Site icon صحيفة الوطن

الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في دمشق عام 1930 … أول طبيبة سورية تتخرج في جامعة دمشق عام 1930 .. فنادق سورية في تلك الفترة كانت مميزة

| شمس الدين العجلاني

الدولة السورية في تلك الأيام أيام المحتل الفرنسي بين عامي 1925 – 1930، هي الكيان الذي استحدث في كنف الانتداب الفرنسي على سورية عام 1925، واستمرّ حتى تأسيس الجمهورية السورية الأولى عام 1930، خلفاً للاتحاد الفيدرالي السوري. شملت حدود الدولة، حدود دولة دمشق ودولة حلب بما فيها مقاطعة الجزيرة، من دون حكومتي اللاذقية والسويداء. وأديرت مباشرة من رؤساء وحكومات معينين من المفوض الفرنسي السامي؛ وتخلل عهدها الثورة السورية الكبرى بين 1925 – 1927، والتي قصفت دمشق خلالها بالطائرات؛ كما تمّ إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية لعام 1928. توالى في ظل الدولة السورية حكم ثلاثة رؤساء، حملوا لقب «رئيس الدولة» هم صبحي بركات، وأحمد نامي، وتاج الدين الحسني.
ومن أهم الأحداث التي وقعت عام 1930 حدثان مهمان وهما إعلان الدستور السوري، وعقد أول مؤتمر للمرأة الشرقية في دمشق.

دستور دولة سورية 1930
هو الدستور السوري لدولة سورية الذي أعدته الجمعية التأسيسية عام 1928، ورفض من المحتل الفرنسي فعطله وعطل الجمعية التأسيسية حينها.
وفي عام 1930 م أصدر المحتل هذا الدستور وقد أضاف إليه المادة 116 التي لقيت معارضة كبيرة من الوطنيين في الجمعية التأسيسية عام 1928 م والتي تنص على: «المادة 116: ما من حكم من أحكام الدستور يعارض ولا يجوز أن يعارض التعهدات التي قطعتها فرنسا على نفسها فيما يختص بسورية ولاسيما ما كان منها متعلقاً بجمعية الأمم».
ففي 14 أيار عام 1930 ومن بيروت صدر قرار المفوض السامي هنري بونسو رقم 3111 بنشر دستور دولة سورية، وأذيع في دمشق يوم 22 أيار 1930 م، ونشر في ملحق للعدد رقم 12 من النشرة الرسمية للجمهورية العربية السورية.
لم يهدأ الشارع السوري ضد هذا الدستور، واعتبرت المادة 116 مقيدة لحقوق الدولة السوريّة.

أول مؤتمر للمرأة الشرقية
عقد أول مؤتمر للمرأة الشرقية في دمشق عام م1930، واهتمت بمتابعة فعاليات هذا المؤتمر الصحافة السورية وعلى رأسها جريدة الشعب التي واكبت المؤتمر منذ اللحظات الأولى لانعقاده وأفردت له الصفحات العديدة.
استضافت دمشق في مطلع عام 1930 المؤتمر النسائي الشرقي الأول، بحضور وفد من نساء سورية برئاسة نور حمادة (وكانت أيضاً رئيسة المؤتمر) وعضوية عدد من السيدات السوريات، واستمر المؤتمر عدة أيام، ناقشت فيه نساء الشرق قضايا المرأة، وألقى معظمهن خطباً عن الحركة النسائية في بلادهن. وألقت نساء سورية الكلمات الاجتماعية المثيرة وتطرقن للعديد من القضايا التي تمس واقع المرأة الشرقية، وسبل تحررها، ودفعها لتأخذ مكانتها بالمجتمع والدولة.

مشاركة للمرأة السورية
شارك في المؤتمر عدد كبير من السيدات الشرقيات من لبنان، والعراق، ومصر، وأفغانستان، وإيران، والحجاز… وعدد من المنظمات الدولية. ومن النساء الشرقيات اللواتي شاركن في المؤتمر، وفد إيران وهو مؤلف من الآنسة قديسة أشرف والآنسة كيمهان قربان والآنسة يمنة دانا والدكتورة ذبيج قربان، ومن حلب السيدة فائقة المدرس زعيمة النهضة النسائية في الشهباء ترافقها الآنسة بهية كواكبي والآنسة نظلة الموسوية وشاركت سيدتان عن حماة كريمات معالي وزير الزراعة، ومن بيروت إيفا ثابت وحرم صالح بك حيدر ومينا طراد وأسما قليلات وماري شامي وكرتين سعد وماتيلدا سعدو، وعن جمعية العصبة المحمدية في بيروت السيدة سلمى صديق، والسيدة أديل صباغة رئيسة مأوى العجزة للروم مع رفيقتيها إميلي فارس رئيسة جمعية العاملات والسيدة أمينة توفيق رئيسة جمعية خيرية.
المؤتمر النسائي الشرقي الأول عقد في مبنى الجامعة السورية، ولكن ما لبث إدارة الجامعة السورية أن منعت المؤتمر من متابعة أعماله على مدرجاتها، ، فانتقل إلى باحة مدرسة الجامعة العلمية. كما شهدت قاعات فندق فكتوريا (الذي كان قائماً في ساحة المرجة) العديد من نشاطات نساء المشرق، حيث استضاف هذا الفندق العديد من الوفود المشاركة في المؤتمر ومنها الوفد النسائي السوري برئاسة نور حمادة وعضوية عدد من نساء سورية منهن: حرم جميل مردم، حرم حقي العظم، وأسماء جبرائيل عيد حرم فارس الخوري، الآنسة طلعت مردم بك، الآنسة أسمى العظم، كما كان للسيدة نازك العابد، صاحبة مجلة «نور الفيحاء» الداعية لتحرر المرأة، ومؤسسة «النادي النسائي الشامي» الدور الفعال في هذا المؤتمر وترأست عدة جلسات في المؤتمر.
كانت المشاركات في المؤتمر من العديد من المحافظات السورية، حيث شارك في المؤتمر إضافة إلى الوفد الرسمي السوري أكثر من ثلاثمئة امرأة سورية، وعشرات النساء من الدول العربية والمشرقية المختلفة، ومن الأمور التي أقرها المؤتمر كما ورد في جريدة الشعب الدمشقية يوم 6 تموز 1930 العدد 869 «قضية الطلاق، فبحث المؤتمر ضرورة منح حق الطلاق للجنسين على أن يقيد هذا بقيود ثقيلة فلا يمنح إلا في ظروف استثنائية، وإذا كلف الزوج الزوجة أو الزوجة الزوج من دون سبب معقول ترفع القضية للمحاكم التي يجب أن تحكم بتعويض مادي لا يقل عن نصف أملاك المعتدي».
في كتابات الدكتور مهيار ملوحي عن الصحافة السورية، العديد من الصفحات التي تحدثت عن المؤتمر النسائي، ونقل ما تناقلته الجرائد السورية آنذاك عن فعاليات هذا المؤتمر وخاصة جريدة الشعب الدمشقية.
تذكر مجلة «مصر الحديثة» في أحد أعدادها الصادرة عام 1930م: «افتتح المؤتمر في الثالث من تموز، واختتمت أعماله بعد خمسة أيام أُلقيت خلالها خطب تطرقت إلى مواضيع شتّى، منها «نشر العلم بين النساء، القضاء على زواج الصغار وتحديد سن الزواج، إبطال تعدد الزوجات، تعديل قانون الطلاق وجعله موافقاً لروح العصر، نزع الحجاب تدريجياً مع مراعاة المستوى التهذيبي، وإصلاح حال المرأة اجتماعياً ومدنياً وسياسياً واقتصادياً».

فندق فكتوريا
وفندق فكتوريا الذي شهد أول مؤتمر للمرأة الشرقية، حيث عقد في ردهات الفندق المؤتمر النسائي الأول، أقامت نور حمادة رئيسة المؤتمر في الفندق نفسه.
صدر إعلان دعائي للفندق في الصحف السورية عام 1930 م، يقول: «نزل فكتوريا، إن نزل فكتوريا الطائر الصيت والمعروف عند الجميع بموقعه بجوار دار الحكومة والقائم على ضفاف نهر بردى والمشهور بجودته ونظافته، وقد اشتهر هذا الفندق بحسن بنائه الصحي والمتوافر فيه جميع أسباب الراحة والرفاهية، جيد المناخ طلق الهواء. رياشه فاخرة ممتازة شرقية وأوروبية ناهيك عن زخارفه، طعامه بغاية من الإتقان والنظافة عربي وإفرنجي حيث إن الراكب لا يرى فرقاً بين حياته البيتية والفندقية. خدمة ممتازة لدرجة فوق ما يتصورها الزائر متقنة نظيفة وناهيك عن سرعتها. وقد أضيف إليه قسم خاص وفُرش فرشاً متقناً وجُعل خصيصاً للحفلات الكبيرة والليالي الراقصة.
هذا، وكان على إدارة هذا الفندق عام 1930 الخواجة ندرة الوف، وفي عام 1943م كان يديره ميشيل ساريكاكي الذي شهد له الكثيرون بطول الباع بهذه المهنة.

لوكندة الشرق الكبرى
أما الفندق الثاني الشهير بدمشق عام 1930 م، فكان فندق «الخوام» وفي إعلان صادر عام 1930 م عن فندق الخوام يقول: لوكندة الشرق الكبرى «خوام» دمشق، موقعها في أجمل مركز تشرف على أعظم مناظر المدينة الخلابة منارة بالكهرباء، وهي اللوكندة الوحيدة التي تحتوي على حديقة فسيحة ذات جمال بديع وأزهار ورياحين، صالونات للاستقبال، صالونات للتدخين وللقراءة، ألعاب رياضية جمناستيك، حمامات على آخر طراز، غرفها فسيحة عالية مفروشة بأحسن الرياش، مطبخها فاخر، أسعارها معتدلة.
وفي عام 1930:
– وفي عام 1930 م تخرجت أولى دفعة من الأطباء في كلية الطب في جامعة دمشق ومنهم أولى طبيبة سورية وهي لوريس ماهر.
– عام 1930 م كان بدمشق، شارع البزورية نمرة 105، أكبر معمل في الشرق لصنع المربيات العربية وكان تأسس عام 1805، وهو معمل أحمد الغراوي، الحائز المدالية الذهبية ودرجة أولى بالمعرض الزراعي الصناعي العام بمصر. والحائز أيضاً أكبر الميداليات الذهبية وميداليات الشرف من المعارض التالية: باريس 1920م، بيروت 1920 م، لوندره 1924 م، فلسطين 1925م، إيطاليا 1926 م، دمشق 1927 «نيشان الشرف»، وكانت تصدر مصنوعاته إلى جميع أقطار العالم.
– في عام 1930 م تأسس الحزب الشيوعي اللبناني – السوري، على حين يقول البعض إن الحزب عرف جماهيرياً عام 1930 م حيث شكل الحزب حينها الخلايا الشيوعية في عديد من القرى والمدن.

Exit mobile version