Site icon صحيفة الوطن

كشف عن تفاهم يقضي بدراسة تركيا وضع رقابة دولية على معابرها مع سورية … لافروف يتوعد بمواصلة العمل ضد الإرهاب ويرفض مقترح شتاينماير «الإنساني»

| الوطن- وكالات

بلا مواربة رفض رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف أمس مقترح نظيره الألماني الإنساني القاضي بإسقاط مساعدات إنسانية لسكان مدينة حلب من الجو أسوة بمدينة دير الزور. وعلى ما يبدو أن فرانك فالتر شتاينماير لم يجد ما يعرضه بخصوص الأزمة السورية بعد ما قدمته تركيا لروسيا خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سانت بطرسبورغ، سوى الإقرار بأهمية الدور الروسي في حلب، وعرض التعاون مع موسكو في مرحلة إعادة إعمار سورية، وهو ما فُهم منه تلويح ألماني بورقة رفع العقوبات الأوروبية المفروضة على دمشق وموسكو.
وكشف لافروف، الذي رفض تمديد التهدئة في حلب لأكثر من ثلاث ساعات كي لا يستغلها المسلحون في إعادة تنظيم صفوفهم، عن بعض التفاهمات الروسية التركية، وبينها دراسة تركيا وضع رقابة دولية على معابرها مع سورية، فيما يوحي بإطلاق عملية سيكون نهايتها «إغلاق الحدود» أمام تهريب السلاح والمقاتلين إلى الداخل السوري من الجانب التركي للحدود.
وعشية زيارته إلى مدينة يكاتيرينبورغ الروسية للقاء لافروف، اقترح شتاينماير تنظيم ممر جوي تشرف عليه الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى مدينة حلب، أسوة بالبرنامج الروسي لإسقاط المساعدات على قوات الجيش السوري في مدينة دير الزور، المحاصرة من تنظيم داعش.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني، دعا لافروف إلى تعاون واسع النطاق مع الغرب والدول الإقليمية من أجل تحسين الوضع الإنساني في مدينة حلب. وتابع قائلاً: «بحثنا (مع شتاينماير) الوضع في حلب»، مبيناً أنه أطلع الوزير الألماني على الخطوات التي تتخذها روسيا بالعمل مع الولايات المتحدة كرئيسين مشتركين للمجموعة الدولية لدعم سورية. وأضاف: «هناك أمل في أن ننجح، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى ودول المنطقة والأمم المتحدة، من تحسين وضع السكان المسالمين وعدم السماح للإرهابيين الذين يسيطرون على جزء من المدينة (حلب) والمنطقة، بإملاء شروطهم». وفي إشارة إلى العملية الروسية الإنسانية في حلب، والتي تشمل إدخال مساعدات إنسانية للمدينة عبر طريق الكاستيلو، قال: «يجب تسوية الوضع في طريق الكاستيلو، حيث يمكننا أن نضع رقابة على الشحنات المتجهة نحو حلب». لكن الوزير الروسي شدد على أهمية «عدم السماح باستخدام القنوات الإنسانية من الإرهابيين ومنعهم من الحصول على التعزيزات، بما في ذلك على عناصر جدد وأسلحة وذخيرة، تحت ستار إيصال المساعدات».
ونبه إلى أن المسلحين استغلوا اتفاقيات التهدئة المؤقتة في القتال في حلب وحولها، لإعادة تنظيم صفوفهم والحصول على أسلحة. وإذ ذكر أنه يدرك أن اتفاقيات وقف القتال لفترات وجيزة يومياً المعمول بها حالياً للسماح بدخول المساعدات ومغادرة المدنيين «غير كافية»، أشار إلى صعوبة «تمديد ساعات التهدئة حالياً نظراً لاحتمال أن يستغلها المقاتلون في إعادة تنظيم أنفسهم والحصول على أسلحة»، وهو ما قال إنهم فعلوه في الماضي. وأعلنت روسيا رفضها أي هدنة في حلب يشارك فيها الإرهابيون، وأطلقت تهدئة إنسانية في المدينة لمدة ثلاث ساعات فقط.
ومن دون أن يتطرق إلى الاقتراح الألماني، حذر الوزير الروسي من أن الوضع الميداني المتغير بسرعة في مدينة حلب، يزيد من خطر وقوع المساعدات الإنسانية، في حال إسقاطها من الجو، في أيدي الإرهابيين. وإذ أعرب عن ارتياحه لأخذ الأمم المتحدة التجربة الروسية في إيصال المساعدات الإنسانية جواً إلى دير الزور، بعين الاعتبار، أوضح أن «الوضع الميداني في محيط المدينة المحاصرة سمح بنقل المساعدات وإسقاطها جواً بضمان أنها ستقع في الأيدي الصحيحة»، في إشارة إلى الجيش العربي السوري، وأضاف: «لكن الوضع ليس هكذا في حلب».
وأكد وزير الخارجية الروسي على أن بلاده لن تسمح بانتصار الإرهاب الدولي في سورية، وأنها تسعى لبدء الحوار السياسي بين جميع الأطراف. وقال «نرى كما في السابق، أنه يجب عدم السماح بوجود مجموعات وفصائل إرهابية (في سورية)، والعمل على البدء الحقيقي للمحادثات السياسية بين جميع الأطراف السورية وفق قرارات مجلس الأمن، والعمل على متابعة اتفاق وقف الأعمال القتالية وحل المشاكل الإنسانية، وخصوصاً في حلب». وأعاد التذكير بضرورة فصل «المعارضة المعتدلة» عن تنظيمي داعش وجبهة النصرة، لافتاً إلى أن تغيير اسم «النصرة» إلى «جبهة فتح الشام» «لن يغير كونها إرهابية».
وبالتطرق إلى الدور التركي، بين لافروف أن مسألة الرقابة الدولية على الحدود السورية التركية كانت حاضرة خلال قمة الرئيسين بوتين وأردوغان الأسبوع الماضي. وأعاد إلى الأذهان أن مجلس الأمن تبنى بمبادرة روسية، القرار رقم (2165) الذي ينص على ضرورة وضع رقابة دولية على توريد المساعدات الإنسانية إلى سورية، بما في ذلك عبر طريق الكاستيلو من جانب تركيا.
وأشار لافروف إلى أنه وبناء على موافقة أنقرة، حدد القرار معبرين على الحدود السورية التركية يجب وضع الرقابة الأممية عليهما. وأوضح أنه تم نشر مراقبين أمميين على أحد هذين المعبرين، لكن المعبر الثاني مازال مغلقاً حتى الآن، وهو معبر القامشلي. وأردف قائلاً: «لدينا تفاهم مع الشركاء الأتراك مفاده أنهم سيدرسون المسائل المتعلقة بتنفيذ هذا القرار وتنظيم الرقابة الدولية على المعبرين المذكورين». وأضاف: «أعتقد أن هناك إمكانية لإيجاد حل لتلك المسائل»، لافتاً في هذا الصدد إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تناول هذا الموضوع مع نظيره التركي.
وأضاف: «توصلنا إلى تفاهم مع الجانب التركي حول ضرورة اتخاذ إجراءات إضافية من أجل تنفيذ القرار الدولي بالكامل». وتابع: «من المستحيل، طبعاً، تفتيش كل الشحنات. لكننا ننظر حالياً مع الشركاء من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا في توصيات قدمها خبراء حول وضع رقابة انتقائية تضمن بأقصى قدر ممكن عدم انتهاك النظام الإنساني بهذا المسار».
وفي وقت سابق من يوم أمس، اتهم لافروف الغرب بتسييس المسائل الإنسانية في سورية، ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، عن الوزير الروسي قوله خلال كلمة ألقاها في إحدى جامعات يكترينبيرغ بحضور شتاينماير: إن «دول الغرب تعمد إلى استخدام المعايير المزدوجة عند تقييم الأوضاع الإنسانية في سورية واليمن».
من جانبه، اعتبر شتاينماير في كلمة ألقاها أمام الجامعة نفسها أن روسيا «تتحمل مسؤولية خاصة في مدينة حلب، ولاسيما فيما يخص وقف الأعمال القتالية وتنظيم الممرات الإنسانية»، وأكد أنه «عندما تبدأ مرحلة إعمار سورية بعد تسوية الأزمة فيها، فعلى روسيا وألمانيا بالذات أن تعملا بشكل مشترك في تدمر وحلب وحمص».

Exit mobile version