Site icon صحيفة الوطن

بنى الأجيال وقدّم الجهود بصمت في 90 عاماً من الجهد والعمل … الباحث «بشير زهدي» مكرّم بمحبّة طلابه وأصدقائه

| عامر فؤاد عامر

تحمل شخصيّته حالة متجذرة في التواضع والمحبّة، وهو من الشخصيّات السوريّة التي نفخر فيها، فقد أمضى عمره منسجماً مع حالته المهنيّة، ومخلصاً، ومعطاءً للعمل، والوظيفة، والعلم، والتواصل مع الأجيال، آثر الابتعاد عن الأضواء والمناصب، لكنه بقي مشعّاً في ذاكرة كلّ من تعامل معهم ومن علّمهم. في ندوة تكريمية في المركز الثقافي في أبو رمانة وبتضاهر جهود أشخاص يكنون له المحبة والتقدير، تمّ تكريم الباحث «بشير زهدي» في كلماتٍ جاءت أشبه بلوحات مزينة من تلاميذه ومعاصريه، قدّموها بكلّ محبّة وبكامل الإرادة والرغبة، فالباحث «بشير زهدي» يستحق كلّ التقدير والتبجيل.

كرنفال من المحبّة
قدّمت مجموعة كبيرة من الأسماء وأفضت بما لديها حول الباحث «بشير زهدي» فكانت الندوة التكريميّة عبارة عن كرنفال مصغّر احتفل به المحبّون، وقدّروا رجلاً كانت مسيرته الحياتيّة مملوءة بالعطاءات والتضحيات لبلده وأبنائها. قدّم الندوة وأدارها الباحث «محمد أحمد عيد» الذي أشاد في كلمته بالمكانة المرموقة التي يحتلها المُكرّم «زهدي» والملكات التي تمتّع بها ليكون مضرب مثل للسوري المنتمي بقوته وإرادته للهويّة السوريّة، فخلال 90 عاماً ما زال إنتاجه الفكري منارة، وما زال نتاجه في الفنّ التشكيلي علامة فارقة في ذاكرة الفنّ التشكيلي في سورية.

صلة الوصل
شارك في الندوة مجموعة كبييرة من الأسماء البارزة في الحركة الثقافيّة والفنيّة في سورية، فكان الدكتور «نضال الصالح» الذي ألقى كلمة أمام الحضور يشير فيها إلى إبداع وعطاء الباحث «بشير زهدي» وبأنه زادٌ معرفي تباهي به الثقافة في سورية، وفي نهايتها منحه باسم اتحاد الكتاب العرب شرف عضويّته في هذا الاتحاد تكريماً، وتقديراً لمنجزاته، وعطاءاته في الوطن. وأيضاً من المشاركين في الندوة د. «محمود شاهين» عميد كلية الفنون الجميلة في دمشق الذي اعتذر عن الحضور، وأرسل في كلمته التي ألقيت في الندوة، شارحاً فيها عن ارتباط الباحث بكليّة الفنون الجميلة، منذ تأسيسها، وبأمانته في إدارة المتحف الوطني في دمشق، فكان الفضاء الحضاري والوطني، وصلة الوصل بين الكلية والمتحف، إضافة إلى تدريسه مادّة علم الجمال، فكان مضرب المثل في الوفاء لطلابه، وعمله، إضافة إلى العديد من النشاطات التي لمع اسمه فيها.

اختصار المكوّن البصري
أشاد رئيس قسم الحفر في كلية الفنون الجميلة بدمشق الدكتور «نبيل رزوق» في كلمة ألقاها على الحضور أيضاً، باهتمامات الأستاذ والباحث الجمالي في الفن التشكيلي «بشير زهدي» وهي تعدّ موضع ترحيب من الفنانين جميعاً، وخاصّة لما يتصف أسلوبه الفنّي من البساطة والسلاسة في تناول الموضوعات الخاصّة به، ولكونه يتمتع بالوضوح في الرؤية واختصار في المكوّنات البصريّة، فهو يعتمد على تأليف وتكوينات غرافيكيّة وفق خطوط مستقيمة أحياناً، ومنحنية أحياناً أخرى، تتضمن عناصر إنسانية ومعماريّة محدودة لينشئ منها حواراً بسيطاً ومختزلاً يتسم بالأجواء الحميمة.

في التدريس والإدارة
شارك في هذه الندوة أيضاً الفنان التشكيلي «محمد غنوم» الذي ذكر أيضاً بأن الباحث «بشير زهدي» علم من أعلام البحث في علم الجمال والآثار، صرف ردحاً طويلاً من الزمن في الإدارة، والبحث، والكتابة، وشارك في الندوات، والمؤتمرات المحليّة، والدوليّة، وكان فعّالاً فيها، لكن المدهش أيضاً أنه مارس الرسم، وقدّم تجربة فنيّة تشير إلى إمكاناتٍ فنيّة لافتة.

رائد تشكيلي
يقول الدكتور «فؤاد طوبال» في كلمته الخاصّة بهذه الندوة أنه في سبعينيات القرن الماضي، عندما انتسب إلى كليّة الفنون الجميلة التي كانت تغفو على كتف ساحة التحرير، كانت بداية الاحتكاك بينه وبين الباحث «بشير زهدي»، وهو رائد من رواد الحركة التشكيليّة، وهو من الأساتذة الكبار الذين بنوا ثقافتنا الفنيّة، ونفخر بوجوده ونعتز بإنجازاته، وكلّ من درس الفنون الجميلة في دمشق سيذكر دوماً مادة علم الجمال للأستاذ «بشير زهدي»، وهو أحد أهم الأساتذة الذين تركوا أثرهم الطيب في الأجيال التي تعلمت وتلقت الدروس على يد هؤلاء الكبار، كما يقول الدكتور «طوبال» إن الباحث «بشير زهدي» كان يمدّ يدّ العون للطلاب في رسمهم وأوقات رسمهم خارج مراسم الكليّة لرسم التماثيل الأثريّة، والحدائق، والفضاءات الجميلة هناك، مقدّماً كلّ التسهيلات الممكنة للطلاب.

أصدقاء دمشق
تقدّمت السيدة «أمل محاسن» رئيسة جمعية أصدقاء دمشق، في كلمة منها بالشكر، والتقدير، للباحث «بشير زهدي» مؤكدةً صدق هذا الإنسان، ومحبّته لوطنه، وبصمته في الحركة التشكيليّة السوريّة، والتفاني في العمل، والرغبة في بناء جيلٍ نفخر بوجوده اليوم، مسلحاً بالعلم، والثقافة، والوعي.

إنجازات وإشادات
أشار الباحث «محمد أحمد عيد» أيضاً إلى العديد من إنجازات المُكرم «بشير زهدي» كما أنه أنشأ جيلاً تتلمذ على يديه ليكون منهم من تقلّد مناصب علميّة رفيعة، فصار أحدهم عميداً لكلية الفنون، والثاني رئيساً لاتحاد الفنانين التشكيليين، والثالث مديراً لثقافة دمشق، والرابع مديراً للفنون الجميلة في وزارة الثقافة… وغيرهم كثر من الباحثين الأجلاء والفنانين الأوفياء، طلاباً وأساتذة وعلماء. كما ألقيت فيه بعض القصائد كنوع من التقدير والتكريم والإشادة بشخصه الكريم، ومن بين الذي ألقوا القصائد الباحث «أحمد بوبس».

تقدير وتكريم
قدِّمت في نهاية الندوة مديريّة ثقافة دمشق وإدارة المركز الثقافي العربي في دمشق، كتاب شكر وتقدير لجهود الباحث «بشير زهدي» كما قدّم اتحاد الكتاب العرب مساهمته في قبول عضوية الباحث «بشير زهدي» عضوية شرفٍ في الاتحاد، وشارك في التكريم كليّة الفنون الجميلة التي قدّمت شهادة تقدير للباحث، وكذلك جمعية أصدقاء دمشق قدمت له درعاً يمثل السيف الدمشقي تقديراً له، إضافة إلى لوحات شخصيّة مرسومة بالفحم من الباحث محمد أحمد عيد. يُذكر أن جهات ومؤسسات إعلاميّة، وثقافيّة، وجمعيات أهليّة، كانت قد واكبت الحدث، إضافة إلى حضور عدد من التشكيليين، والفنانين، والمهتمين.

Exit mobile version