Site icon صحيفة الوطن

«شعراء الأطفال» يلقي الضوء على تنمية المحاولة الشعريّة عند الطفل العربي … شعراء سوريون برعوا وتفردوا في شعر الطفولة على الصعيد العربي

| عامر فؤاد عامر

يذكر «عبد اللطيف أرناؤوط» في بداية كتابه «شعراء الأطفال»: «… أن الدراسات التي قُدّمت حول الطفل والشعر تجمع ضرورة تقديم نصوص من الشعر الحديث الذي يتفاعل بلغته مع المشاعر والبنى الجماليّة، ويتحرّر من الإيقاع الخارجي وشروطه التي يجهلها الطفل، ولا بدّ من قراءة مختاراتٍ شعريّةٍ لشعراء محدثين، ويوضح المعلّم للطلاب، كيف يتحول الموضوع الشعري بموهبة الشاعر إلى قطعة جماليّة تؤثر في النفس».

الأطفال والشعر
يبين الكتاب في مطلعه ضرورة حض الطفل على كتابة الشعر بتأمين الظروف الملائمة لذلك، ومساعدته في التعبير عن مشاعره، ومن بين المقارنات بين هذه الموهبة والتعامل مع مواهب أخرى كالموسيقا يوضّح الكاتب فروقاتٍ نذكر منها: «ونلاحظ أن الموسيقا قد لا تثير لدى الأطفال مشاعر يمكن التعبير عنها بالشعر، وخاصّة الموسيقا التقليديّة بسبب غموضها وصعوبة تجسيدها شعراً، على حين يستجيب الأطفال للتعبير عن القصص أو الذكريات بشعر حيّ ومعبّر. فالطفل يكتب عن تجربة خبرها وعاشها، كالكتابة عن سقوط الثلج واللعب به، أو نقد بعض الممارسات التعليميّة التي لا يرضى عنها، بعد أن أصبح بالغاً وقادراً على نقد الأشياء والحكم عليها».

كيف نصنع الشعراء الأطفال؟
يُشير الكاتب في هذا القسم من الكتاب إلى تجربة جادّة قامت بها الأديبة «عائشة أرناؤوط» في التعامل مع التعبير الأدبي لدى الأطفال في الفترة (1962 – 1969) والتي قدّمت خلالها دراسة عمليّة في التعامل مع الطفل وتحريض مخيلته بأمثلة موثّقة، وفي هذه التجربة يقول الكاتب: «تلك هي تجربة تربويّة ناجحة، أتمنى أن ينظر فيها وأن تجرّب في المدارس، ونحن نشهد الضياع في دروس التعبير، والحيرة التي تتردد في ممارسات المعلمين، فمن أهداف درس التعبير أن نعدّ أديب المستقبل، ولن نعدّه بتوصياتنا، بل بتشجيعه على أن يعبّر عن مشاعره وذاته بحريّة وصدق».

تجربة سليمان العيسى في كتابة أناشيد الأطفال
يعدّ الشاعر الكبير «سليمان العيسى» متفرّداً في اهتمامه بشعر الطفولة والتعامل مع الأطفال بعناية كبيرة في مجال الأدب، وهذا التفرد على صعيد شعراء العربيّة كافة، وفي هذا الاتجاه يضيف «عبد اللطيف أرناؤوط»: «إن سليمان العيسى هو الشاعر الوحيد بين شعراء العربيّة الذي أولى شعر الطفولة عنايته، وثابر في تحسين تقنياته في الأداء، وما أجدر أن يحذو الشعراء حذوه، لنصل إلى شعر للأطفال يلائم عالم الطفل ومنطقه، فالطفولة هي حجر الزاوية في مستقبل أمتنا، فإن أهملناها أهملنا امتدادنا القومي، وأصالتنا وقيمتنا الإنسانية، وسلمنا أجيالنا للثقافات الوافدة التي قد تطمس هويّتنا، وتقتلع جذورنا». ومن الأمثلة القريبة إلى الطفل في تلقيه للحرف وحفظه وتعلم كتابته نشيد الحروف والذي اقتطفنا منه:
ألفٌ باءٌ تاءٌ ثاءْ مدت أغصاناً خضراءْ
جيمٌ حاءٌ خاءٌ دالْ دنيا أوراقٍ وظلالْ

ملامح تربويّة في شعر «فالح فلّوح»
نذر الشاعر والمربي «فالح فلّوح» نفسه في خدمة التربية من خلال أشعاره وترسيخ قيمها وتقديمها للأطفال بصورة ملأى بالخيال والتنوّع الذي يلائم الطفولة ويشجّع الأطفال على ممارسة القيمة والأخلاق وتكريسها في يومياتهم، وعنه يشرح الكاتب: «عرفتُ الباحث والمربي الأستاذ فالح فلّوح موجّهاً أول للغة العربيّة ومساهماً في إعداد المناهج والكتب المدرسيّة، ولمستُ فيه أن التربيّة تحتلّ مكانة بارزة في شعره ومقالاته التي نشرها في المجلات والصحف السوريّة والعربية، فشعره موجّه لعمله التربوي في جملته، حتى ذلك الشعر الذي كانت تمليه مشاعره الخاصّة». ومن الأمثلة التي اخترناها في شعر «فالح فلّوح» والقريبة من الطفل وإرشاده:
أيّها الطالب مهلاً فزتَ، لا تطو الكتابا
واتخذ منه صديقاً تجن شهداً مستطابا
واجتنب عشرة لاهٍ ضيع العمر سراباً
لا تقل ضاع شبابي أنت ضيّعت الشبابا

«كامل كيلاني» وشعر الأطفال
شملت قصائد «الكيلاني» مختلف القيم والاتجاهات التي يسعى إلى غرسها لدى الطفل والمشاعر الإنسانية التي يرغب في تعزيزها لديه، منها القيم الروحيّة والوطنيّة والتربويّة والخلقيّة، مثل تحمّل المسؤوليّة وتقدير الوقت وتنمية الملاحظة لدى الطفل والارتباط بالطبيعة والبيئة والوفاء للأسرة، ونقد العيوب ونبذ العدوان، وتمجيد العمل والتعاون والإتقان ومحاربة النقائص والعيوب. من شعره نذكر أيضاً:
أنا يعسوبٌ نشيطٌ وأنا أم الخلية
أنا في النحل أمير خادم بين الرعيّة
الشاعر «جابر خير بك» وعالم الكتابة للأطفال
هو شاعر القصيدة الاتباعية الحديثة بأوزانها التقليديّة ونفسها الملحمي الطويل، وبعد تهيبه عن التجربة في كتابة القصيدة للأطفال يقدم عليه من خلال أناشيد شعريّة بنوع من الحذر ومن تجربته نذكر قصيدة تحمل عنوان «طفل الحجارة»:
بوركت يا طفل الحجارة فلقد حميت لنا الحضارة
وأعدت مجداً غابراً ورفعت عن غدنا الستارة
فبدا جميلاً مشرقاً وسما وكنت لنا البشارة
غابت أسى شمس الضحى فوثبت تعطيها الإشارة

السمات التربويّة في شعر الأطفال لدى الشاعر «حامد حسن»
تلفت نصوص الشاعر «حامد حسن» التربويّة إلى سمتين الأولى التدفق الشعري العفوي الانسيابي وإصابة المعنى والثانية تتجلى في الدمج بين الثنائيّات المتقابلة الجمع بين المثاليّة والواقعيّة والعاطفة والعقل وغيرها. ومن قصائده نذكر هذا المقطع:
أنا الخبز… أنا الخبز
أنا النعمى… أنا الكنز
إذا ما كنت في بيت
يتيه البيت يعتز

Exit mobile version