر بعد أن كان 50 متراً.

ومن ناحية أخرى، أشار الزعبي إلى وجود تأثير سلبي أيضاً للشدات المطرية العالية جداً التي شهدتها بعض المناطق والمحافظات، كمنطقة مصياف مثلاً التي بلغت الشدة المطرية فيها خلال شهر أيار نحو 100 مل في اليوم الواحد، وهذا يعادل نصف معدل الهطلات المطرية في محافظات أخرى كدمشق على سبيل المثال، وهذا الأمر له أثر سلبي كبير على المحاصيل الزراعية أولاً وقد يؤدي إلى انجرافات في التربة وانزلاقات خطيرة.

وتابع: «وما لاحظناه أيضاً خلال الأعوام السابقة غزو الجراد الصحراوي والكثير من العواصف الغبارية في بعض المناطق، علماً أن تلك العواصف كانت في السابق تصل إلى سورية من الدول المجاورة، أما اليوم فقد أصبحت سورية مصدراً لتلك العواصف، وذلك حسبما أشارت إليه الكثير من الدراسات».

وذهب الدكتور الزعبي بالقول إن كل هذه الأمور أدت إلى تراجع في الإنتاج الزراعي الأمر الذي كان له علاقة بموضوع الأمن الغذائي، فقد تراجع إنتاج الزراعات البعلية والزيتون الذي تضررت أزهاره نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، كما تأثر إنتاج القمح إلى أدنى من 2 طن في الهكتار الواحد خصوصاً في المناطق المروية، بعد أن كان يصل في السابق إلى 5-7 أطنان في الهكتار الواحد، وذلك نتيجة الانحباسات المطرية في أشد الحاجة لها خلال شهري نيسان وأيار، كما كان هناك شذوذ مناخي كبير خصوصاً خلال العام الحالي تمثل في الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة خلال أوقات معينة لا تحتاج فيها المحاصيل هذا الارتفاع، كما كان هناك صقيع في أوقات أخرى غير معتادة أدى إلى تلف الكثير من المحاصيل.

وفي سياق متصل، حذّر الزعبي من خطر قادم يتعلق بتدهور الكربون المحجوز في التربة الذي يعد وجوده دليلاً صحياً للأراضي الزراعية، وقد أصبح اليوم في مستويات دنيا نتيجة التغير المناخي والأساليب الزراعية الخاطئة وعدم التوجه نحو الزراعات الذكية مناخياً التي يتم العمل عليها حالياً في وزارة الزراعة، وذلك من خلال عدة تقنيات علمية وفنية منها حصاد مياه الأمطار وتسوية الأراضي بالليزر وهناك ثلاث وحدات تسوية تعمل حالياً في حماة وحلب وريف دمشق، وهذه العملية من شأنها زيادة كفاءة استخدام المياه وتوفير ما يقارب 25 بالمئة منها، وهي أسلوب ذكي مناخياً للتكيف مع التغير المناخي، إضافة إلى التوجه لاعتماد أنواع معينة من الأسمدة العضوية خلال هذه المرحلة للتخفيف من التكاليف الناجمة عن استخدام الأسمدة المعدنية.

وتابع: «كما عملنا خلال العام الحالي على اعتماد بعض الأصناف الزراعية المقاومة للجفاف كالقمح والشعير».

Exit mobile version