Site icon صحيفة الوطن

لافروف وكيري يتوصلان إلى اتفاق على هدنة وإلى مركز مشترك لضرب داعش و«فتح الشام» … 14 ساعة من المفاوضات تقرب واشنطن من الهدف الروسي: جبهة مشتركة لضرب التنظيمات الإرهابية

| الوطن- وكالات

بعد مفاوضات استمرت لأربع عشرة ساعة، غلبت عليها احتمالات الفشل، وتقطعت نتيجة مشاورات مكثفة بين المفاوضين الأميركيين ورؤسائهم في واشنطن، خرج أخيراً من مدينة جنيف السويسرية دخان أبيض يبشر بالتوصل إلى اتفاق تم العمل عليه لأكثر من 50 يوماً.
الاتفاق الذي لم يكن ليعلن لولا «موافقة القيادة السورية» عليه، يوصل الروس إلى هدفهم إقامة جبهة مشتركة لمواجهة الإرهاب الدولي، لكن بعد تنفيذ عدة شروط أميركية منها، وضع ترتيبات لمدينة حلب، إعادة الحياة إلى وقف العمليات القتالية، وأخيراً، الحد من تحركات طائرات سلاح الجو التابع للجيش العربي السوري. وسيمهد الاتفاق، الذي فضل الأميركيون والروس إحاطته بالسرية الكاملة، بحسب ما أملت الأمم المتحدة، لاستئناف المحادثات السورية السورية في جنيف. ومن مدينة جنيف السويسرية، أعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بعد انتظار نظيره الأميركي جون كيري لأكثر من خمس ساعات، عن توقيع 5 وثائق، تحتوي على اتفاقات، تم التوصل إليها بين الطرفين بغية استئناف العملية السياسية، وهو ما سيتيح تهيئة الظروف المطلوبة لإخراج التسوية السورية من طريق مسدود.
وجاء الاتفاق عقب محادثات، انضم إليها المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا مرتين أحدهما مع نائبه رمزي رمزي، واستمرت إلى وقت متأخر يوم الجمعة وعدد من المحاولات الفاشلة للتوصل لاتفاق خلال الأسبوعين الماضيين. وتأجل الإعلان يوم الجمعة كي يتشاور كيري والمفاوضون الأميركيون مع المسؤولين في واشنطن.
وأكد لافروف في مؤتمر صحفي مع كيري عقداه في ختام مفاوضاتهما التي استمرت 14 ساعة، أن الخطة الروسية الأميركية الجديدة تركز على ضرورة الفصل بين الإرهابيين و«المعارضة» السورية، وشرح أنها تتضمن «تنسيق جهود مكافحة الإرهاب وتوسيع مدخل وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان وخاصة في حلب، وتعزيز نظام وقف العمليات القتالية وتهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية». ولفت إلى أن الخطوة الأولى في الاتفاق تقضي بوقف الأعمال القتالية في سورية، بدءاً من منتصف ليل اليوم الأحد، موضحاً أن الهدنة ستعلن في البداية لمدة 48 ساعة يتم تمديدها لاحقاً للفترة نفسها، ثم ستمتد على أساس دائم.
وشدد على أن الحكومة السورية مطلعة على الاتفاقات الروسية الأميركية وجاهزة لتنفيذ أحكامها. وأضح أن روسيا والولايات المتحدة ستنشأان في غضون 7 أيام من دخول الهدنة حيز التنفيذ، مركزاً مشتركاً، يعمل ضمنه عسكريون وممثلو أجهزة الاستخبارات الروسية والأميركية. وبيّن أن المركز سيسمح «بالفصل بين الإرهابيين والجماعات «المعتدلة» وشن القوات الجوية الأميركية والروسية هجمات على الإرهاب».
وبيّن أن الروس والأميركيين اتفقوا «على تحديد المناطق، التي يعمل فيها، بموافقة القيادة السورية، الطيران الروسي وحده والمناطق التي يعمل فيها الطيران الأميركي». وأضاف: «أما القوات المسلحة السورية فستعمل في مناطق أخرى خارج مجال التعاون الروسي الأميركي»، مبيناً أن الجانبين الروسي والأميركي اتفقا أيضاً على «الإجراءات» الواجب اتخاذها رداً على انتهاك وقف إطلاق النار.
واستطرد الوزير الروسي، مبيناً أن الأميركيين والروس ثبتوا في الوثائق التي توصلوا إليها «الإجراءات والآليات المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية والمدنية إلى مناطق سورية، ولا سيما محيط حلب، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر». وفضل إسدال ستار السرية على بقية جوانب الخطة الروسية الأميركية بخصوص المساعدات الإنسانية خوفاً من «العرقلة». وقال: إن الخطة تتضمن «معلومات حساسة، لا نريد أن تصبح في أيدي أولئك الذين سيحاولون، بالتأكيد، عرقلة تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في البنود المتعلقة بمسألة المساعدة الإنسانية، وفي غيرها من بنود اتفاقنا».
ووجه لافروف انتقاداً للسعودية من دون أن يسميها لإصرارها على حصرية «الهيئة العليا للمفاوضات» لتمثيل المعارضة في محادثات جنيف السورية. وانتقد لافروف محاولات ممولي «إحدى فصائل المعارضة» فرض نفسها كمجموعة وحيدة مخولة بتمثيل المعارضة السورية، واصفاً ذلك بأنه استفزاز يخالف القرار الدولي (2254) وما تم الاتفاق عليه ضمن مجموعة الدعم الدولية لسورية. وشدد على ضرورة أن تكون مفاوضات السلام بشأن التسوية السورية شاملة وتضم جماعات معارضة، شكلت أثناء اجتماعات موسكو والقاهرة والرياض على حد سواء، حسب ما يتطلبه القرار (2254). وعلى الرغم من التوصل إلى الاتفاق إلا أن رئيس الدبلوماسية الروسية ظل محافظاً على الحذر. وقال: إنه لا يمكن لأحد ضمان احترام الاتفاق وتطبيقه بأكمله.
بدوره، قال كيري: إن «الولايات المتحدة وروسيا تعلنان خطة نأمل في أن تسمح بخفض العنف» وفتح الطريق أمام «سلام عن طريق التفاوض وانتقال سياسي في سورية»، مؤكداً أن موسكو «أطلعت الحكومة السورية على هذا الاتفاق وهي مستعدة لتطبيقه». ودعا «كل أصحاب المصلحة في سورية» إلى دعم الاتفاق، الذي أوضح أنه يتضمن سحب طرفي النزاع قواتهما من طريق الكاستيلو، بهدف إنشاء منطقة خالية من الأسلحة حول مدينة حلب. واعتبر أن هذا الإجراء سيتيح ضمان الإيصال الأمن للمساعدات الإنسانية إلى المواطنين، مشدداً على أن نجاح التسوية في حلب يفتح الآفاق لاستئناف المحادثات بين السوريين. وأشار كيري إلى أن «واشنطن ستتعاون مع الجيش الروسي في حال صمدت الهدنة أسبوعاً». وأكد أن واشنطن وموسكو اتفقتا على إجراء عمليات مشتركة بخصوص «جبهة فتح الشام». وقال: «ستبذل الولايات المتحدة.. مزيداً من الجهد هنا لأننا نعتقد أن لدى روسيا وزميلي (لافروف) القدرة على الضغط على نظام (الرئيس بشار) الأسد لإنهاء هذا الصراع والقدوم إلى الطاولة وتحقيق السلام»، واعتبر أن «حجر أساس» الاتفاق الجديد هو الاتفاق على أن الحكومة السورية لن تقوم بمهام جوية قتالية في المنطقة المتفق عليها بذريعة ملاحقة مقاتلين من «فتح الشام». وأضاف مستطرداً: «سيضع ذلك نهاية للبراميل المتفجرة ونهاية للقصف العشوائي ويملك القدرة على تغيير طبيعة الصراع».
وعن مسلحي «فتح الشام» وداعش، قال كيري: «علينا ملاحقة هؤلاء الإرهابيين… ليس بطريقة عشوائية لكن بطريقة إستراتيجية ودقيقة وحكيمة حتى لا يستطيعوا مواصلة استغلال قصف النظام العشوائي لحشد الناس على جرائمهم البغيضة». وأضاف: إن جميع أطراف الصراع عليها الالتزام بالهدنة في أرجاء البلاد، وحذر «مقاتلي المعارضة» من أنهم ما لم ينفصلوا عن «جبهة النصرة» (جبهة فتح الشام حالياً) فإنهم لن يكونوا بمنأى عن الهجمات الجوية.
وشرح أن النهج الذي تم الاتفاق «يتطلب وقف جميع الهجمات بما في ذلك القصف الجوي وأي محاولات للسيطرة على أراض إضافية على حساب أطراف وقف إطلاق النار. يتطلب ذلك توصيلاً مستداماً للمساعدات الإنسانية من دون عوائق لكل المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها بما في ذلك حلب». وأضاف: «لا يسمح للنظام ولا المعارضة بشن هجمات في حلب». ودعا المعارضة إلى حماية مناطقها من «النصرة». وأعلن أنه ابتداءً من الإثنين المقبل «سنبدأ في التحضير لاستئناف المفاوضات»، مؤكداً أن بلاده ستعمل «مع روسيا على تسهيل الانتقال السياسي في سورية»، معتبراً أنه «إذا طبقت الخطة فستمثل لحظة فارقة وتعيد الأطراف إلى طاولة المفاوضات».

Exit mobile version