Site icon صحيفة الوطن

كيف تقوي إرادتك وتطورها؟ … كل واحد منا يكافح بطريقة ما ضد الإغراءات ويقاوم الإلهاء والتشتت والمماطلة

| مصعب أيوب

كثيرة هي المرات التي قررنا فيها تغيير عادة ما أو الشروع بشيء ما «الإقلاع عن التدخين أو تعلم لغة جديدة أو ممارسة الرياضة اليومية» ولكن شيئاً خفياً يثنينا عن فعل ذلك ونخدع أنفسنا في كل مرة، وحدها قوة الإرادة تستطيع أن تسيطر على تصرفاتنا في ظل ما نتعرض له من صعوبات وتحديات.

كتاب جديد أطلقته الهيئة العامة السورية للكتاب عن المشروع الوطني للترجمة بعنوان «قوة الإرادة.. كيف نطورها ونقويها؟» يضيء على صراعات الفرد مع نفسه لتغيير أفكار معينة أو مشاعر أو عادات وغير ذلك، لتكون نتيجة ما يعزز ذلك الفهم الخاطئ لقوة الإرادة والتعامل مع حقائق علمية جامدة على نحو سيئ، والاستمرار في الاعتماد على إستراتيجيات قديمة غير فاعلة تؤدي إلى إلحاق أضرار جانبية وفقدان السيطرة على النفس.

تخلص من العادات القديمة

وقد شمل الكتاب الموضوع في ٣٠٠ صفحة أحدث نتائج الأبحاث التي قدمها علماء النفس والاقتصاد والطب والأعصاب، بعد أن شرح طريقة التخلص من العادات القديمة والقضاء على آفة التأجيل ومعرفة التخلص من الضغوط النفسية، كاشفاً أهم أسباب استسلامنا للمغريات، ويقدم حلولاً علمية للمدمنين سواء على الكحول أم استخدام الشبكة العنكبوتية أم أي نوع آخر للإدمان.

ويعتمد الباحث في دراسته على مبدأ أن النجاح ينطلق من السيطرة على النفس يأتي من معرفة نقاط الضعف، فبعد تحديد الأهداف وتوافر الوعي اللازم لما يريد الفرد إصلاحه، سيكون قادراً على تحقيق ما يريد، فلا بد من معرفة الأسباب التي تدفعنا للاستسلام وعدم التفكير بأي حال من الأحوال بالفشل أو الخوف من عدم النجاح، فالمدخن مثلاً يتباهى بقوة إرادته في الإقلاع عن التدخين هو أكثر عرضة للعودة إليه خلال مدة لا تزيد على بضعة أشهر، وكذلك الشخص الذي يتفاءل بقدرته على تنحيف جسمه فهو أكثر عرضة من غيره للسمنة من جديد، وذلك لأن هؤلاء الأشخاص لا يبتعدون عن المغريات أو ما يريدون التخلص منه بشكل كامل وقطعي، فالمدخن يمضي جل وقته بين المدخنين، وطالب الجسم الرشيق لا يبقي ثلاجته فارغة من الحلوى والشوكولاته وما شابهها وعند أول عائق أو تحد أو مصيبة يقوم أحدهما بنسف خطته ويستسلم.

وخصص في الكتاب الذي ترجمه د. برجس أبو حسون جانب لتفنيد الإخفاقات الشائعة في ضبط النفس، وكل فصل من فصول الكتاب يكشف أحد المفاهيم أو الحالات الخاطئة والشائعة حول التحكم بالإرادة، ويدرسها ويوضح حيثياتها، ويقترح أسلوباً وإستراتيجية جديدة لتجاربنا ومعاناتنا معها، ويشير إلى الأسباب التي تؤدي بنا إلى الإخفاق عندما نستسلم للمغريات، كما يمكننا أن نجد في الكتاب طريقة مناسبة للاستفادة ولإنقاذ أنفسنا من المصير الشرير عن طريق تحديد الأخطاء وإدراكها وتحويل كيفية التعاطي معها إلى طريقة في تحقيق النجاح.

مظاهر قوة الإرادة

ويظهر علم قوة الإرادة أن كل واحد منا يكافح بطريقة ما ضد الإغراءات والتعلق بشيء ما والإلهاء والتشتت والمماطلة، مؤكداً أن كل ما سبق لا يعتبر نقاط سوداء ويستحق الوصف بالفشل، بل هي ظواهر عالمية عامة تشكل جوهرنا الإنساني.

يحتوي كل فصل في الكتاب على نوعين من المهام التي تساعد القارئ على الاستكشاف لإرادته الذاتية، يسمى الأول تحت المهجر وفيه بعض الأسئلة حول ما يحدث في حياتنا، وكيف تقيم نجاح أو إخفاق إرادتك، وأن تقوم بالبحث والتدريب الميداني، كأن تدقق بطريقة البائعين داخل المتاجر لإضعاف ضبطك لإرادتك، وعليك أن تكون الباحث الفضولي والمحايد، من أجل مزيد من الاكتشاف، كما ستجد في كل فصل بعض التجارب المأخوذة من بعض البحوث العلمية يمكن أن تكون إستراتيجيات علمية، وتمكننا من تعزيز قوة الإرادة، ويحث الكتاب على التوقف عن المراوحة في المكان ومحاولة إيجاد حلول جديدة والقيام باختبارات وأبحاث مناسبة لكل فرد.

وتترابط أفكار الكتاب وإستراتيجياته فيما بينها وتتكامل وتتوزع على عشرة فصول، يقدم كل واحد من هذه الفصول فكرة مبدئية رئيسية مع أسسها العلمية وطريقة مقاربتها وتطبيقها على أهدافك، ويستطيع كل فصل في الكتاب أن يعد ويؤهل المتلقي للفصل الذي يليه.

ماذا سأفعل؟

وتطرح الباحثة كيلي مكجونيغال صاحبة الدراسة بعض التساؤلات حول اختبار قوة «أنا سأفعل» بحيث من المؤكد أنه لدى كل شخص منكم شيء ما يريد ويجب القيام به أو الانشغال به، أو شيء ما يريد اتوقف عنه، واختبار قوة «أنا لن أفعل» ما العادة الأكثر تمكناً منكم أو التصاقاً بكم، وتودون التخلص منها أو لا ترغبون في القيام بها، واختبار قوة «أنا أريد» ما أهم هدف في حياتك؟

وفي الختام يقدم المؤلف عدة أسئلة للمتلقي من أجل مراجعتها بعد أن ينهي قراءة البحث منها: هل تغيرت أفكارك حول قوة الإرادة وضبط النفس؟ ما تجربة أو اختبار قوة الإرادة الذي كان مفيداً لك شخصياً؟ وما الاكتشاف الأفضل بالنسبة لك؟وما الذي ستدرجه لنفسك من الملاحظات؟

Exit mobile version