Site icon صحيفة الوطن

الاحتراف المفتوح… نعمة أم نقمة؟ لماذا تستنزف واردات الأندية بشراء اللاعبين؟

| ناصر النجار

أن تكتشف الحقيقة هو أمر مهم، ومفيد جداً، لأننا عندما نرى الحقيقة، نعرف كيف سنتعامل مع الرياضة، وكيف سنسير بها، فالأكذوبة التي خدعونا بها بأننا نبتعد عن العالم رياضياً خمسين سنة على الأقل هي خدعة، وهي وهم، أغرقونا بها وأحبطونا بنتائجها، فبقينا ندور في مكاننا لا نعرف كيف نتقدم ولا نعرف أي معنى للتطور.
كثير من لاعبينا بلغوا المراتب العالية وحققوا إنجازات عالمية سواء بقدراتنا أو بقدرات غيرنا، وفي عصرنا هذا نرى الكثير من اللاعبين يتفوقون في أندية عربية وعالمية نشؤوا عندنا وأبدعوا في الخارج، وعلامَ يدلُّ هذا؟
رياضتنا مملوءة بالخامات والمواهب الواعدة التي تنتظر من يعتني بها ويطلقها ويوفر لها الظروف الإبداعية، فهل فكرنا في ذلك؟
من حيث واقع الحال فإن رياضتهم تتقدم على رياضتنا بخمسين سنة، لكن هذا التوصيف لا يأتي من غبائنا وعدم قدرتنا على التطور، إنما يأتي من باب أهمية الرياضة وكيف ننظر إليها.
بالدرجة الأولى: هم فضلوا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فتقدموا وتطوروا، ونحن كنا على عكس الطريق، فمصالحنا الخاصة هي أساس العمل، لذلك انتشر الفساد بكل أنواعه في كل مفاصل العمل، ورياضة مملوءة بالفساد لا يمكن أن تخطو خطوة واحدة نحو الأمام.

ضياع
هذه المقدمة كلها لنشير إلى واقع الحال الذي يعيشه اتحاد كرة القدم، فاتحادنا وضع الأزمة تحت إبطه وسار بها، ونسي أن هناك رياضة أزمة، ورياضة حروب يجب أن ينتقل للعمل وفقها، المهم ألا تكون الأزمة شماعة للتراخي ولتمرير المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة.
ولنا في ذلك أمثلة كثيرة لسنا بصددها وتعدادها، لأن غايتنا الأولى والأخيرة أن يرى اتحادنا الكروي الحقيقة وأن يعمل كامل الأعضاء وفق ما تقتضيه المصلحة العامة بعيداً عن أي مصلحة شخصية.
خمس سنوات ضاعت في زمن الأزمة، لم يتخذ اتحاد الكرة أي قرار إداري أو تنظيمي أو فني وترك الحبل على غاربه لذلك وقعنا في ورطة لا نعرف كيف نخرج منها، فالدوري ما زال في ازدياد، ولا هبوط فيه، ودوري الدرجة الثانية متهالك، وكأس الجمهورية بابه مفتوح، لمن أراد الدخول به والخروج منه كيفما شاء، حتى تعيين مواعيد وأماكن المباريات تفرضها الأندية لا لجنة المسابقات، ولجنة الانضباط شكلية، وجودها مثل عدمها، وباقي اللجان تتغنى باسمها لا بعملها.

الخطوة الأولى
الخطوط الأولى تبدأ برسم إستراتيجية كروية نعلن فيها عن أهدافنا، واتحاد كرة القدم يجب أن يكون له أهداف وأن تكون له خطة مرسومة.
أول الأهداف: هل نريد أندية هاوية أم محترفة؟
تحديد هذا الهدف يؤدي إلى إستراتيجية واضحة في التعامل مع الأندية والدوري.
كل الدول لديها دوري محترف موزع على عدة درجات، ودوري هاو موزع على عدة درجات، نحن لا فرق عندنا بين ناد محترف وآخر هاو، والمفترض باتحاد كرة القدم أن يفرق بين الأندية المحترفة التي تملك الإمكانيات والمنشآت كالوحدة والجيش والاتحاد وغيرها وبين الأندية التي لا تملك مقرات.
وفي ضوء ذلك، يجب أن يكون لدينا دوري محترف لا يدخله إلا المحترفون، وبناء عليه يجب تحديد شروط الاحتراف، كما فعل الاتحاد الآسيوي، وكما تفعل كل الاتحادات الوطنية.
لذلك فالتصنيف القادم للدوري يجب أن يبنى على أساس محترف وهاو، الأندية المحترفة يمكن توزيعها إلى درجتين، والأندية الهاوية توزع على باقي الدرجات، ويشترط على الأندية الهاوية إن تأهلت لدوري المحترفين أن تكون استكملت شروط الاحتراف حتى تدخله.

الخطوة الثانية
دعم دوري القواعد بفئاته «الأشبال والناشئين والشباب» وخصوصاً بعد تحسن الوضع الأمني في الكثير من المحافظات، ومن دون دعم هذا الدوري لا يمكن لكرتنا أن ترتقي، ومن يتخلَّ عن هذا الدوري يحرم كرتنا من النسل لأنها هي التي تنجب المواهب والنجوم، وهي الرصيد الحقيقي لكرتنا.

الخطوة الثالثة
التعامل مع الدوري كدوري أزمة وعليه يجب إصدار قوانين وتشريعات تتلاءم مع ظروف الأندية وإمكانياتها، فالإعانات المالية يجب أن تصرف للأندية التي لا تملك إيرادات، وأن تمنع عن الأندية التي تملك إيرادات واستثمارات كأندية الهيئات والوحدة والاتحاد، وضع ضوابط وشروط للانتقال بين الأندية، لأن الانتقال الحر أفرغ اللاعبين المتميزين من الدوري ووضعهم في أربعة أندية تملك المال، ما أضعف الدوري، وأضعف المنافسة التي انحصرت بين هذه الأندية القادرة على الدفع والشراء، وهذا بالمحصلة العامة جعل الدوري بلا نكهة لانعدام المنافسة أولاً، ولعدم تطبيق الهبوط ثانياً.
تحديد سقف عقود اللاعبين وأجورهم، على أن تتناسب مع الواقع، ومعاقبة كل ناد يخالف هذه البنود، وتحديد عدد اللاعبين المحترفين من خارج النادي بحيث لا يتجاوز خمسة لاعبين.
وفي هذا الأمر حماية للدوري وحماية للأندية التي تستهلك مواردها المالية بشراء اللاعبين والذي يعتبر عنصر استنزاف لموارد النادي، وهذا كله على حساب بقية الرياضات المتهالكة في النادي ذاته.
أخيراً: ما سبق هو مجرد اقتراح وهي رؤية، يمكن قبولها أو الاستفادة منها، المهم أن يتحرك اتحاد كرة القدم، وأن يعمل لمصلحة كرة القدم، فالوضع على ما هو عليه لم يعد مقبولاً، فكرتنا صارت عجوزاً بما تملك من لاعبين أنجبتهم قبل الأزمة، ونحن ننتظر إحياء جديداً للكرة الوطنية.

Exit mobile version