Site icon صحيفة الوطن

بدافع الغريزة..

| د. اسكندر لوقا 

للغرائز في العصر الراهن، بأنواعها المختلفة، دورها الفاعل في حياة المجتمعات لا الأفراد فقط، بينها على سبيل المثال غريزة الطعام والشراب والخوف وحب الظهور والتملك والاعتداء على الغير وسوى ذلك في سلم الغرائز التي تسيّر أصحابها أحياناً، مكبلي الأعين عن رؤية الحقائق أمامهم. ولهذه الغرائز، باعتبارها من مكونات نفسية الإنسان، قدرة ما على مواجهة المغريات، بعض منها يصمد والبعض الآخر ينهار بشكل أو بآخر.
هذه المعادلة معترف بها من قبل علماء النفس المرضي تحديداً على اختلاف بيئاتهم وأزمانهم. ومن هنا القول إن هذه الغريزة أو تلك ليست وقفا على عرق معين من الناس أم مجتمع بعينه. بيد أن ما يجعلها تفقد معناها أن ثمة غرائز باتت تتميز عن سواها في الكثير من مجتمعات عصرنا الراهن، العصر الذي غدا فيه الإنسان «كائنا» ولا يرتوي.
من ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، غريزة جمع المال، حب السلطة، البحث عن الجنس، السعي لتملك ما ليس لمن تسيره غريزته المرضية، على غرار سلب الناس حقوقهم المشروعة في الحياة، وهذا حصراً ما يتجلى في زمن الاعتداء على ممتلكات الغير بقوة السلاح أو بالإغراء.
في زمن الحرب التي يشنها أعداء الإنسانية على سورية، تتبدى هذه الظاهرة بأدق صورها، سعيا وراء الحصول على ما ليس لهم مندفعين وراء غريزة التملك، إرضاء لأسيادهم المتربعين على عروش أقلها عروش النفط. ومن هنا القول إن الجشع من مكونات الغرائز التي لا يعرف أصحابها الشبع حتى في حال إصابتهم بمرض التخمة.
إن سورية التي خبرت أمثال هؤلاء المرضى، تدرك جيداً مآل الصراع الدائر بينها وبينهم، ومن أجل تلقينهم درسا تلقاه أسلافهم قبل عقود، تؤكد عزمها على ردعهم عن تحقيق أغراضهم في جعل سورية تقبل بالأمر الواقع، وفي السياق المتصل تحقق نصراً تلو النصر على أرض الواقع.
إن البذرة، مهما كان مصدرها، لا يمكن أن تثمر في أرض من طينة غير طينتها وهذا ما تؤكده وقائع المواجهة مع حملة شتى أنواع الأسلحة والسيوف، في إطار دفاع أبناء سورية اليوم، مدنيين وعسكريين، عن وطن الأجداد والآباء، مهما بلغ الثمن.
وسوف تبرهن الأيام الآتية، أن سورية العروبة، تبقى الدولة العربية الأولى في سلم المقاومة الشريفة عن حق الشعب العربي في الحياة بكبرياء وشرف.
يقول الشاعر والمسرحي الفرنسي جان كوكتو [1889 – 1963] إن الغريزة تتطلب أن تروَّض.
ترى كم يلزم من وقت بعض العرب حتى تروض غرائزهم كي يعترفوا بأن سورية تبقى المعلم الذي يفتخر الإنسان بانتمائه إليها؟ أم سيبقون يعملون ضدها بدافع غرائزهم المريضة؟

Exit mobile version