Site icon صحيفة الوطن

الحرب في اليمن تهيئ بيئة ملائمة لانتشار القاعدة وداعش

أثار إرسال قوات أميركية إلى اليمن لمساعدة حلفاء واشنطن الإماراتيين على قتال «القاعدة» الكثير من الأسئلة عما إذا كانت هذه الخطوة هي لإنقاذ الحلفاء؟
ومنذ بداية العمليات العسكرية للتحالف السعودي في اليمن، قدمت الولايات المتحدة دعماً لهذا التحالف الذي كان هدفه إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف به دوليا إلى سدة الحكم في البلاد، بعد أن اجتاح الحوثيون وقوات الرئيس السابق العاصمة والمحافظات، ووصلوا إلى قرب محافظة حضرموت.
وقد هيأت هذه الحرب بيئة ملائمة لانتشار تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين وتوسعهما. فبعد شهر على بداية الحرب في نهاية آذار عام 2015، انسحبت قوات الجيش والأمن الموالية للرئيس السابق علي عبد اللـه صالح من مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت كبرى محافظات اليمن، وسيطرت عناصر «القاعدة» على المدينة والبلدات القريبة وحكمتها طوال عام كامل.
واستغل تنظيما «القاعدة» و«داعش» الحرب، التي حملت شعارات مذهبية، وانتشرا في معظم محافظات الجنوب وفي البيضاء وتعز وسط البلاد، وقاتل عناصر هذين التنظيمين إلى جانب القوات الحكومية ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق. وما أن ألحقت قوات التحالف الهزيمة بتحالف الحوثيين وصالح حتى أضحت في مواجهة هذه العناصر، التي نفذت سلسلة من الهجمات والاغتيالات استهدفت حتى مقري رئاسة البلاد ورئاسة الحكومة.
وبعد أن أصبح تنظيم «القاعدة» يدير «إمارة» حضرموت، وأصبح لديه كميات كبيرة من الأسلحة التي استولى عليها من معسكرات الجيش والأمن، وملايين الدولارات التي نهبها من البنوك أو من عائدات الضرائب على التجارة وإدارة ميناء المكلا، قررت الإمارات العربية المتحدة والسعودية إنهاء هذه الإمارة، وطلبتا الدعم والمساندة من الولايات المتحدة التي لم تتردد في ذلك.
ولا يمكن فصل هذا الطلب عن المواجهة مع الحوثيين وقوات الرئيس السابق، لأن تنامي قوة «القاعدة» ونفوذه هما نتاج طبيعي للحرب، التي وإن تمكنت من انتزاع محافظات عديدة من سيطرة الحوثيين، فإنها حتى الآن لم تستطع هزيمتهم بشكل كامل، بل إن الرياض فتحت اتصالات مباشرة وسرية مع قادة الجماعة وعقدت اتفاقاً لوقف القتال على طول الشريط الحدودي، وهي تقدم نفسها اليوم باعتبارها راعية للسلام في اليمن.
وفي ظل التعقيدات التي تواجهها محادثات السلام الجارية في الكويت، فإن الوجود العسكري الأميركي في اليمن ضاعف من هذه التعقيدات، وبات هذا الوجود سبباً لتعليق الجلسات.
ويبدو أن تأثيره سيستمر، حيث يصر «أنصار الله» وممثلو حزب الرئيس السابق على ضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية من اليمن، وبينها الأميركية والإماراتية والسعودية، بل ذهبوا إلى معارضة الغارات الجوية ضد مواقع «القاعدة» باعتبار ذلك انتهاكا للسيادة.
ولأن الجانب الحكومي يعتمد على قوات التحالف في مساندة قواته في المواجهات مع الحوثيين وأتباع الرئيس السابق وفي المواجهة مع «القاعدة»، اكتفى باعتبار ما صدر عن خصومه دفاعاً عن الإرهاب، ورفضاً للحرب على «القاعدة»، التي جعلها سببا لاجتياحه المحافظات، ولاتهام الرئيس هادي وحكومته حينها بالتواطؤ مع من وصفهم بـ«الدواعش».
وإذا ما أخذ في الاعتبار أن للولايات المتحدة تجارب سيئة في المنطقة العربية والقرن الإفريقي، فإنها عملت طوال السنوات السابقة للحرب من داخل الأراضي اليمنية عبر غرف عمليات مشتركة استهدفت مواقع ونشطاء تنظيم «القاعدة» في مختلف المناطق، ولكنها سحبت كل عسكرييها مع اجتياح الحوثيين العاصمة وقبل وصولهم أيضاً إلى مدينة عدن.
ولهذا، فإن الاعتقاد السائد هو أن واشنطن ستقدم دعماً ومساندة محدودين للقوات الإماراتية والسعودية واليمنية، لكنها لن تجرؤ على المشاركة في المواجهات على الأرض.
روسيا اليوم

Exit mobile version