Site icon صحيفة الوطن

معارك الديمقراطية الأميركية

| د. قحطان السيوفي 

المناظرات الرئاسية بين(هيلاري كلينتون) و(دونالد ترامب) حطمت الأرقام القياسية من حيث عدد الحضور. في موسم التنبؤات التي فقدت صدقيتها… عشرات الملايين يبدون الاهتمام بمشاهدة الشخص الأكثر استعدادا لاستخدام العنف والهيمنة في عصرنا وهو يوجه الاتهامات إلى أول امرأة أميركية مرشحة للرئاسة… في روما القديمة كان المصارعون يذبحون البرابرة من أجل ترفيه الناس. لكن في هذه الحالة لدى البربري فرصة ذبح عقول الناس ليصبح رئيساً… بكل المقاييس العادية، هيلاري كلينتون تقدمت على منافسها واصبحت مرشحة مفترضة للحزب الديمقراطي… آلية جمع التبرعات لديها تعمل بسرعة فائقة، ما أدى إلى جمع ما يقارب خمسة أضعاف ما جمعه ترامب. عملية تسجيل الناخبين لديها تملأ الشوارع في الولايات المتأرجحة الرئيسية. كلينتون تقول إن ترامب ليس لديه قضية يدافع عنها…. أعمال ترامب في مانهاتن مثلاً تكوّنت من دائرة صغيرة من الموالين الذين لديهم تجربة انتخابية ضئيلة وهؤلاء وجهة نظرهم (ترامب هو داود أمام جالوت. بدلا من المقلاع يحمل حساب تويتر) سلاحه الرئيسي هو القدرة على استثارة أعصاب خصمه واستغلالها… بعض المعلقين يرون ترامب مثل طالب المدرسة المشاغب يقذف الشتائم عله يحصل على مايريد، حملته بُنيت على الشتائم…
في حين أن القاعدة القياسية للحملات الرئاسية الأميركية تقول (إن المرشحين أنفسهم يجب أن يتجنبوا مهاجمة شخصية خصومهم- هذا العمل القذر من الأفضل تركه للأتباع) ترامب قلب هذا المنطق. بالكاد مر يوم لم يصف فيه هيلاري بلغة لا يوجد لها سابق في السياسة الأميركية الحديثة. في لحظة واحدة جعلها داعمة لزوج مغتصب، وفي اليوم التالي (محتالة) تستحق أن تكون في السجن. عائلتها قدمت الرشا وارتكبت مخالفات كثيرة في طريقها إلى المنصب في التسعينيات. (إذا لم يكن بإمكانها إرضاء زوجها، فكيف سيكون بإمكانها إرضاء أميركا؟) هيلاري تحذو حذوه بحماسة. وصفت ترامب (بالغشاش) تتألف حملته من «سلسلة من الحملات الصاخبة الغريبة، والعداوات الشخصية، والأكاذيب». كان يحاول الاحتيال على الناخبين الأميركيين بالطريقة نفسها التي كانت فيها جامعة ترامب تستغل آلاف الزبائن السذج. هيلاري واقعها يقول (إذا دخلت في حرب شوارع مع بلطجي، يجب التأكد من أن في حوزتك كل الأسلحة. فإذا كنت ستستخدم قبضتيك، فإنه سيضع غطاء واقيا للمفاصل. وإذا لكمته أرضا، فإنه سيسحب سكينا) حسب ما جاء في الفاينانشل تايمز. مشهد سباق 2016 هو بين «هيلاري النصابة» و«ترامب المحتال». هل يمكن لهيلاري التعامل مع تصعيد لا مفر منه؟ هل يمكن للديمقراطية أن تنجو من مثل هذه اللغة؟
بالنسبة للسؤال الأول؛ ترامب يهاجم هيلاري من خلال مؤسسة بيل كلينتون العالمية، وهي مؤسسة تأخذ الملايين من الدولارات من حكومات أجنبية ورجال أعمال على نحو لا توجد له سابقة في السياسة الأميركية… ترامب يصفها بلقب «هيلاري النصابة». ثانيا، ترامب يوجه اتهاماً إلى هيلاري لأنها تستخدم الخادم الخاص للاتصالات الرسمية. إذا اكتفى مكتب التحقيقات بمجرد عقوبة خفيفة… سيوفر لترامب مادة يستغلها ضد كلينتون. إذا ألغت وزارة العدل توصية مكتب التحقيقات الفيدرالي لتوجيه الاتهام، سيستغل ترامب ذلك أيضاً… اعتبرت كلينتون أن ترامب غير مؤهل ليقود الولايات المتحدة، مثلاً ترامب انتقد قاضياً بسبب أصوله المكسيكية. كما قال إن قاضياً مسلماً قد يكون منحازاً، علماً أنه دعا سابقاً إلى منع دخول المسلمين البلاد.
بالمقابل الكثير من الأميركيين يعرفون أن ترامب، سبق أن شن حرباً على الهنود الحمر، لحماية كازينوهاته للعب القمار في أتلانتيك سيتي ووصف المهاجرين المكسيكيين بأنهم «مغتصبون»، وجعل التشكيك في سمات الأميركيين الأصليين شغله الشاغل… هيلاري لديها نقاط ضعف… وهي تؤكد أن ترامب خطير للغاية على نحو لا يصح معه أن يكون رئيساً للبلاد. كل المقاييس التقليدية تقول إن هيلاري يمكن أن تفوز بأغلبية. لكن الأمور ربما لا تكون بهذه البساطة. وسيكون من الصعب حكم بلد اعتراه انقسام مرير بسبب الكراهية الشخصية. عندما تشير هيلاري إلى رئاسة زوجها في التسعينيات، تسأل في كثير من الأحيان «أي جزء من السلام والازدهار لا يعجبك»؟ جواب ترامب واضح: أنت، وزوجك وربما إلى حد بعيد ابنتك أيضاً. إن هذا المستوى غير المسبوق يجعل من السباق الرئاسي الحالي إلى البيت البيض بين (الحمار الديمقراطي) و(الفيل الجمهوري) ذروة المعركة…
ترى هل ستصبح هيلاري كلينتون أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة الأميركية؟
أم أن حادثة أورلاندو ستغير مزاج الناخب الأميركي. يجب أن ننتظر لنر.

Exit mobile version