Site icon صحيفة الوطن

النشاشيبي والصحفي وليد عوض … المال أذل أعناق بعض الصحفيين في لبنان وأحالهم إلى رجال تشريفات ومجالس أنس

| شمس الدين العجلاني

في مسيرة تاريخ رجال الصحافة هنالك صحفيون يصنفون بأصحاب «القلم الحاد» أو بالمشاكسين؟! وتاريخ الصحافة مليء بمثل هؤلاء، وفي الصحافة العربية ظهر على سبيل المثال الصحفي الفلسطيني الكبير ناصر الدين النشاشيبي، والصحفي المخضرم اللبناني إسكندر الرياشي.
وكتب كل منهما عشرات المقالات ووضعا الكتب العديدة، يكشفون من خلال ذلك المستور عن ممارسات رجال السياسة والصحافة، من دون مواربة وإن كنا مع أو ضد ما كتب النشاشيبي أو الرياشي، فلا بد أن يقرأ، فكل منهما وضع بصماته الناصعة في تاريخ الصحافة.. والأهم من هذا وذاك، لا بد من مقارنة بعض ما يجري الآن على الساحة الصحفية العربية وخاصة اللبنانية مع ما سطر النشاشيبي والرياشي، وأن نتساءل: لو كان أحدهما الآن على قيد الحياة ماذا كان سيكتب عن حالنا وأحوالنا الاعلامية، وعن هذا الانحطاط الذي وصل إلى ذقون وأقلام بعض العاملين في الإعلام العربي… ولنأخذ مثالنا النشاشيبي.

النشاشيبي
هو ناصر الدين النشاشيبي صحفي ومؤرخ فلسطيني، ولد في مدينة القدس في سنة 1919 أو 1920، ودرس في المدرسة الرشيدية، ثم درس في الجامعة الوطنية في عاليه ثم الجامعة الأميركية في بيروت وحصل فيها على بكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصاد. عاد إلى القدس بعدها وعمل في إذاعتها معلقاً أدبياً، وكان في سنة 1945 سكرتير بعثة فلسطين إلى جامعة الدول العربية.
كما شغل مناصب عدة في الدول العربية منها رئاسة تحرير جريدة الجمهورية المصرية، وعمل مديراً عاماً للإذاعة الأردنية، ومندوبًا متجولاً لدار أخبار اليوم القاهرية حتى عام 1960، حيث انتقل إلى جريدة الجمهورية القاهرية، وعمل فيها حتى سنة 1966 وانتدبته الجامعة العربية بعد ذلك ليكون سفيراً متجولاً لها.
نشر مئات المقالات في كبريات الصحف العربية وتنقل في العديد من دول العالم، وصادق أصحاب الشأن في العالم ودول الخليج العربي، كما نشر ناصر الدين النشاشيبي أكثر من 50 كتاباً في السياسة والأدب والتراجم وأدب الرحلات، منها شباب محموم، 1949. عندما دخلوا التاريخ، بيروت 1956. قصص وأصحابها، بيروت 1962. حفنة رمال، بيروت .1964 نحن مع أحرار اليمن، القاهرة 1962. الحبر الأسود.. أسود، باريس 1977. صلاة بلا مؤذن، بيروت 1980. قصتي مع الصحافة، مدريد .1983 لماذا وصلنا إلى هنا، لندن 1985. المرأة تحب الكلام، لندن 1986. حديث الكبار، 1986. في مملكة النساء. نساء من الشرق الأوسط. حضرات الزملاء المحترمين، القدس 1995، ونلاحظ من عناوين هذه الكتب أنها تحمل بين طياتها «حالة صدام» إن صحت التسمية!؟
يقولون إن الراحل ناصر الدين النشاشيبي (93 عاماً) كان عملاقًا شاملاً في الصحافة والسياسة والتاريخ والأدب والفن، خلال مسيرة عطاء دامت أكثر من ستين عاماً.
وافاه الأجل المحتوم في القدس، المدينة التي عشقها، يوم 17 أيار من سنة 2013 م.
من أشهر مقولاته عن صحافة أيامنا هذه: «إنهم يخلطون الحابل بالنابل يعرضون الأخبار بأسلوب بدائي وهزيل جداً، أشعر بالضيق عند قراءتي الصحف اليوم – 2009 م».

حضرات الزملاء المحترمين
في عام 1995 م أصدر النشاشيبي كتابه حضرات الزملاء المحترمين – استحلوا الكرامة والأعراض والأموال والأسرار «عن دار» أخبار البلد في القدس.
في هذا الكتاب كشف النشاشيبي المستور عن الصحافة العربية وبعض عمالقتها، وقال في مقدمة كتابه: «يبقى الحق الطبيعي للصحفي أن يكتب عن قضايا أمته وعن أخبار شعبة، ولكن من حق هذا الشعب التعرف على حقيقة الصحفيين الذين يكتبون عنه! إن حق الصحفي وحق الشعب، متساويان! ومقدسان».
ويشير النشاشيبي بالبنان إلى الصحفيين المرتبطين مع أجهزة المخابرات الأجنبية والعربية بالإضافة إلى عملهم الصحفي: ( لم يكن في مصلحة الصحافة العربية في شيء أن يصبح بعض الصحفيين من «الزملاء الكرام» محسوباً على أجهزة المخابرات الأجنبية والعربية بالإضافة إلى عمله الصحفي. لقد عرفت في مصر صحفياً مصرياً كان يعمل كمراسل سياسي لمجلة «آخر ساعة» المصرية ويعمل لحساب البوليس السياسي المصري… وفي بيروت، كان الصديق والزميل الراحل صاحب «الصحفي التائه» الأستاذ إسكندر الرياشي، يفخر أمام الناس أنه يعمل في خدمة «مارون عرب» المستشار السياسي «الخاص» في سفارة الإنجليز ببيروت..).
ويتابع النشاشيبي بالقول (ما زلت أذكر قول الزميل الراحل «صلاح سالم »، في حديثه معي عن المحررين في جريدة «الجمهورية» حيث قال –عندنا في الجرنال أكثر من خمسمئة محرر ومصور ومراسل، نصفهم مرتبطين مع أميركا وخمسهم مع السوفييت، وثلثهم مع ألمانيا الغربية، والبقية مع سفارات العراق، وسورية، والبوليس السياسي المصري..)
ويؤكد النشاشيبي أن المال وحده هو: (الذي أحال «عميد الأدب العربي» طه حسين، إلى مجرد اسم عادي على الصفحة الأولى من جريدة «الجمهورية» القاهرية،… وهذا المال هو الذي أقنع طه حسين في عام 1945 بأن يصبح رئيساً لتحرير صحيفة «الكاتب المصري» المملوكة يومذاك من أغنى عائلة يهودية في مصر!! والمال وحده هو الذي نقل عملاق صحافة مصر محمد التابعي من صاحب أشهر مجلة سياسية أسبوعية إلى مجرد كاتب أسبوعي في صحف دار «أخبار اليوم».. والمال وحده هو الذي أذل أعناق بعض الصحفيين في لبنان وأحالهم من أصحاب صحف إلى رجال تشريفات ومجالس أنس ومختبرات للأمراض الجنسية لحساب شيوخ البترول في دنيا الخليج!).
و لم يستثنِ النشاشيبي بقلمه الحاد رجال الأعمال السوريين فيقول: (وكان المليونير «أكرم العجة» يقوم بتسديد فواتير كبار رجال الصحافة العرب في بيروت، وباريس، وجنيف، ولندن لحساب جهات سامية «سعودية» عربية! وكذلك عدنان خاشقجي.. وكذلك وفيق سعيد..! وكذلك رجا صيداوي!! وكذلك كمال أدهم.. وغيرهم وغيرهم من سماسرة السلاح وأغنياء الحروب!).
بل إن النشاشيبي يتهم بقلمة الحاد تجار السلاح والبترول هؤلاء، بأشياء وأشياء وكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم!؟: (كان معروفاً كذلك، أن مكاتب هؤلاء الأثرياء قد تشعبت ووسعت نشاطها «لخدمة» بعض الكبار من الصحفيين إلى جانب الاتجار بالسلاح.. والبترول وأمور أخرى!)
النشاشيبي في كتابه (حضرات الزملاء المحترمين) جند قلمة الحاد للصحافة الصفراء وكتابها «قبل عام 1995 م وهذا ينطبق على حالنا اليوم» فكتب ما كتب من دون تردد لأنه حسب رأيه: (يبقى الحق الطبيعي للصحفي أن يكتب عن قضايا أمته وعن أخبار شعبه) ويرى النشاشيبي أن بعض من يسمون حملة أقلام هم في الحقيقة: (انتقل الصحفي الكبير من خانة الصحافة إلى خانة الوظيفة، ومن الجندي في السلطة الرابعة إلى موظف إعلامي… ومن كاتب لا يخشى في قول الحق لومة لائم إلى صحفي لرضى الوزير وعفو الأمير وهبة الحاكم!)
وأشار النشاشيبي الى أن المال الخليجي هو وحده الذي أفسد بعض صحفيي لبنان: (المال وحده هو الذي أذل أعناق بعض الصحفيين في لبنان وأحالهم من أصحاب صحف إلى رجال تشريفات ومجالس أنس ومختبرات للأمراض الجنسية لحساب شيوخ البترول في دنيا الخليج).

والآن
في استعراضنا لما كتبة الصحفي الكبير ناصر الدين النشاشيبي عام 1995م بقلمه الحاد عن بعض الصحفيين العرب الذين باعوا أقلامهم وضمائرهم للمال، والمال الخليجي تحديداً، ترى لو عاد إلينا الآن النشاشيبي وأطل على هذه الدنيا، وتصفح المجلات والصحف الخليجية، أو تلك التي يتسترون وراءها، لو جلس النشاشيبي أمام المذياع أو التلفاز وتنقل بين فضائياتهم ماذا كان سيقول أو يكتب؟!
الذي دعاني لقول كل ذلك، أنني منذ أيام وقعت بين يدي «مجلة الأفكار» اللبنانية، وكانت افتتاحيتها بقلم وليد عوض وفيها العجب العجاب!
ووليد عوض حسب ما أسمع عنه هو صحفي لبناني، حاولت جاهداً أن أحصل على سيرته الذاتية فباءت كل محاولاتي بالفشل وما حصلت عليه من سيرته الذاتية هو:

وليد عوض
وليد عوض من مدينة طرابلس لبنان، كان جلّ حلمه أن يكون طبيباً.
درس مرحلة الثانوية في مدينته طرابلس، ثم انتقل إلى بيروت في محاولة منه لدراسة الطب في «الجامعة اليسوعية»، ولكن التكلفة المادية الكبيرة كانت تفوق إمكانية والده فاتجه لدراسة الصحافة.
يصنفون وليد عوض بأنه صحفي عريق صاحب مجلة «الأفكار» الأسبوعية التي تصدر في بيروت وتغطي مجموعة من الأحداث الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الموسيقية، الفنية، الطبية والثقافية…
افتتاحية وليد عوض

مجلة الأفكار العدد 1757 يوم 18 نيسان 2016 م، الافتتاحية بعنوان «جسور الملك سلمان» بقلم رئيس التحرير «وليد عوض» ونقرأ منها ونتذكر ما كتبه الصحفي الكبير ناصر الدين النشاشيبي، يقول عوض: (ملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب. وقد وهب اللـه الملك سلمان بن عبد العزيز مجموعة من العطايا هيأت له أن يكون فتحاً جديداً بين ملوك الأرض وأول هذه العطايا القدرة على استكشاف الغد المجهول والتسلح بالجرأة والحكمة، وثاقب الرؤية جنباً إلى جنب في القرارات التي يتخذها ويفتح لها سبيل العبور).
وفي افتتاحية عوض لم ينسَ أن يمتدح حاشية الملك سلمان قبل أن يصبح ملكاً وذلك عام 1965 م، لأن وليد عوض كما يقول عن نفسه أن له صلات قديمة مع سلمان ويبدأ في مدح خادم الملك إلى أن يصل إلى الهرم الأعلى فيقول: (اشتهر في خدمته «والمقصود ملك الملوك سلمان» يومذاك رجل اسمه فيليب سلامه، وكان فيليب باستمرار حاضراً على الأبواب و«شبيك لبيك فيليب بين إيديك») أما «الفلهوي» تبع الملك سلمان فهو: «كان من المساعدين رجل فهلوي اسمه محمد العتيبي، وكان هدهد الأمير سلمان في حدائق رجال الإعلام العرب».
بالله عليكم ما هذا ( الانبطاح للمال السعودي) فقد كاد يجعل من الملك سلمان الذي بالكاد يتقن بعض العربية، وبالكاد يعرف عدد زوجاته وأولاده!؟ والعالم بأسره، كاد أن يجعله رسولاً!!؟
وتساءل أحد الخبثاء الذي قرأ افتتاحية وليد عوض وقرأ بمدح سلمان بأنه «ملك الملوك» فقال متحدثاً: (يا زلمة كان في عنا ملك ملوك إفريقيا، واليوم عندنا ملك الملوك).
وطبعاً الأمير وملك الملوك سلمان لا يتوانى عن تقديم الدعم للصحفي وليد عوض الذي يقول إن الملك قال له: (أشهد لك بالبراعة. فاتكل على اللـه وعلى الأصدقاء أمثالنا في دعم مسيرك) ويتابع عوض بالقول مفتخراً: ( وهكذا تكون «الأفكار» قد ولدت في ديوان الأمير سلمان داخل ما كان يسمى قصر الحكم).
رحم اللـه ناصر الدين النشاشيبي الذي خلص بالقول إلى أن أحد أصدقائه من رؤساء تحرير الصحف تحول من رئيس تحرير صحيفة يومية إلى مجرد سمسار إعلامي تجاري لحساب دولة خليجية!.

Exit mobile version