Site icon صحيفة الوطن

تداعيات الصدمة

| حسن م. يوسف 

لست وحدي من صدمت بظهور الكاتب أمين معلوف على القناة الإسرائيليّة الخاصة (i24) في 2 حزيران الحالي، فهذه القناة الناطقة بالعربية والفرنسية والانكليزيّة التي تم تأسيسُها في الكيان الصهيوني قبل ثلاث سنوات، هي حصان طروادة هدفه تلميع صورة ذلك الكيان وتسويق سياساتِه للرأي العام في الوطن العربي والعالم.
وقد خصصت حديثي هذا الأسبوع الذي أذيع صباح أمس السبت على أثير سوريانا إف إم لهذا الموضوع ونشرت المقطع التالي على الفيسبوك:
«صحيح أن أمين معلوف سيسوق ما فعله على أنه نوعٌ من حوار الثقافات والرد على الظلامية والاعتراف بالآخر، الإنسان المختلف… إلخ، لكن أمين معلوف بظهورِهِ الحيادي على تلك القناةِ الصهيونية حوَّل نفسَهُ إلى شاهدٍ لمصلحة السرديةِ الأخرى المعادية، وخاصة أنه لم يقم، خلال حديثه، بإدانةِ الاحتلال الصهيوني على جرائمِه الشنيعة بحق أهلنا في فلسطين».
فرد علي صديق فلسطيني من حيفا قائلاً: «إذا كنا ندعي أن خيارنا الإستراتيجي هو السلام، والذي يفرض بالنهاية اعترافاً وتعايشاً، فكيف لنا أن نصنع سلاماً مع عدوٍّ من دون تواصل ما، ومن دون محاولة ردم هوة الكراهية… لو صرح المعلوف بأنه يبارك لإسرائيل احتلالها، فلنخونه! عدا ذلك، ما زال خطابنا بلغته الخشبية ذاتها…».
أجبته قائلاً: «السلام الحقيقي يحتاج الإرادة الطيبة من طرفي النزاع، أما تنازل الطرف الأضعف فلا يصنع سلاماً. عندما قررت إسرائيل منح عازف الكمان السير يهودي منوحين جائزة الدولة، قال مخاطباً أعضاء الكنيست: «إن ما تفعلونه بالفلسطينيين أسوأ مما فعله النازيون بأجدادكم، ومن يحكم بالسيف، بالسيف يموت»، ثم رفض استلام الجائزة وغادر! فهل يجوز أن نتوقع من كاتب ينطق بالعربية ما هو أقل من موقف السير يهودي مينوحين؟».
رد عليَّ ابن حيفا قائلاً: «أنا أفهم أن طرفي النزاع لا يريدون سلاماً… مهما كابرنا وأنكرنا، إسرائيل لم تملك بالنهاية إلا أن تنسحب من كامل سيناء (ومخزونها من الغاز) مقابل السلام… ولكن هل نحن فعلاً على استعداد لقبول إسرائيل أم ما زلنا نكذب على أنفسنا وعلى شعوبنا؟ من هنا أنا أرى أن التقارب الإنساني بين الشعبين مفيد للتمهيد للسلام الحقيقي الذي قد يصنعه الناس بالنهاية بدل الأنظمة، ومن هذا المنطلق لا أستنكر تصرف المعلوف. «بالنهاية، وأنا ابن حيفا أقول، الإنسان أهم من الأرض».
رددت قائلاً: «أقصى ما يريده اللص هو السلام الذي يمكنه من الاحتفاظ بما سرق! أما حديثك عن سلام يصنعه الناس مع المحتل فهو يدخل في الغرائبيات…!».
أجاب: «أنا لم أقل بصنع السلام واستمرار الاحتلال… العدو لم يعد محتلاً لسيناء منذ ٣٠ سنة وما زالت ركائز السلام غير موجودة لأننا لا نريد أصلاً قبول إسرائيل. لو سألت نفسك (و٩٩% من العرب): «هل تقبل بوجود إسرائيل إذا كان باستطاعتك إلغاؤها؟»… أظنك تعرف ما الجواب! وإسرائيل تعرف ما الجواب ولن تسلم لنا رقبتها! أما ابن حيفا، فهو يفضل مستقبلاً طبيعياً لولده وأحفاده عن ماضٍ جميل وبطولات أبو زيد الهلالي والحلم بعودة صلاح الدين، في حين نحن نزداد تخلفاً وإسرائيل تزداد تقدماً… أكرر، الإنسان أهم من الأرض…».
أجبت: «القول إن الإنسان أهم من الأرض، كالقول إن الحياة أهم من التنفس. أما النيات، فليس على صاحب الأرض المحتلة أن يثبت حسن نياته. بل يجب على اللص أن يعيد ما سرقه أولاً. «عند هذا الحد نشر صاحبي فيلماً يسرد تاريخ الصراع على فلسطين يبدأ بظهور شخص ينشد» الرب أعطاني هذه الأرض فيأتي من يقتله ويستمر العنف حتى اللحظة المعاصرة. وقد علق ابن حيفا على ذلك بقوله إن هذا سيستمر: «إلى أن يتعلم الإنسان المشاركة وعبثية إلغاء الآخر».
أجبته: «هذا الفيلم يتبنى السردية الصهيونية، لأن تاريخ هذه الأرض بدأ قبل وجود اليهود بكثير، فقد جاء في كتاب اليهود المقدس ما يلي: «وتجول أبرام (أي والد جد اليهود الذي أصبح اسمه لاحقاً إبراهيم) في أرض الفلسطينيين عشرة أعوام».
نعم فلسطين، كان اسمها فلسطين قبل مجيء إبراهيم جد اليهود من أور! و… الصراع مستمر.

Exit mobile version