Site icon صحيفة الوطن

كيف سيصبح الشرق الأوسط بعد اتفاق واشنطن وطهران؟

تيري ميسان : 

 

يلعب المثقفون دوراً مهماً في فهم العالم من حولنا، يتجلى في حال كهذه بالتنبؤ بما ستكون عليه المنطقة بعد الاتفاق بين واشنطن وطهران.
غير أن أحداً منهم لا يغامر في إبداء رأيه.
أولا، لأن هناك احتمالات كبرى لارتكاب أخطاء، ثم لأنه ومهما كانت طبيعة الافتراضات المعلنة، فلا بد أن تثير غضب الجانبين في الوقت نفسه.
في الواقع، أن منطق هذا الصنف من الاتفاقات يقوم على إجراء انقلاب في الإستراتيجيات، وبالتالي، خيانة بعض الحلفاء، وهو ما لا يمكن الاضطلاع به علناً.
مع ذلك، سوف أغامر ببضع فرضيات في هذا الشأن:
في البداية، كانت واشنطن تنظر إلى تقاسم «الشرق الأوسط الكبير» مع روسيا. وكان ذلك موضوع مؤتمر السلام في جنيف، في حزيران 2012.
غير أن نهوض روسيا كقوة عالمية أقنع الولايات المتحدة أنه من غير الممكن أن تعهد بدور الشرطي الإقليمي لدولة لا يقتصر طموحها على إمبراطورية تابعة للولايات المتحدة فقط، بل لتكون قطباً مستقلاً. الأمر الذي دفعها للتوجه نحو إيران.
بناء على ذلك، فإن الهدف الإستراتيجي لواشنطن من هذا الاتفاق يبدو في إعادة تقليد إيران الدور الذي كانت تمارسه في عهد الشاه، أي الشرطي الإقليمي، وفي حال قبولها لعب ذلك الدور، تكون طهران قد تخلت عن مثلها الأعلى الذي رفعه الإمام الخميني في مناهضة الامبريالية.
ولكي يكون الاتفاق مقبولاً في نظر الرأي العام، لا بد أن يترجم إلى أوسع نطاق ممكن لوقف إطلاق النار، وبالتالي تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ.
يتعين على الاتفاق أن يستجيب، لهدفين إستراتيجيين للولايات المتحدة: أمن إسرائيل، والسيطرة على مصادر الطاقة. كما يتعين على إيران، في الوقت نفسه، الاعتراف بأن تشكل دول الخليج، إضافة إلى المملكة الأردنية، وربما المغرب، «قوة عربية مشتركة» برعاية الجامعة العربية، لكن تحت القيادة العسكرية الإسرائيلية.

من جهتها، يتعين على الولايات المتحدة الاعتراف بـ«استقرار» العراق، وسورية، ولبنان، من إيران.
مثله، مثل أي اتفاق اقتسام كلاسيكي، تم ترجيح أفضلية الاستقرار على التغيير، وبالتالي الاعتراف بأن الحدود «لا تتغير» من خلال القوة، بل عبر المفاوضات.
بناء على ذلك، سوف يتعين على الولايات المتحدة التخلي عن إستراتيجية الفوضى التي تنفذها منذ عام 2001، في مقابل تخلي إيران عن تصدير ثورتها.
روسيا، القوة الوحيدة القادرة على إجهاض هذا الاتفاق، لن تتدخل، لأنها انطوت على فضائها السوفييتي السابق.
أما الصين، فهي تراقب من ناحيتها باستياء انزلاق حليفتها من بين أصابعها، على حين تواصل الولايات المتحدة تنمية قدراتها العسكرية في الشرق الأقصى.
بوسعنا من الآن فصاعدا، توقع العواقب المحتملة لهذه الافتراضات:
-سقوط حكومة نتنياهو، واستبدالها بتحالف ينفذ بعد 18 سنة من التأخير، اتفاقيات أوسلو، أي، الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية، في مقابل تخلي منظمتي فتح وحماس معاً عن حقهما غير القابل للتصرف في العودة، مقابل تعويض مالي حصيف، وكذلك انسحاب كل من السيد حسن نصر اللـه وسعد الحريري من الحياة السياسية نهائياً، والسلام في سورية، لكن مع استحالة استغلال مخزوناتها من الغاز لتمويل إعادة الإعمار، على حين ستتكفل التعويضات الخليجية بذلك.
كل العائلات الحاكمة في الخليج ستستبدل بالإخوان المسلمين، باستثناء قطر.

Exit mobile version