Site icon صحيفة الوطن

موسكو وواشنطن تقتربان من «التمييز» بين «الإرهابيين» و«الموافقين على دخول عملية سياسية» … العالـــم بانتظـــار الاتفــاق الأميــركي الروســـي العتيـــد

| الوطن – وكالات

حبس العالم أنفاسه أمس في انتظار صعود الدخان الأبيض بشأن اتفاق حول سورية تفاوض حوله خبراء سياسيون وعسكريون روس وأميركيون لأسابيع خلت.
واتهمت مصادر أميركية روسيا بـ«التراجع» عن موافقتها على اتفاق سبق أن اقترحت واشنطن مسودته الأولية على موسكو منتصف الشهر الماضي. نتيجة لذلك عاد الخبراء إلى «العواصم» من أجل اتخاذ القرار النهائي. وتمحورت الخلافات الأميركية الروسية التي أجلت إعلان الاتفاق حول «نقطتين معقدتين»، واللتين عمل رئيسا الدولتين ووزيرا خارجيتهما على تذليلهما على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في الصين. ويتمحور الاتفاق العتيد حول إدخال مساعدات إنسانية من تركيا إلى مدينة حلب عبر طريق الكاستيلو فقط. وقد ينص الاتفاق حسبما ذكرت مصادر أميركية على وقف إطلاق نار في عموم سورية، وإنشاء «منطقة منزوعة السلاح» على جانبي طريق الكاستيلو وانسحاب أي وجود مسلح في الطريق. وبموجب الاتفاق تمتنع طائرات سلاح الجو التابع للجيش السوري عن قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة «المعارضة». وتولت الدبلوماسية الروسية شرح مصير المطلب الروسي الخاص بـ«فصل المعارضة المعتدلة عن التنظيمات الإرهابية»، موضحةً أن رئيس الدبلوماسية الأميركية اقترح حلاً لهذه المعضلة، يمكن من تحديد الإرهابيين وتمييزهم عن المسلحين الذين لا يقرون بـ«شرعية الحكومة الحالية في دمشق، لكنهم على استعداد للمشاركة في العملية السياسية».
واعتبرت الولايات المتحدة، أن الاتفاق «خطوة» نحو حل «الخلافات الكبيرة» مع روسيا بشأن «الطرفين» اللذين تدعمهما الدولتان، وكذلك «العملية اللازمة لإحلال السلام في سورية». وفي المقابل، أكدت روسيا أن عمليتها العسكرية في سورية ساعدت في بقاء هذه الأخيرة «دولةً»، وأكدت تمسكها بتسوية أزمتها عبر «الطرق السياسية فقط».
ومن مدينة هانغشتو الصينية التي تستضيف أعمال قمة العشرين، صرح مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية، قائلاً: «تراجع الروس عن بعض القضايا التي اعتقدنا أننا اتفقنا عليها، ولذلك سنعود إلى عواصمنا للتشاور»، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف سيعقدان لقاء ثانياً اليوم الاثنين أيضاً. وفي وقت سابق، أعلن كيري عقب مباحثات مع نظيره الروسي، أن بلاده اتفقت مع روسيا على الكثير من المسائل الفنية حول سورية وبقي على «الجانبين حل نقطتين معقدتين». وأضاف: «كما قلت سابقاً سنلتقي صباح الغد لتبادل الأفكار حول النقاط المعقدة.. وبعد ذلك ننظر ما مدى التقدم الذي حققناه».
من جانبه، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن موسكو وواشنطن اقتربتا كثيراً من التوصل إلى اتفاقية حول سورية ولا يوجد أي أساس للشك في نجاح المباحثات.
وقال ريابكوف الذي لعب دوراً كبيراً في التفاوض على الاتفاق: «لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن كل شيء سينهار»، لكنه شدد على أنه غير مستعد حالياً للتكهن بموعد الإعلان عن تحقيق هذا الاتفاق. ووفقاً له، «فإن الدبلوماسية تتطلب في بعض الأحيان، شيئاً من الوقت لتحقيق أمور ملموسة محددة». وأضاف: «نتحدث عن أهم الأمور المتعلقة بتطبيق وقف لإطلاق النار… المحادثات المكثفة مستمرة.. حتى نضع اللبنة الأخيرة… لا يمكننا الإعلان عن تحقيق نتائج».
وأشار إلى أن «أحد أهم المسائل التي طرحتها روسيا أمام الزملاء الأميركيين خلال الأشهر العديدة الماضية، كانت تتعلق بضرورة الفصل الحقيقي بين الإرهابيين وما يسمى بـ«المعارضة المعتدلة»، وعندما نتحدث عن مثل هذه القضايا، يجب النظر إلى الموضوع كله بشكل مجمل». ونوه بأن اللقاء الذي جرى يوم الأحد في الصين بين وزيري خارجية الدولتين ساعد في تحقيق التقدم على طريق التوصل إلى الاتفاقية المذكورة.
وشدد الدبلوماسي الروسي الرفيع على أن الاتفاق المرتقب بين روسيا والولايات المتحدة سيسمح بتقريب حل هذه المشكلة. وأضاف: «يبدو لي أن هذا الاتفاق قد يؤدي إلى أننا سنتمكن بشكل أفضل من تحديد الإرهابيين الذين يشكلون تهديداً، بما في ذلك على روسيا، الذين يجب القضاء عليهم، وتحديد الذين لا يعتبرون الحكومة الحالية في دمشق شرعية لكنهم على استعداد للمشاركة في العملية السياسية».
وأبلغ مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سورية مايكل راتني «المعارضة المسلحة» في رسالة وجهها إليهم، أن الاتفاق الذي تبحثه الولايات المتحدة وروسيا قد يعلن قريباً، ويتضمن وقفاً لإطلاق النار في أنحاء البلاد والتركيز على إدخال مساعدات الإغاثة إلى حلب عبر طريق الكاستيلو. وتقول رسالة راتني، التي نقلت وكالة «رويترز» للأنباء مقتطفات منها: إن «الاتفاق سيلزم روسيا بمنع الطائرات الحكومية السورية من قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة الرئيسية وسيطالب بانسحاب قوات دمشق من طريق إمداد رئيسي شمال حلب»، على أن تقوم الولايات المتحدة بالتنسيق مع روسيا ضد تنظيم «القاعدة»، في إشارة إلى «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً).
وحسب موقع «الجزيرة النت»، فإن الاتفاق المرتقب مع موسكو سيجعل شمال حلب «منطقة منزوعة السلاح».
وعلى مقربة ساعات من لقاء خاطف سيجمعه مع نظيره الأميركي باراك أوباما، شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن تحقيق الحل النهائي لنزاع مثل هذا النزاع في سورية غير ممكن «إلا من خلال الوسائل السياسية».
وفي لقاء غير رسمي لقادة دول «بريكس» على هامش قمة هانغتشو، ذكّر بوتين بأن روسيا تمكنت بالتعاون مع الشركاء الآخرين من فرض وقف إطلاق النار في بعض مناطق سورية، وكذلك بدء المفاوضات بين الأطراف السورية. وأشار إلى أن نشاط القوة الجوية الروسية في سورية سمح بالمحافظة على كيان هذه الدولة، وألحق ضرراً جدياً بالجماعات الإرهابية.
ونوه بأن أخطر وضع من حيث تهديد الإرهاب موجود حالياً في سورية ولهذا السبب بالذات لبت موسكو في العام الماضي، طلب دمشق للمساعدة في مكافحة الجماعات الإرهابية. لكنه أكد أن التصدي للإرهاب بشكل حقيقي يبدو ممكناً فقط عن طريق «توحيد» جهود كل الدول المعنية.

Exit mobile version