Site icon صحيفة الوطن

أردوغان في أصعب امتحان…دعم للإرهاب.. تراجع اقتصادي وإرباك سياسي

د. قحطان السيوفي: 

 

السلطان العثماني الجديد أردوغان في الميزان، وفي عين العاصفة، وأمام اختبار لقوته الشعبية المتراجعة بسبب سياساته الداخلية والخارجية الإقليمية منها والدولية. الانتخابات التركية في 7 حزيران (يونيو) 2015، ستضع أردوغان في مواجهة أصعب امتحان ؛ فهو يدعم الإرهاب، ويتزعم المشروع الإخواني الدولي… ويمارس الديكتاتورية في الداخل…. ما انعكس ضعفاً وتراجعا للاقتصاد التركي، وإرباكاً سياسياً شديداً… هذه هي معضلة تركيا أردوغان اليوم.
ورد في الفاينانشال تايمز 29/5/2015 (يأمل الملايين من الأتراك العلمانيين عموماً في التصويت على مجتمع تعددي يرفض الاحتضان الخانق لأبوية أردوغان ويراهنون على أن من شأن الانتخابات الأخيرة، أن تبين للرئيس حدوده غير المعروفة…).
ينبه النقاد من أن مزيدا من تركيز السلطة سيزيد من خطر السياسات الأردوغانية التي عرضت تركيا للصدمات الخارجية والداخلية والنمو المتراجع… وهي جميعاً مشكلات تؤرق أردوغان عشية الانتخابات… ويحتدم النقاش في الشارع التركي، وحتى في أوساط حزب أردوغان الحاكم… حول المثلث الرئيسي للمشاكل التي تواجه تركيا ؛ دعم الإرهاب، التراجع الاقتصادي، والارباك السياسي.
أردوغان يحاول «شرعنة» وجود تنظيم داعش الإرهابي من خلال تصريح له نقلته وكالة أنباء الأناضول؛ يعتبر داعش دولةً منافسة في سوق النفط. علماً أن الأراضي والمعابر التركية تشكل البوابة لداعش لتهريب النفط السوري والعراقي المسروق، وهناك غرفة عمليات مركزية في تركيا تدير هجوم المجموعات الإرهابية في سورية.
الاقتصاد التركي – يتعرض اليوم لضغط متزايد: تراجع النمو بشكل حاد من تسعة بالمئة في 2010 و2011 إلى أقل من ثلاثة بالمئة عام 2014.
وثقة المستهلكين في أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، ومعدل البطالة ارتفع إلى 11 بالمئة، وهي نسبة تصل أعلى مستوياتها منذ خمس سنوات، وفقدت الليرة نحو 40 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار منذ أيار (مايو) 2013.
اعترف صناع السياسة الاقتصادية في تركيا أن المستقبل الاقتصادي التركي يتصف بالضبابية في ظل سلطنة أردوغان، والانتخابات العامة في حزيران (يونيو) على الأبواب، وأردوغان يحلم أن ينال فيها أغلبية كبيرة ما يكفي لاستبدال النظام البرلماني التركي بنظام رئاسي، ويحمل هذا الأخير مسؤولية أن يحكم القضاة ضد مشاريع استثمارية كبيرة.
يؤكد منتقدو أردوغان وكثيرٌ من المصرفيين الدوليين أن السياسات الأردوغانية المتهورة والمغامرة لا تسمح بإيجاد مناخات آمنة للاستثمارات.
ومع التراجع في النمو، والتضخم، وعجز الحساب الجاري، ضاعف أردوغان هجومه على البنك المركزي التركي لعدم خفض أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة، بعد أن وصف (اردم باسجي) محافظ البنك المركزي التركي، بالخائن.
نتيجة لذلك زادت الليرة من تراجعها مقابل الدولار، وزاد الوضع سوءاً الشكوك حول سيادة القانون التي تعوق الاستثمارات المتوقعة على نطاق واسع، بالإضافة إلى نتائج احتجاجات حديقة جيزي المتتالية عام 2013 ضد أردوغان، والتحقيقات اللاحقة في الفساد التي طالت شخصيات قريبة منه.
ويقول مراد آيسر، من جلوبال سورس بارتنرز، وهي شركة استشارية: «لدينا القطاع الخاص الذي يأخذ الكثير من الديون، ومعظم هذا الدين يعتبر بشكل واضح دينا خارجيا»، مسلطا بذلك الضوء على 178 مليار دولار عبارة عن صافي مطلوبات بالعملات الأجنبية للشركات، زيادة بـ6.5 مليارات دولار عن عام 2002.
ساني سينر، الرئيس التنفيذي لشركة تاف للمطارات، أشار إلى الخطر الرئيس للاقتراض بالعملة الأجنبية، ويقول: «في بعض المشاريع الإيرادات بالليرة التركية لكن الديون بالدولار، لذلك (مع سقوط الليرة) ويعتبر هذا مصدر قلق كبيراً بالنسبة للاقتصاد التركي».
أثار احتمال إخفاق حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات وعدم القدرة على تشكيل حكومة بمفرده، قلقاً في أسواق المال، وسجلت الأصول التركية أداءً أضعف ما زاد الوضع الاقتصادي المتراجع سوءاً في تركيا بولوت، كبير المستشارين الاقتصاديين لأردوغان، يشير إلى أن أعداء أردوغان سعوا إلى قتله سياسيا.. المستقبل السياسي في تركيا – وإلى حد كبير مستقبلها الاقتصادي – يعتمد على ما إذا كان أردوغان سيعرض نظاماً رئاسياً يحتمل فيه معارضة لا تذكر من المحاكم أو البرلمان. ويشكو أغلب الأتراك من مشكلة البطالة وليس هناك عدالة. ولا سيادة للقانون وحزب العدالة والتنمية يواجه خطر فقدان لأصوات القوميين، في حين يدفع أردوغان نحو أخذ صلاحيات يقول النقاد إنها دكتاتورية، هناك تلميحات إلى عدم الارتياح بين صفوف أتباعه. بالإضافة لعدم اليقين لأهدافه… يجب أن يفوز حزب أردوغان بـ330 مقعداً من أصل 550 مقعداً في البرلمان إذا كان يريد إجراء استفتاء على دستور رئاسي جديد، وهذا مشكوك فيه.
بالمقابل أقال أردوغان آلافاً من ضباط الشرطة والقضاة وممثلي الادعاء من مناصبهم بعد هذه الحملات، أو نقلوا إلى مهمات أخرى، وأظهر استطلاع للرأي أعدته شركة «كوندا» للبحوث، تراجع التأييد الشعبي لحزب «العدالة والتنمية» من 49.8 بالمئة في انتخابات عام 2011 إلى 40.5 في المئة. كما كشف أكثر من استطلاع للرأي، تراجعاً واضحاً في شعبية حزب أردوغان «العدالة والتنمية» ما يهدّده بخسارة تفرّده بالحكم بعد الانتخابات النيابية المرتقبة في 7 حزيران (يونيو)، لذلك يسعى أردوغان إلى طرق أبواب جديدة لإنقاذ الوضع.
وأظهر استطلاع آخر للرأي أعدّته مؤسسة «سونار» البارزة تراجع شعبية حزب «العدالة والتنمية» الحاكم من نحو 50 إلى 41 بالمئة، في مقابل 26 في المئة لـحزب الشعب الجمهوري المعارض و18 بالمئة لحزب الحركة القومية.
وهناك شكاوى متزايدة من تدخل أردوغان في الحملات الانتخابية لمصلحة الحكومة، وعرقلته حملات المعارضة، إذ اشتكى حزب «السعادة» بزعامة مصطفى كمالاك، من إلغاء أكثر من مهرجان انتخابي لحزبه في مدن كثيرة.
ونشرت صحيفة «سوزجو» المعارضة تقارير تفيد باستخدام أردوغان وداود أوغلو موازنة الدولة لتمويل الحملة الانتخابية، وهذا انتهاك لنزاهة الانتخابات. كما رصدت استخدامهما لقوات الأمن والشرطة من أجل إزالة لوحات وشعارات ترفعها المعارضة في مدن كثيرة، واتهم رئيس «حزب الشعوب الديمقراطية» صلاح الدين دميرطاش أردوغان بانتهاك القانون.
وفي إطار قلق متزايد من احتمال لجوء الحكومة إلى تزوير الانتخابات، أصدر 200 مفكّر وكاتب تركي بياناً حضّ الشعب على حماية صناديق الاقتراع ومنع أي محاولة تلاعب أو تزوير.
المتابعون للانتخابات التركية يُرجّحون أن تكون الأكثر سخونة وربما الأكثر خطورة في تاريخ تركيا التي تتخبط على وقع أزمات سياسية واقتصادية… وأمام أردوغان احتمالان؛ الأول أن يفقد الأغلبية في مجلس النواب، وبالتالي يفقد القدرة على تركيز السلطة بيده وهذا احتمال مرجح… والثاني أن يفقد الأكثرية بحيث لا يستطيع تشكيل الحكومة وهذا قد يكون احتمالاً ضعيفاً… وفي الحالتين هذه بداية مرحلة الانحدار والسقوط.
لا شك في أن أردوغان مخطئ جداً في حسبانه أن عجلة الزمن توقفت في الشرق الأوسط في 1918، عام تَفكك السلطنة العثمانية، أو أن تركيا في وسعها إلغاء حدود الدول في المنطقة والعودة للإمبراطورية العثمانية المندثرة… فهو لا يقيم وزناً لقرن من النهوض القومي العربي، والعلمانية… ولابد أن يدرك أردوغان العثماني، أن رؤيته الاستعمارية القمعية ؛ الداعمة للإرهاب، والتي تستند إلى نظريات توسعية بائدة؛ تعتمد على تقسيم وتدمير دول العالم العربي… ضرب من الوهم الطائش الذي مر عليها الزمن.

Exit mobile version