Site icon صحيفة الوطن

السعودية: الممر العربي لإسرائيل

| بيروت – محمد عبيد

من السذاجة بمكان الاعتقاد أن الاتفاق المصري- السعودي حول ملكية جزيرتي «تيران» و«صنافير» هو عقد ثنائي عادي بين دولتين عربيتين لن تكون له أي انعكاسات سياسية أو اقتصادية أو حتى قومية وإستراتيجية فيما يتعلق بمستقبل الصراع مع كيان العدو الإسرائيلي. فالموقع الجغرافي- السياسي للجزيرتين يفرض نفسه على الوقائع السياسية التي ستلي توقيع هذا الاتفاق، بدءاً من الأزمة الداخلية الظاهرة التي عبرت عنها التحركات الشعبية في شوارع القاهرة ومدن مصرية أخرى خلال اليومين الماضيين، والكامنة التي تم التعبير عنها على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال مواقف بعض الشخصيات والنخب المصرية حول الإحساس بإهانة الكرامة المصرية من أجل حفنة من الدولارات مهما بلغت، أو الشعور بالمرارة وخيبة الأمل نتيجة التهاون بموضوع سيادي وطني أثار جدلاً على مدى عشرات السنين بين البلدين المعنيين واستقر الأمر على أحقية مصر بملكية الجزيرتين، وهو ماتم تكريسه من خلال أكثر من دراسة قانونية وأكاديمية.
إلا أن الأبرز كان الإقرار الدولي بسيادة مصر عليها، حيث إن الجزيرتين كانتا وما زالتا جزءاً من التسوية التي سُمِيت «اتفاقية كامب دايفيد» بين الكيان الإسرائيلي ومصر انطلاقاً من أنهما في الأرض المصرية وتتبعان لسيادة القاهرة برغم ما تضمنته هذه التسوية لجهة وجود قوات متعددة الجنسيات بقيادة أميركية فيهما بصفة مراقب، هذا الوجود الذي اشترطه الكيان الإسرائيلي كي يضمن حرية وأمن الملاحة للسفن التجارية والبوارج الحربية الإسرائيلية أيضاً على اعتبار أن الجزيرتين تقعان، وخاصة «تيران»، على تخوم الممر المائي لميناء «إيلات» جنوبي كيان العدو.
بناءً على ذلك، تؤكد مصادر ديبلوماسية مطلعة أنه ما كان للقيادة المصرية أن تُقدِم على هذه الخطوة الإستراتيجية والإشكالية من دون التشاور مع الإدارة الأميركية وحكومة الكيان الإسرائيلي التي تلقفت الخطوة إيجابياً حيث لم تُبدِ أي اعتراض بل إنها لم تُثِرْ أي تساؤل أو استفسار حول مستقبل وآلية حركة ملاحة سفنها وبوارجها في الممر المذكور.
وتعتقد هذه المصادر أن الجانب السعودي يُجَهِزُ عدته الإعلامية والدبلوماسية لضخ كَمٍ كبير من المسوغات تحت عنوان «الواقعية السياسية» حول التماس الإيجابي العلني الذي سيبلغ حتماً حد التعاون عند انتقال سيادة هاتين الجزيرتين إلى حكومته، وهو المسوغ الأبرز الذي اعتمدته باقي معظم دول مجلس التعاون الخليجي عند مشاركة وفود إسرائيلية في نشاطات دولية وشرق أوسطية في عواصم هذه الدول، وهو الأمر الذي شرع الأبواب لتطبيعٍ في العلاقات بين حكومات هذا المجلس – باستثناء السعودية والكويت – والكيان الإسرائيلي.
على حين تؤكد مصادر قيادية في المقاومة اللبنانية أن التعاون السري، وليس فقط تلاقي المصالح، قائمٌ فعلاً بين السعودية وإسرائيل على أكثر من صعيد وخصوصاً منها العسكري، حيث تشير إلى امتلاكها لائحة تفصيلية بأسماء ضباط برتب مختلفة في الجيش السعودي تلقوا تدريبات قتالية نوعية في معسكرات داخل كيان العدو الإسرائيلي بهدف تحسين أداء هذا الجيش في عدوانه على الشعب اليمني.
وفق هذه الوقائع والمعلومات، تنتفي الأسباب كافة التي تمنع التنسيق السعودي-الإسرائيلي العلني والمباشر وخاصة عندما يبدأ البحث بالتحضيرات لإنشاء الجسر الموعود بين مصر والسعودية عبر جزيرة «تيران» انطلاقاً من واقع أنه لابد من الأخذ بعين الاعتبار الحاجات الحيوية الإسرائيلية في هذا الممر المائي.
أيضاً لابد من الإشارة إلى أن اجتماع حكومة العدو الإسرائيلي على الأرض السورية في الجولان المحتل، الذي اعتبرته مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز آنذاك منطقة محتلة لا تسويات من دون استرداده، عُقِدَ بعد مرور أسبوع تقريباً على الاتفاق المصري- السعودي حول السيادة على الجزيرتين المذكورتين!

Exit mobile version