Site icon صحيفة الوطن

أوزان مختلفة في المفاوضات القادمة

| رفعت البدوي 

تتسارع الأحداث في المنطقة على وقع أصوات المدافع والتفجيرات الانتحارية وتفشي ظاهرة الإرهاب الذي بات يهدد أمن العالم على مختلف المستويات متزامناً مع محاولات تشديد الطوق على التنظيمات الإرهابية في سوريه بإقفال بوابات تركيا التي تشكل الشريان الأبهر لبقاء تنظيم داعش على قيد الحياة.
حكي الكثير عن وجود خلافات في وجهات النظر بين روسيا من جهة وبين إيران وسوريه من جهة أخرى وخصوصاً على صعيد استمرار الاندفاعة في الميدان العسكري باستمرار التقدم للجيش العربي السوري مع الحلفاء، على حين أن روسيا ترى أن ما حققه التدخل الروسي من خلال الدعم الجوي أبعد الخطر عن انهيار الدولة السورية من خلال تأمين تحرير وسيطرة الجيش العربي السوري على أكثر المدن حيوية التي من شأنها تأمين إبقاء تماسك الدولة وبذلك تعتقد روسيا أن مع هذا التأمين فإن الوقت حان للتحول نحو الحل السياسي عبر التفاوض على طاولة جنيڤ مستندة إلى وعد من أميركا بالعمل الجدي مع الجانب التركي لتغيير سياساته نحو سورية بالضغط على أردوغان لإقفال منافذ الدعم عبر الحدود المشتركة بين تركيا وسورية، لكن الأمور لم تجر على نحو ما أراد الجانب الروسي بل نستطيع القول إن روسيا تعرضت إلى خديعة كان من نتائجها حصول التنظيمات الإرهابية على المزيد من الأسلحة المتطورة مع العديد من المتطوعين الذين رصدتهم الأقمار الاصطناعية الروسية وهم يدخلون الأراضي السورية انطلاقاً من تركيا، بل أكثر من ذلك فقد أعلن الناطق باسم البنتاغون في الولايات المتحدة أن ما يقارب 250 من القوات الخاصة دخلت الأراضي السورية لمساعدة الأكراد في محاربة تنظيم داعش وبدورها أعلنت بريطانيا أن 170 من القوات الخاصة دخلت سورية للمساعدة في محاربة تنظيم داعش وأخيراً فرنسا أعلنت عن البدء في بناء قاعدة عسكرية في منطقة الأكراد لمحاربة تنظيم داعش.
تلك المواقف تزامنت مع الإعلان عن اجتماع ثلاثي في طهران ضم وزراء الدفاع في كل من «روسيا وإيران وسورية» وأعلن عن التنسيق بين المجتمعين لمواجهة كل الاحتمالات في المرحلة القادمة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مضمون الاجتماع بقي سرياً وغير معلن إلا أن جملة واحدة كانت القاسم المشترك بين المجتمعين هي ضرورة التنسيق والقفز فوق الاختلافات ورسم ما سمي بالسقف الذي لا يمكن لأي طرف تجاوزه.
تركيا شعرت بتعاظم الموجة القادمة نحوها فسارعت إلى استدعاء رياض حجاب طالبة منه الإعلان فوراً عن مبادرة لهدنة رمضانية.
جاء ذلك عقب اجتماع مستعجل بين حجاب وبين (أحمد جاويش أوغلو) طالبا رعاية دولية لهذه المبادرة.
من المعروف أن المبعوث الدولي ديميستورا سيوجه في نهاية شهر رمضان دعوة لاستئناف مفاوضات جنيف، إذاً تركيا تريد كسب الوقت وفرملة الاندفاعة الروسية الإيرانية السورية من إحداث تغيير إستراتيجي في الميدان العسكري قبل البدء بالجولة الجديدة من المفاوضات.
الرد على مبادرة حجاب جاء من وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، حيث قال إن طهران توافق على وقف النار إذا كان لا يحدث تعزيز في قوى التنظيمات الإرهابية.
أما الأمر اللافت والأهم هو خطاب الرئيس السوري بشار الأسد أمام مجلس الشعب المنتخب حديثاً والذي تضمن هجوماً لاذعاً وغير مسبوق على رجب أردوغان محدداً البوصلة والهدف في مسار الأمور للمرحلة المقبلة حيث قال:
«إن حلب ستكون مقبرة لأحلام أردوغان» مشدداً في الوقت عينه على استقلالية تامة في القرار السوري في رسالة قوية للحلفاء الروس.
الاجتماع العسكري الثلاثي لوزراء دفاع الدول المتحالفة (روسيا- إيران- سورية) انعقد لتقدير الموقف العسكري من جميع جوانبه وهو رسالة بالغة الأهمية مفادها: إننا بتنا على أبواب استحقاقات كبرى في الميدان بالتأكيد على النظرية السورية الإيرانية في تنفيذ عملية كسر إستراتيجي للجهة المقابلة في الميدان وقطع الشريان الأبهر الممتد من الحدود التركية، وإن البوصلة ستكون موجهه نحو الشمال السوري والهدف هو استعادة كامل مدينة حلب.
من المؤكد أن جولة مفاوضات جنيف القادمة ستكون محملة بأوزان مختلفة لدى كل الأطراف.

Exit mobile version