Site icon صحيفة الوطن

مشاركة سورية بأولمبياد ريو دي جانيرو لم تأت بجديد … خرجنا صفر اليدين والمبررات حاضرة عند أصحاب الشأن

| محمود قرقورا

وهكذا طُويت صفحة المشاركة السورية في أولمبياد البرازيل بشكل مطابق لتوقعاتنا مخالف لتوقعات وتطلعات أصحاب الشأن الذين يمتلكون الأسباب والمسببات وبراعة التبريرات، فكل إخفاق رياضي يعلقونه على مشجب الأزمة السورية ضاربين عرض الحائط بمشاعر كل الرياضيين المتابعين، بل إنهم لم يعد يهمهم المحاولة مادامت المبررات حاضرة من وجهة نظرهم.
شاركنا في البرازيل بسبعة رياضيين في خمس ألعاب وتساقط الجميع كورق الخريف، بمن فيهم فرس الرهان مجد الدين غزال الذي استحق شرف المحاولة، وكنا سنرفع القبعة احتراماً له لو قارب رقمه الشخصي.
وإذا كنا مقتنعين قولاً وفعلاً وحقيقة واقعة بأن الظروف فعلت فعلها ووضعتنا بخانة لا نحسد عليها، فإننا نتألم عندما ينسب مسؤولونا الرياضيون النجاح لأنفسهم لمجرد تحقيق نتيجة إيجابية عابرة في أي لعبة ولو على الصعيد الفردي، وهكذا يجيّرون النجاح لأنفسهم وإبداعاتهم الخارقة من وراء المكاتب، ويخرجون إلينا بتبريرات واهية لا تقنع أي معني متصالح مع نفسه عند أي إخفاق.
ماذا نسمي خروجنا صفر اليدين للأولمبياد الثاني على التوالي بعهد القيادة الرياضية الحالية؟
لماذا تحتالون علينا بإنجازات وهمية خلال بطولات خلبية وتقيمون الأفراح وحفلات الاستقبال والوداع متصدرين صورها التذكارية، وعندما يجد الجد في البطولات القارية والعالمية لا تحركون ساكناً سوى العزف على أسطوانة تبرير حفظها الصغير والكبير عن ظهر قلب؟
عندما تتكلمون عن إنجازاتكم تقولون رُفع العلم السوري وعُزف النشيد العربي السوري مرات لا حصر لها وتتباهون بذلك في مؤتمراتكم السنوية وكأنكم وحدكم من يرفع العلم السوري ويساهم بعزف النشيد، متناسين أن جمالية العزف تكون عندما يتكلل ذلك بإنجاز حقيقي لا وهمي، ثم تذكروا أن الصومال وجيبوتي وجزر القمر رفعت أعلامها وعُزفت أناشيدها الوطنية في البرازيل.

قفوا مع ذاتكم
شخصياً لم أتفاعل مع الألعاب الفردية الأولمبية كهذه المرة وكنت حريصاً على متابعة مجد الدين غزال بشغف وتألمت لأن مجهوده ذهب هباءً رغم جده واجتهاده.
لكن يبدو أن القدر تدخل، فلو حاز مجد غزال ميدالية ولو برونزية لتاجر المسؤولون الرياضيون بها معتبرين أن عجلة الرياضة تسير إلى الأمام وأنهم أصحاب الإنجاز، وربما خططوا للاستنجاد برجل أعمال سخي ليدفع لهم تكاليف حفل تكريم ساخن لابسين ثوب الأبطال بفضل هذه الميدالية البراقة المزعومة.
يا سادة القرار في البرامكة لو كانت الميداليات تجيّر لكم لنام سميح مدلل قرير العين منذ أن ترك مكانه، ففضية جوزيف عطية 1984 وذهبية غادة شعاع 1996 والفوز بدورة المتوسط 1987 وبوصافة كأس العرب 1988 والاقتراب من التأهل للمونديال المكسيكي 1986 كل ذلك تم أثناء ولايته.

أين أنتم؟
حرصت قبل الأولمبياد على معرفة الأرقام القياسية السورية بألعاب القوى ووجدت أن معظم الأرقام تحققت منذ أمد بعيد وإليكم بعض الأمثلة:
الرقم القياسي للرجال بمئة متر مسجل باسم نبيل نهري عام 1980 وبمئتي متر باسم اللاعب ذاته عام 1979 وبـ400 متر باسم زهر الدين نجم 1999 وبـ800 متر باسم محمود خيرات عام 1998 وبـ3000 متر باسم فياض بكور عام 1998 وبـ5000 متر باسم صلاح حبيب عام 1990 وبـ10000 متر باسم فاروق خضور عام 1986 وبـ110 أمتار حواجز باسم خير الدين العبيد 1991 وبـ400 متر حواجز باسم زيد أبو حامد عام 1993.
وفي السيدات فإن الرقم القياسي بـ100 متر مسجل باسم غفران محمد عام 2006 وبـ200 متر باسم غادة شعاع عام 1995 وبـ400 متر باسم غفران محمد عام 2006 وبـ800 متر باسم اللاعبة ذاتها عام 2006 وبـ3000 متر باسم إيمان الجلاد عام 2006 وبـ5000 متر باسم زينب بكور عام 2000 وبـ10000 متر باسم زينب بكور أيضاً عام 1998 وبـ110 أمتار حواجز باسم غادة شعاع 1995.
وحيال ذلك نسأل: هل ماتت الولادات اللواتي ينجبن الأبطال الرياضيين في سورية؟
إذا كانت غفران محمد وصلت للسقف منذ 2006 فلماذا المحاولة معها مرات ومرات؟
إذا كان أزاد برازي ليس أهلاً للمهمة فلماذا الاستمرار في الرهان عليه؟

المشاركات بالتفصيل
السبّاحة بيان جمعة شاركت بمسابقة 50م حرة وجاءت في المركز التاسع والأربعين من أصل 91 سبّاحة، ورقمها 26 ثانية و41 جزءاً من الثانية متأخرة عن صاحبة المركز الأول بثانيتين و34 جزءاً وتأخرت عن رقمها بـ28 جزءاً من الثانية.
وسبق لبيان أن شاركت في أولمبياد لندن 2012 بمسابقة 100م حرة وجاءت بالمركز 40 من أصل 50 متأخرة عن صاحبة الذهبية بست ثوان و78 جزءاً.
السبّاح أزاد برازي شارك في سباق 100 م صدرا وجاء في المركز 36 من أصل 46 سباحا برقم قدره دقيقة وثانيتان و22 جزءاً وسبق له المشاركة في أولمبياد لندن 2012 وحلّ وقتها بالمركز 39 من أصل 44 ورغم أنه حسّن رقمه بثانية و26 جزءاً إلا أنه لم يتمكن من الوصول إلى رقمه الشخصي البالغ دقيقة وثانية و15 جزءاً وتأخر عن صاحب الميدالية الذهبية بخمس ثوان وتسعة أجزاء.
هبة اللجي شاركت بتنس الطاولة وخرجت خلال عشر دقائق أمام المكسيكية باديرا سيلفا صفر/4 بواقع 2/11 و1/11 و2/11 و4/11.
لاعب الجودو محمد قاسم خسر أمام اللاعب آن شانغ ريم من كوريا الجنوبية في منافسات الدور 32 لوزن تحت 73 كغ.
معن أسعد شارك في مسابقة رفع الأثقال لوزن فوق 105 كغ جاء في المركز الخامس عشر من أصل 23 ربّاعاً متأخراً بـ73 كغ عن صاحب الذهب، وبـ18 كغ عن رقمه الشخصي.
لاعبة ألعاب القوى غفران محمد شاركت في سباق 400 متر حواجز وجاءت في المركز 41 من أصل 48 عداءة بزمن قدره 58 ثانية و85 جزءاً أقل بثانيتين من رقمها الشخصي، متأخرة عن صاحبة الذهب بـ5 ثوان و72 جزءاً أي هو سباق آخر إن صح التعبير.
أما مجد غزال أيقونتنا في الوثب العالي فقد وثب 229 سم أقل بسبعة سنتيمترات عن متقلّد الميدالية الذهبية مكتفياً بالمركز السابع.

تبريرات مرفوضة
لاعبتنا غفران محمد تبريراتها مطابقة لتبريرات المعنيين وكل ما قالته إنها جاءت إلى البرازيل لاكتساب الخبرة وكأنها تطمح للمشاركة في أولمبياد 2020 عندما تبلغ ربيعها الثاني والثلاثين، فإذا كانت هذه المشاركة لاكتساب الخبرة فهل كانت مشاركة 2012 للاستجمام والقطاف سيأتي 2020؟
مجد الدين غزال كتب في صفحته الشخصية على الفيسبوك أنه كان يعاني الإرهاق واشتكى لمدربه وتبيّن لاحقاً أنه كان يعاني فقر دم شديداً، فهل هذا كلام في الهواء على اعتبار أن بعثتنا لم تصطحب طبيباً ولا ندري أساساً لماذا الإهمال في هذه النقطة؟

قفوا مع الذات
معظم قادة الرياضة في بلدنا يمتلكون الحصانة تحت قبة مجلس الشعب، والمتابعون يرون أن دخولهم البرلمان ربما كان مدروساً، ولهؤلاء نقول:
ما القضايا الرياضية الساخنة التي طرحتموها أو ستطرحونها في المجلس؟
تذكروا أن البرلمان الإيطالي عقد جلسة طارئة لدراسة آثار خسارة إيطاليا أمام كوريا الشمالية في كأس العالم 1966 مع أن إيطاليا في رحاب كرة القدم تخسر جولة وتربح جولات، فهل يمتلك أحدكم جرأة الاعتراف بالتقصير ويترك مكانه لمن عنده قدرات أفضل احتراماً للشارع الرياضي الذي يجد في الرياضة متنفساً للهروب من «غلاظات» الأزمة وتأثيراتها؟
إذا كنتم في كل مرة ترون الأزمة سبباً للإخفاق ولا يمكن تسجيل الحضور اللائق، فلماذا سعيتم بكل ما أوتيتم للبقاء في مناصبكم؟
تذكروا أن الخبر الرياضي أهم خبر سياسي في هذه الظروف ولذلك تكون منعكساته إيجابية ويفوح عبيره ليملأ الكون كله إن كان مفرحاً فهلا وقفتم مع الذات وقدمتم اعتذاركم للشارع الرياضي واستسمحتم القيادات الأعلى واعدين برياضة أفضل والاستعداد للمساءلة؟!

Exit mobile version