Site icon صحيفة الوطن

أيمن زيدان في رابع تجاربه الإخراجية … «أيام لا تنسى».. شخصيات يسيطر على مجملها الانكسار والحزن والخيبة والمرارة وبعض لحظات الفرح المسروقة

| وائل العدس

يضع المخرج أيمن زيدان اللمسات الأخيرة على مسلسله «أيام لا تنسى» عن نص للكاتبة فايزة علي ليكون جاهزاً للعرض خلال شهر رمضان القادم بعد ثلاثة أشهر من العمل اليومي الشاق.
هذه الرحلة بدأها زيدان من دمشق، حيث صور المشاهد الأولى منتصف شباط الفائت، قبل أن يتوجه بكاميراته إلى أحضان الطبيعة السورية في ريف محافظة طرطوس، وتنقل مع فريقه خلال الشهرين الماضيين، بين عدة مواقع تصوير، أبرزها موقع «الكوخ» على ضفاف نهر «العزق»، حيث قام فريق العمل ببناء كوخ خشبي، يستجيب لرؤية المخرج التي تولي الطبيعة دوراً بارزاً في الأحداث.
يؤدي أدوار البطولة: سوزان نجم الدين، وديمة قندلفت، ووائل رمضان، ومحمد حداقي، وصباح الجزائري، وحلا رجب، ومحمد قنوع، ورنا كرم، وشادي زيدان، وروزينا لاذقاني، وولاء عزام، وروبين عيسى، وكرم الشعراني، ومصطفى سعد الدين، ولوريس قزق، وعروة العربي، ومازن الجبة، وعلي الإبراهيم، وحسن دوبا، بالاشتراك مع رضوان عقيلي وزهير عبد الكريم.

ميلودراما اجتماعية
المسلسل ميلودراما اجتماعية، تلاحق عبر أحداثها الممتدة بين عامي 1990 و2016؛ الصحافية والروائية «دينا»، و«مريم» التي تدفع ثمن كونها ابنة غير شرعية، وطالبة الطب «ليلى»، انكساراتهن، وقصص حبهن، ولحظات فرحهن المسروق، في دراما متصاعدة، تعيد الاعتبار للصورة والحكاية التلفزيونية، عبر الاعتناء بتفاصيلها الجميلة والمشوقة، وعلى خط مواز، يتتبع المشاهد قصص ثلاث نساء أخريات.
وتواجه الشخصيات مسارات حياتية مختلفة، يسيطر على مجملها حالة من الانكسار والحزن والخيبة والمرارة وبعض لحظات الفرح المسروقة.

رابع عمل
يعد هذا العمل الذي تنتجه وتنفذه «إي بي سي»، بالشراكة مع «سيريانا» رابع تجارب زيدان في مجال الإخراج بعد «ليل المسافرين» عام 2000، و«طيور الشوك» عام 2004، و«ملح الحياة» عام 2011، ليكتفي هذا الموسم بحضوره مخرجاً للمسلسل وبطلاً في فيلم «الأب» لباسل الخطيب، كما صدرت له حديثاً مجموعة قصصية بعنوان «أوجاع».
توجه زيدان بالشكر للشركتين المنتجتين، لتوفيرهما جميع الإمكانات المادية المترتبة على خياراته لمواقع التصوير ونجوم العمل، رغم كلفها الإنتاجية العالية.
وأكد أن الطبيعة ستلعب دوراً درامياً صريحاً في العمل، بما تملكه من تأثير على المشاهدين، وأعرب عن أمله بتقديم مقترح بصري لافت عبر هذا المسلسل، يستند إلى ما وصفه بمعطيات موضوعية في النص.
وأشاد زيدان بأداء الممثلين، وجهود فريق عمله معتبراً أن الحب والعلاقة الإيجابية، بين المشروع ورأسماله، وكل عناصره، كل ذلك، ساهم بخلق أجواء مثالية للعمل، حيث استطعنا بناء شراكة متينة معاً، ستنعكس في الصورة التي سنقدمها للمشاهد.
وأشار إلى أن لكل شخصية في العمل قصتها ومصيرها وحكايتها بغض النظر عن عدد مشاهدها، وقال: إن توليه إخراج العمل يندرج ضمن رغبة بإنجاز مشروع صادق وحقيقي.
وأضاف: يحمل النص نفحة روائية. وأهم ما فيه هو الجانب الحكائي الذي أصبح مهملاً في الدراما التلفزيونية في السنوات الأخيرة.
ولفت إلى أن المسلسل يتحرك في جغرافيات مختلفة تأتي حاملة للجانب المديني والريفي لتكون الطبيعة ضرورة درامية أيضاً
من ناحية ثانية، قال: استطعنا حقيقة أن نورط من حولنا في مشروعنا أناساً وأمكنةً، وتحويلهم إلى شركاء، وكنا دائماً نحظى بوداع حميمي من سكان المناطق التي أنهينا تصويرنا فيها بطرطوس.
وخص أهالي قرية دوير طه بالتحية، قائلاً: أرفع القبعة لهذه القرية وأهاليها، حيث صورنا فيها مشاهد ترصد حالات نفسية معقدة للشخصيات، وتتطلب تركيزاً عالياً من الممثلين أدوها وسط صمتٍ مطبق، في حين كان يتابعها ما لا يقل عن 400 شخص، كأنهم يحضرون أحد عروض مسرح الشارع. بدا الصوت تقنياً بأفضل حالاته، كما لو كان مسجلاً داخل استوديو.

امرأة متجبرة
تؤدي سوزان نجم الدين دور «ملك» وهي امرأة متجبرة وقاسية، تقدس العمل والمال، تستولي على كل ما يملكه زوجها «جلال» (وائل رمضان)، وتستغل نزوته مع خادمة العائلة «نورا» (روبين عيسى)، وترفض مسامحته، مبقية إياه تحت سيطرتها.
ورغم قسوة تركيبة الشخصية، أكدت أنها عملت جاهدةً مع المخرج على تقديمها بعيداً عن الصورة النمطية للمرأة المتجبرة، وإبراز عمقها الإنساني، النابع من معاناتها الحقيقية خلال أحداث العمل، إذ لا يوجد خير أو شر مطلقان.
وأعربت نجم الدين عن اعتقادها بأن العمل سيكون: مختلفاً من حيث الإيقاع التلفزيوني المعهود، والدفء المسيطر على الجو العام لأحداثه، فكاميرا المخرج كانت رفيقة لأحاسيسنا ومشاعرنا كممثلين معظم الوقت.
وهذه ليست المرة الأولى التي تؤدي نجم الدين دوراً تلفزيونياً، تحت إدارة أيمن زيدان كمخرج، حيث كانت بطلة تجربته الإخراجية الثانية «طيور الشوك 2004»، بعد الثنائي الخالد بأذهان الجمهور العربي «مفيد الوحش ولبيبة»، الذي قدماه كممثلين في المسلسل الشهير «نهاية رجل شجاع» سنة 1994، عن رواية للأديب السوري الكبير حنّا مينه.
النجمة السورية وصفت العمل مع زيدان، بالممتع دائماً، وهذا ما شعرت به مجدداً وقالت إنه فنان كبير وإنسان حقيقي، ومخرج متميز، يجمع بين الصلابة والمرونة بتوازن عبقري، ينعكس من خلاله دفء روحه على المشهد الدرامي، والعلاقات الإنسانية أيضاً.
وتمنت على الجمهور العربي أن يتابع هذا المسلسل بحب، لأن الحب هو عنوانه الحقيقي، وكل شخصية من شخصياته عاشت فعلاً أياماً لا تنسى، حولت حياة كل منهم إما لجحيم أو فشل، أو فرح ونجاح.

صحفية متحررة
تجسد ديمة قندلفت شخصية «دينا» وهي صحفية، متحررة في أفكارها، مقبلة على الحياة، وصاحبة موقف، تعيش قصة حب تمر عبرها بتطورات، تدفعها لمراجعة خياراتها، والتحلي بقدر أكبر من الواقعية، قبل أن يخفق قلبها مجدداً لحبِّ «شجاع» (محمد قنوع)، بالتوازي مع تغير مسار حياتها، تحت تأثير أحداث تمر بها مع أبيها العميد المتقاعد «خليل» (زهير عبد الكريم)، وزوجة أبيها وصديقتها «مرح» (عبير شمس الدين)، وتلك الأحداث ستكون مادّة روايتها الأولى، عن أيام شهدتها بحلوها ومرها.

مرارة العزلة
يشهد الكوخ «أحد مواقع التصوير» عزلة الفتاة الشابة «مريم» (حلا رجب) إحدى بطلات المسلسل الرئيسيات، ففيه ولدت، كابنة غير شرعية، وكبرت وسط هواجس أمها «نورا» (روبين عيسى)، وإهمال أبيها «جلال» (وائل رمضان) الذي لا يتجرأ على الاعتراف بها، خوفاً من سطوة زوجته «ملك».
«نورا» كانت تعمل خادمة في بيت «جلال»، أحبته بصدق، وصدقته، لكنها دفعت ثمن ذلك الحب، وتجرعت مرارة العزلة، مع ابنتها «مريم» التي ربتها وحيدة، وسط خوفها المرضي من فقدانها، وانعدام ثقتها بالرجال، والمحيط، مخاوف حولتها إلى شخصية عصابية، كبرت قبل أوانها، وأحنى الهم ظهرها، أما الابنة فاختبرت معنى الظلم باكراً، حيث نشأت في جو من الحرمان والتوتر، في حين تعيش أختاها غير الشقيقتين «ديالا» (روزينا لاذقاني)، و»غنوة» (ولاء العزام) أفضل الظروف، بكنف والدهما الثري.
وبعد أن تجاوز عمرها العشرين؛ تسعى «مريم» إلى تغيير قدرها على الغفلة من أمها.. لكن هذا السعي سيقودها إلى مصير أكثر إيلاماً.
يفرض الدور على روبين عيسى إبراز فارق عمري بينها وبين ابنتها بحدود الـ 25 عاماً، إلى جانب الحالات النفسية الصعبة التي تمر بها.
العمل يرصد أربع مراحل عمرية لها وصولاً إلى عمر الـ 45 حيث انتهى بها المطاف في هذا الكوخ المعزول كامرأة عصابية، خائبة الأمل، تعاني الوحدة مع ابنتها التي تحكم حولها الحصار، خوفاً من فقدانها أو مواجهة مصيرٍ مماثل لما واجهته.
ورغم التحدي العمري، تقول روبين عيسى أنها لم تتردد في قبول الدور، وأغرتني الشخصية منذ قراءتي الأولى لها، وشجعني إحساس زيدان بقدرتي على أدائها. كما أن صديقتي «حلا رجب» شريكة جيدة. كلانا أحب الدورين اللذين نلعبهما، ويعطي اقتراحات للآخر، تدعم شكل العلاقة بيننا في المسلسل كأمٍ وابنتها.
أما عزلة «مريم» فليست إلا فصلاً من فصول الحكاية التي وصفتها حلا رجب بالمؤثرة، والغنية والمغرية لأي ممثلة على مستوى التطورات والتفاصيل، ومساحة الأداء.

درب طويل
وتؤدي رنا كرم شخصية «ليلى» وهي إحدى البطلات الثلاث، اللواتي يلاحق العمل مصائرهن، عبر أحداثه الممتدة بين عامي 1990 و2016.
طالبة الطب «ليلى» ابنة «زاهر» (رضوان عقيلي)، و«فريزة» (صباح جزائري)، لم تتخيل يوماً وهي الفتاة المقبلة على الحياة، والتي تعيش قصة حب جميلة مع «طارق» (مصطفى سعد الدين)؛ أن تسلك درب آلام طويلاً، يحمل لها القدر خلاله خسائر فادحة قد تدفع أي إنسان للجنون، لكنها رغم قسوة ما تواجهه من الفجائع، وآلام الفقدان، تبقى قوية، متمسكة بالحياة.
ثمّة صداقة عائلية، تجمع بين الصحافية «دينا» (ديمة قندلفت)، و«ليلى» التي يتقاطع قدرها أيضاً مع «مريم» (حلا رجب)، فكلتاهما تقعان فريسةً لانتهازية «أبو سعيد» (محمد حداقي) الذي يتاجر بكل شيء من أجل تحقيق طموحه في الثروة، وهو رجل يدير ورشة، وهو شخص وصولي مستعد لأن يفعل أي شيء من أجل المال وهو ما يحصل عليه. لكن «أبو سعيد» يعيش مشكلة حقيقية تتمثل بعدم قدرته على الإنجاب رغم زواجه أكثر من مرة، في حين اسم «أبو سعيد» هو مجرد لقب لشخصية وهو ما يجعله يعاني طوال حياته من هذه المشكلة.

Exit mobile version