Site icon صحيفة الوطن

كلية الآداب في جامعة دمشق تستضيف… المفتي العام سماحة الشيخ أحمد بدر الدين حسون … المفتي العام للطلاب: الدين واحد والشرائع شتى وأنتم الغد المشرق

| سوسن صيداوي

في اليوم الثاني لاحتفالية «أيام الآداب الثقافية» حضر سماحة الشيخ أحمد بدر الدين حسون وكان له كلمة للطلاب في كلية الآداب ركز فيها على ضرورة العلم وأهمية اقترانه بالآداب قائلا: « الآداب هي قمة القيم، فطبيب بلا آداب ومهندس بلا أخلاق ومفت بلا آداب ووزير بلا آداب، إنسان مجرد من إنسانيته ولذلك قال الرسول الكريم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي»، ولم يقل علمني ربي فأحسن تعليمي، فالعلم بلا أدب مأساة لصاحبه، وكل من حمل علوماً ولم يحمل معها آداباً حولها إلى سلاح قاتل، فالكتب السماوية بأجمعها جاءت لتربية الإنسان أخلاقيا وأدبياً».
أجمل الشعر أصدقه

كذلك ركز الدكتور أحمد بدر الدين حسون على أهمية الكلمة مركزا على ضرورة الإحساس بما لها من معنى معتبراً أنه مهما قام المرء بقراءة كتب وشعر وغيره فإذا كانت القراءة سطحية فإن جهدها سيذهب في مهب الريح لأنه بالنهاية المضمون فارغ، موضحا: «لا تعتبروا أيها الطلاب ما تدرسونه اليوم مهما كانت طبيعته جغرافية أو تاريخية أو لغوية أو أدبية، مجرد كلمات تدرسونها بل هي قيم الإنسان في الكلمة، فالكلمة هي بدء الخلق وطبعا أول كلمة نزلت إلى نبينا كانت «اقرأ» فالكلمة ليست فارغة من روحها، وحتى نحقق المعنى في الكلمة والجملة علينا أن نجعل لكل كلمة روحاً، فالذي يقرأ الكلمة بلا شعور لن يكون في حياته ولن يكون أديباً ولذلك سمي الشعر شعرا لأنه ينقل الشعور إلينا، فهناك المئات من القصائد التي كتبت ولكنها انطوت لأنها لم تعّبر عن شعور صاحبها، وكانوا قالوا «أجمل الشعر أكذبه» ولكن هذا خطأ كبير لأن «أجمل الشعر أصدقه».

تعدد الطوائف في الهند
واقع التقسيم الذي تحاول دول الغرب تنفيذه في المنطقة عموماً وفي سورية خصوصاً تطرق إليه الدكتور أحمد بدر الدين حسون شارحا من خلال زيارة له للهند « كانت لي زيارة إلى الهند، هذه الحضارة العريقة، وما جعلني مندهشا هو أنهم فيها جعلوا سيوفهم مرايا وليست أدوات للقتل فمن بين ست مئة مليون هندوسي وثلاثة ملايين طائفة، لا يضرب واحد منهم الآخر كفا على وجهه فهم يعتبرون إيذاء الإنسان اعتداء على اللـه وهذا طبعا معاكس لما هو في واقعنا، وبالرغم من فقرنا بالطوائف مقارنة بهم إلا أن كل واحدة من طوائفنا تقوم على الأخرى، وطبعا في هذه الزيارة قرأت الواقع هناك وأدركت ما آل إليه واقعنا، فقبل مئة وخمسين سنة قامت بريطانيا بتقسيم قارة الهند وفي وقتها كان ناشد غاندي العاقل شخصاً تم اختياره رئيساً مسلما على ولايته الناتجة عن تقسيم الهند قائلا: «أناشدك اللـه كن رئيساً للهند كلها ولا تكن رئيساً لدولة صغيرة»… فأبى طبعا وقسمت الهند وكان من نتائج التقسيم البريطاني للهند هدم سبعين ألف مسجد بعضها أكبر من المسجد الأموي لدينا، وسرقة ثلاثة آلاف طن من الذهب وأجملها ماسة التاج البريطاني التي صدرت فيها محكمة منذ أسبوعين بأنه لا يمكن استردادها إلى الهند لأنها أهديت من أمير من أمراء الهند لملكة بريطانيا.. هكذا قالوا».

لا يوجد ما يسمى دولة دينية
شرح سماحة المفتي أحمد بدر الدين حسون من خلال زيارته للهند أنها علمته الكثير مما يحصل في سورية اليوم، فالتاريخ يعيد نفسه، وكيف أن الغرب ومنذ مئات السنين أراد أن يدمر هذه المنطقة والمناطق المجاورة من خلال التدمير الثقافي والفكري والديني «طبعا كان تقسيم الهند تقسيماً دينياً والآن جاؤوا إلى سورية ولبنان وقسموهما دينيا بل كي يقسموا المنطقة بأجمعها دينيا، فخلقوا دولة باسم نبي اسمه يعقوب واسمه في القرآن إسرائيل وطبعا هي أول دولة على مدى التاريخ تسمى باسم نبي، فلا يوجد ما يسمى الدولة الدينية لأن الدولة يقيمها البشر وأما الإنسان فأقامه الله، والرسول الكريم لم يبن دولة بل بنى أمة والأمة هي من بنت الدولة».

العقيدة واحدة منذ أيام آدم
شرح المفتي العام الفرق بين العقيدة والشريعة موضحاً أن الإنسان واحد على الرغم من تعدد أقوامه أو قومياته «الدين واحد ولو تعددت شرائعه، فلا يوجد أديان ما دام الديّان واحداً، كما لا يجوز أن يتعدد الدين منذ أيام آدم إلى اليوم، إنما الشريعة هي التي تتحرك وهي التي تتغير أحكامها بتغير الزمن وضروراته، أما العقيدة التي هي الدين لا تتغير وكل العقائد ملخصة بكلمتين» قداسة الديان وكرامة الإنسان «وهي طبعا محور كل العقائد».

ما يحدث في سورية اليوم هو مناعة اكتسبناها… فخافوا من مناعتنا
شدد الدكتور أحمد بدر الدين حسون على أن سورية طالما كانت ولادة للعلماء والأدباء والمثقفين وأنها كانت مصدرا للفنون والفكر والإبداع ولكل ما هو جميل وحتى يمكننا القول إنه نادر ولا يمكن إيجاده في بلاد «هذه هي سورية التي خرّجتني في جامعاتها ودرّسني أساتذتها وطبعا سورية هي أول دولة في المنطقة تعتمد العلمانية التي أول ما ظهرت في فرنسا، والتي هي ليس لها علاقة بالدين بل هي فصل الدين عن السياسة، الثقافة السورية مختصرة بالقول «الحمد لله رب العالمين» فسواء من كان في المجتمع من مسلمين ومسيحيين وغيرهم من الطوائف فهو جزء من هؤلاء العالمين، وما دام اللـه هو الواحد فما علينا نحن البشر إلا أن ندل الآخرين على الطريق ونمتنع عن الحكم على البشر وطبعا لا يجوز أن يكره المرء على الدين بل لا بد أن يكره على الدستور، والسبب الدين موقعه القلب والقانون موقعه الإلزام وهذا الفرق بين الدولة الدينية والدولة القانونية، والمؤرخ العربي كتب الخلافة الأموية والخلافة العباسية والعثمانية، ولابد لنا أن نعيد النظر بكل ما يطلق من شعارات، فنحن نعيش ضمن دولة الوطن التي تضم كل أبناء الشرائع السماوية والقوميات فوطني مقدس بتنوعه الطائفي».

في الختام
شدد الدكتور أحمد بدر الدين حسون مخاطباً الطلاب في كلية الآداب على أهمية التمسك بتراثنا وتاريخنا وبضرورة قراءته بطريقة علمية محايدة «أبنائي وبناتي أرجوكم أعيدوا قراءة كتب الجغرافيا والتاريخ والفكر والآداب ثقافيا بقراءة جديدة، كما أعيدوا قراءة القرآن الكريم قراءة جديدة وافهموه بعقولكم لا بعقول علماء مروا من سنين مضت».

Exit mobile version