Site icon صحيفة الوطن

وزير الموارد المائية في حوار لـ«الوطن»: واقع المياه جيد… وحال السدود مقبول ومشاريع إستراتيجية قيد الإنجاز

| هني الحمدان– محمود الصالح

تشكل وزارة الموارد المائية إحدى أهم الوزارات الخدمية في البلاد انطلاقاً من الخدمات التي تقدمها في توفير مياه الشرب والري والإشراف على السدود والموارد المائية في البلاد وازدادت أعباء هذه الوزارة خلال سنوات الأزمة بسبب ما عانته مصادر المياه من ضغوط من المجموعات الإرهابية التي أخذت تبتز الجهات المعنية على نقطة المياه ما زاد من حجم المعاناة وزاد في تكاليف توفير البدائل.
الحقيقة أن وزارة الموارد المائية نجحت في تحقيق المناورة بين الإمكانات المحدودة جداً والتكاليف الكبيرة وبين مطالب الناس وعلى الرغم من وجود الكثير من المعاناة لكن لم يعطش الناس في أصعب الظروف وبقيت المياه متوافرة ولو بحدودها الدنيا.
نحاول أن نسلط الضوء على واقع العمل في وزارة الموارد المائية ومؤسساتها المختلفة مستندين في ذلك إلى ما نتابعه من نشاطات متميزة لوزير الموارد المائية الذي يتابع كل تفاصيل العمل اليومي وبشكل ميداني حيث وجدناه صباح أمس بين المراجعين في صالات خدمة المواطنين في دمشق وقبل أيام في الريف وحلب والساحل وغيرها. هذا يجعلنا نطرح الأسئلة على مسؤول متفهم لحجم المعاناة ويمتلك تفاصيل الواقع والمعالجة من خلال عمله الميداني.
في هذا الحوار مع الدكتور المهندس كمال الشيخة وزير الموارد المائية نقدم الأجوبة دون رتوش لنضع القراء بصورة ما يجري في مجال الموارد المائية.

الإرادة الصلبة
الشيخة بدأ حديثه بواقع مؤسسات الموارد المائية خلال هذه الأزمة قائلاً:
لا شك أن خمس سنوات من الحرب المجرمة والظالمة بهذا الشكل الذي عاصرناه كفيلة بإنهاك وإضعاف أي مؤسسة خدمية في أي دولة في العالم وخاصة في ظل استخدام كل الوسائل الممكنة من أدوات الإجرام لإضعاف وإنهاك دور الدولة ومؤسساتها في تأدية الخدمات الأساسية للمواطنين وأهمها مياه الشرب الآمنة وقد ساعدت العديد من العوامل في تجاوز معظم الأزمات المتعلقة بتوفير مياه الشرب الآمنة للمواطنين أهمها البنية التحتية القوية التي يتميز بها قطاع مياه الشرب في سورية والدعم الحكومي المستمر لهذا القطاع وصمود المواطن السوري وصبرنا وإرادتنا وإصرارنا على استمرار تزويد المواطنين بمياه الشرب بكل الظروف، إضافة إلى الجهود المبذولة من شركاء لنا في الإنسانية من الجهات المانحة الذين ساهموا مساهمة فعالة في توفير مستلزمات عمل منظومة مياه الشرب وهذا يعود إلى حسن تعامل الوزارة ومؤسساتها مع هذه الجهات والاستفادة من خدماتها في ظل ظروف الحصار الاقتصادي الأحادي الجانب المفروض على سورية ومنها قطاع المياه.
ويمكن اعتبار مؤسسات مياه الشرب والكوادر العاملة في القطاع هي أحد أهم المقومات الأساسية التي ساعدت المواطن السوري على الصمود في وجه الهجمة الشرسة على سورية وتعمل هذه المؤسسات حالياً بكفاءة جيدة مستفيدة من الدروس والظروف التي مرت بها خلال السنوات الخمس الماضية ومن ورائها الدعم المقدم من الحكومة ممثلة بالجهات المعنية الأخرى كافة ويمكن اعتبار الوضع المائي حالياً تحت السيطرة في معظم المحافظات والأراضي السورية، ونعتبر المواطن السوري هو البوصلة التي تحدد عملنا ونسعى لتحقيق مطالبه.

مصادر بديلة
بيّن الشيخة تفاصيل خطة تأمين مياه الشرب للعام الحالي:
تسعى الوزارة وجميع مؤسساتها إلى أن يكون وضع تأمين مياه الشرب للإخوة المواطنين لهذا العام أفضل حالاً مما كان عليه في عامي 2014 و2015 من خلال الدروس المستقاة من أزمات انقطاع مياه الشرب ونقصها وأسبابها في العامين المذكورين واستطعنا أن ننجز العديد من الإجراءات الفعالة التي تمكننا من تحسين الوضع المائي في المحافظات كافة، فمنذ بداية هذا العام قمنا بالطلب من جميع مؤسسات مياه الشرب لوضع خطة مسبقة وتحضيرية لمعالجة أي طارئ متوقع حدوثه وتشمل الخطة تقييماً لواقع التزويد الحالي والإجراءات المتخذة سابقاً بسلبياتها وإيجابياتها، وتحديد نقاط الضعف في منظومة التزويد بمياه الشرب، ووضع رؤية وإجراءات تنفيذية لتلافيها قبل حصولها، فمن المعلوم أن لكل محافظة خصوصيتها في طريقة عمل منظومة التوزيع ونقاط الضعف فيها، فبعض المناطق يكون الحل بتوفير مصادر مياه داعمة وأخرى تحتاج إلى إعادة هيكلة وتنظيم خطوط نقل المياه وتوزيعها للوصول إلى التوازن العادل لمياه الشرب وأخرى تحتاج إلى معالجة موضوع بدائل الطاقة اللازمة لضخ وإيصال المياه للمواطنين.
وضمن هذا الإطار نقوم الآن بمراجعة ودراسة خطط المؤسسات التي يتم وضعها تباعاً، وصولاً لإجراءات تنفيذية واقعية بالإمكانات المتاحة، من شأنها أن تحسن الوضع المائي وتسد الثغرات الحاصلة في الأعوام السابقة وتحد من حدة أزمات انقطاع مياه الشرب وسنقوم على دعم هذه الإجراءات وتنفيذها بالسرعة الكلية تحضيراً للموسم المقبل.
ونشير أيضاً إلى استمرار الوزارة ومؤسساتها باستكمال تنفيذ خطط الطوارئ من مصادر المياه البديلة التي بدئ بتنفيذها فعلاً خلال العام الماضي فعلى سبيل المثال لا الحصر حفر وتجهيز 150 بئراً لتأمين مياه الشرب لمدينة حلب في حالات الطوارئ، والتي انتهى حفر 126 منها حتى تاريخه ويتم استكمال تجهيزها تباعاً بالتعاون مع المنظمات المانحة، بحيث أصبح عدد الآبار العامة العاملة في المدينة لتأمين مياه الشرب 207 آبار تؤمن بحدود 68000 م3 يومياً، إضافة إلى ما تم إنجازه من آبار الطوارئ في مدينة دمشق وفق الخطة التي تم وضعها لرفع طاقة مراكز الضخ في المدينة إلى 200 ألف م3 يومياً بدلاً من المتوفر حالياً والبالغ 100 ألف م3 يومياً، وذلك عن طريق حفر وتجهيز 144 بئراً إضافياً على كل من الحاملين الجوفيين الأول والثاني حيث تم حتى تاريخه تجهيز ثلاث آبار في الربوة والمباشرة بحفر ست أخرى على سفح جبل قاسيون، والاتفاق مع الجهات المانحة لتمويل تجهيز مجموعة من الآبار في المناطق الجنوبية من المدينة. كما تم إنجاز المرحلة الاسعافية من خط نقل مياه آبار زرزر إلى المدينة باستطاعة 25 ألف م3 يومياً ووضعها بالخدمة لتأمين مصدر إضافي لمياه الشرب للمدينة في حالة انقطاع المياه من المصدر الرئيسي.

خطة الطوارئ
وفيما يتعلق بخطة الطوارئ التي يفترض أن تكون جاهزة بشكل دائم لتأمين سرعة الاستجابة شرح الوزير ما تم القيام به في هذا المجال:
تهدف الخطة إلى تنفيذ إجراءات مناسبة تكفل تأمين الحدود الدنيا من مياه الشرب للتجمعات السكانية في حالات الطوارئ التي من أهمها: انقطاع المياه من المصدر الرئيسي المغذي لمنظومة مياه الشرب.
ونقص الموارد المائية لمنظومة مياه الشرب نتيجة الظروف المناخية أو تراجع الإمداد في حوامل الطاقة.
وترتكز أسس الخطة على تأمين المصادر المائية وذلك من خلال تأمين مصادر مائية احتياطية محلية في أقرب موقع ممكن من الشبكة وربط هذه المصادر بالشبكة أو استخدامها كمناهل عامة. وزيادة الطاقة التخزينية المكانية. وتزويد التجمعات السكانية القريبة من مصادر مياه سطحية بوحدات تنقية متنقلة. والتزويد بالصهاريج لبعض المناطق في حالة تعذر تزويدها مباشرة عن طريق الشبكة. وإجراء الربط الهيدروليكي بين المشاريع في التجمعات السكانية وتزويد التجمعات السكانية بخزانات طوارئ. الاحتفاظ بحد أدنى من مخزون مواد التعقيم بأنواعها كافة يكفي لاستهلاك شهرين. وتزويد مراكز التعقيم الفرعية بكمية احتياطية من مواد التعقيم تكفي لاحتياج المركز لمدة 15 يوماً على الأقل. وربط مراكز الضخ الرئيسية كافة التي تزيد استطاعتها على 10 آلاف م3 / يوم بتغذية كهربائية حلقية أو بخلايا مستقلة من محطات التحويل وذلك بالتنسيق مع وزارة الكهرباء. والتوسع بتزويد مراكز الضخ كافة بمجموعات توليد احتياطية وفق الأولويات وتزويد المجموعات كافة بخزانات وقود احتياطية تؤمن احتياجها من الوقود بما لا يقل عن 15 يوماً.
ونشير إلى أنه تم اتخاذ العديد من الإجراءات من ضمن بنود خطة الطوارئ خلال العام المنصرم في المحافظات كافة، ونقوم حالياً باستكمال تنفيذ الإجراءات وفقاً للأولويات والإمكانات المتاحة.

تخريب مشاريع الري
ولأن هناك مهام كبيرة للوزارة تفوق مسألة مياه الشرب فهي تتولى مهمة إنجاز وتشغيل مشاريع الري لمئات آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية التي تشكل قاعدة الاستقرار الزراعي والتي بات معظمها تحت سيطرة الإرهابيين أوضح الشيخة واقع هذه المشاريع قائلاً:
لقد انعكست الأزمة الحالية بشكل سلبي ومباشر على مشاريع الري في قطرنا، ومن الطبيعي أن تكون هذه المشاريع مستهدفة نظراً لأهميتها ودورها الحاسم في تأمين الأمن الغذائي لشعبنا الصامد خلال السنوات التي سبقت الأزمة. إن تعرض مشاريع الري المستثمرة للتخريب أو تعطيل الاستثمار وخاصة في المناطق التي وقعت تحت سيطرة العصابات الإرهابية المسلحة ينسجم مع أهداف المؤامرة التي يتعرض لها بلدنا وشعبنا والتي كانت الحرب العدوانية إحدى أدوات هذا التخريب أو التعطيل.
فإذا علمنا أن أغلب المساحات المستصلحة أو المروية وخاصة بالمناطق الشرقية واقعة تحت سيطرة العصابات الإرهابية علينا الاستنتاج مباشرة بأن استثمار هذه المساحات معطل على الأقل ناهيك عن التخريب الذي لحق بمنشأتها سواء الأقنية أم محطات الضخ أو حتى خطوط نقل الطاقة أو مصادر الطاقة التي تساهم في تشغيل هذه المشاريع.
إلا أننا بهذه المناسبة نحيي عمالنا الذين استطاعوا تشغيل هذه المشاريع على الرغم من ظروف الترهيب والابتزاز والعدوان الذين تعرضوا له، فقد حافظوا على مستوى مقبول لهذه المشاريع.
لم تقتصر الأضرار على مشاريع الري قيد الاستثمار بل يمكن القول إن الأضرار قد لحقت بالمشاريع قيد الدراسة أو المزمع دراستها حيث توقفت أعمال الدراسات لأغلب المشاريع بسبب غياب الأفق الزمني لوضع هذه الدراسات موضوع التنفيذ أو استحالة الشخوص إلى مواقع هذه المشاريع لاستكمال التحريات أو الدراسات الطبوغرافية وغيرها.
أما عن المشاريع قيد التنفيذ فقد توقفت أغلب المشاريع وخرب الجزء المنفذ من العصابات الإرهابية.
وقد بلغت أضرار مشاريع الري حتى تاريخه نحو (72) مليار ليرة سورية.
إضافة لتعطل عملية المباشرة ببعض المشاريع الإستراتيجية التي يعول عليها الكثير في الخطط التنموية ولا سيما مشروع ري دجلة على مساحة نحو 200 ألف هكتار، وكذلك تنفيذ مشروع سد حلبية زلبية مع المحطة الادخارية المزمع إقامتها التي ستساهم بتأمين نحو 1000 ميغاوات من الطاقة الكهرمائية الرخيصة، إضافة إلى ري 26 ألف هكتار بالراحة لمحافظة دير الزور.

السدود بخير
وفيما يتعلق بالسدود بيّن الوزير واقعها خلال هذا العام:
ما زالت الهطلات المطرية لهذا الموسم قليلة نسبياً إذا ما قورنت بالهطل الوسطي حتى التاريخ نفسه، إضافة إلى أن هذه الهطلات لم تبلغ من حيث الشدة المطرية ما يؤدي إلى الجريان السطحي في أكثر المسيلات والأدوية لذلك فإن المخازين المائية في معظم السدود في القطر ما زالت متواضعة حيث يبلغ مجموع تخازين السدود في القطر حتى تاريخه نحو 847 مليون م3 (عدا سدود نهر الفرات) بنسبة مقدارها 29% من إجمالي الطاقة التخزينية لهذه السدود على حين بلغ التخزين المقابل في التاريخ نفسها من العام الماضي نحو 885 مليون م3. علماً أن نسبة التخزين الحالي إلى التخزين التصميمي تتفاوت بشكل كبير بين الأحواض المائية إذ تبلغ في حوض الساحل 52% وفي حوض العاصي 42% على حين لا تتجاوز في حوض اليرموك 8% من التخزين التصميمي لسدود الحوض.
ونأمل أن يعم الخير أرجاء الوطن وترتفع الواردات المائية في جميع الأحواض خلال الأشهر المتبقية من الموسم المطري.

معظم المحطات خارج الخدمة
تضررت الكثير من محطات معالجة الصرف الصحي في البلاد وهي اليوم تعاني كثيراً. عن ذلك أشار الشيخة قائلاً:
باشرت الوزارة وأعطت عام 2011 أمر المباشرة لتنفيذ 97 محطة معالجة للصرف الصحي على مستوى القطر. ونتيجة الأوضاع التي يمر بها قطرنا الحبيب فقد توقف عدد كبير من هذه المحطات عن التنفيذ لأسباب عديدة نذكر منها:
• وقوع بعض المواقع لمحطات المعالجة ضمن مناطق ساخنة.
• الحظر المفروض على القطر وأن التجهيزات الميكانيكية والكهربائية ذات مصدر أوروبي.
• تذبذب الأسعار ونكول المتعهدين عن التنفيذ.
• هذه الأسباب أدت إلى توقف عدد كبير من المحطات عن التنفيذ. إضافة إلى ذلك هناك عدد من محطات المعالجة التي تضررت بسبب الأعمال الإرهابية ونذكر منها على سبيل المثال:
محطة معالجة دمشق (عدرا)، محطة معالجة حلب، محطة معالجة داريا، محطة معالجة دير عطية، محطة معالجة القريا، محطة معالجة درعا، محطة معالجة داعل.

نراهن على عمالنا
وعن تأثر مؤسسات الوزارة بنزيف القوى العاملة قال:
إن الظروف التي أفرزتها الأزمة على العاملين بالوزارة ومؤسساتها شكل عنصراً ضاغطاً على الأداء بشكل عام. وإن العمل في ظروف الأزمة له خصوصية ونحن نراهن على وطنية عمالنا وكوادرنا في تحمل أعباء هذه المرحلة بما يساهم قدر الإمكان في تحقيق الخطط والبرامج التي تساهم في تخفيف آثار الأزمة عن الإخوة المواطنين.
مع التنويه بأننا طلبنا من المؤسسات كافة الاستمرار في برامج التأهيل والتدريب بل تأهيل الصف الثاني من الخبرات وذلك تلافياً لغياب أي من الكوادر أو الخبرات التي نعتز بها دوماً.
لقد فقدت مؤسساتنا كوادر وخبرات كبيرة بسبب الظروف الحالية ولكننا نعمل على تعويض هذه الخبرات والكوادر بالسبل المتاحة وبما تسمح به القوانين والأنظمة النافذة.

مشاريع إستراتيجية
وفيما يتعلق بالمشاريع الإستراتيجية بيّن الوزير:
تضمنت خطط وبرامج الوزارة العديد من المشاريع الإستراتيجية سواء في مجال الري أم السدود أو على مستوى مياه الشرب والصرف الصحي نذكر منها:
جر المياه من سد 16 تشرين في محافظة اللاذقية وتنفيذ العديد من السدات المائية وجر المياه إلى مصفاة الفرقلس والقرى العطشى في ريف حمص الجنوبي الشرقي. كما تمت المباشرة الفعلية بتنفيذ محطتي معالجة الصرف الصحي لكل من مدينتي اللاذقية وطرطوس.
وعلى كل الأحوال فإن وزارتنا تترقب بتوق شديد اللحظة التي تنطفئ فيها جذوة المؤامرة ويعود الأمن والأمان إلى ربوع وطننا الغالي لتنطلق مشاريع الوزارة من جديد وخصوصاً المشاريع الإستراتيجية التي حالت الظروف الحالية دون المباشرة بها وهي مشروع ري دجلة ومشروع سد حلبية زلبية المكون من سد للري وتوليد الكهرباء ومحطة توليد كهربائية ادخارية باستطاعة نحو 1000 ميغاواط، إضافة إلى إعادة تأهيل مشاريع الري القائمة لرفع كفاءتها المائية والإنتاجية، وكذلك معاودة تنفيذ الخطة الوطنية لاستكمال محطات المعالجة التي كانت مقررة في العديد من المواقع وفي جميع المحافظات.

Exit mobile version