Site icon صحيفة الوطن

القضية والوفاء…

| د. اسكندر لوقا

ربما كان اسم دي بوفر اسماً مجهولاً لدى العديد من القراء، ومرد ذلك إلى جهل البعض منا تفاصيل المقاومة الشعبية التي لعبت دوراً مفصلياً في تاريخ سورية المعاصر.
دي بوفر هذا كولونيل فرنسي قاد حملة عسكرية في عام 1921 لإخضاع الثورة السورية في دير الزور وذلك بعد أن يئس من إقناع رجال الثورة الخضوع لإرادة حكومته المستعمرة لبلادنا.
وقبل ذلك كان قد أصدر بياناً إلى أبناء المنطقة طالبهم فيه بفتح الطريق لقواته حتى يتجنبوا ما سماه حرب الإبادة. ورداً على هذا البيان أجابه ثوار المنطقة ببيان جاء فيه «إننا مستعدون لاستقبال الغزاة بمثل ما تستقبل به في كل المناطق السورية ولن نكون أقل إخلاصاً ووفاء لقضيتنا».
وكما هو معروف فإن المقاومة الشعبية انتصرت على الغزاة في نهاية المطاف، فخرجوا من المنطقة إلى غير رجعة، وبذلك منيت الحكومة الفرنسية بالفشل ليس في دير الزور وما حولها فقط بل في كل أنحاء سورية، وانتصرت إرادة شعبنا التي لم تلن يوماً في مواجهة الغزو الأجنبي حتى الاستقلال في عام 1946.
وفي الوقت الراهن، يحل غزاة من غير صنف محل الغزاة الفرنسيين، وسوف يصدق الرهان على انتصار أبناء المنطقة نفسها على أعدائها الجدد، كما سوف تنتصر إرادة أبناء شعبنا على كامل الأرض السورية عليهم، مهما طال زمن المواجهة ومهما بلغت التضحيات.
إن التاريخ الذي كان دوماً شاهداً على صمود أبناء شعبنا منذ الغزوة العثمانية الاستعمارية في عام 1516 وحتى الغزوة الوحشية التي تقودها داعش وتوابعها منذ الحادي عشر من شهر آذار من عام 2011 حتى الساعة، إن هذا التاريخ سيكون يوماً شاهداً على هزيمة الباطل أمام الحق، لأن الحق لا يموت، كما إرادة شعب إذا أراد الحياة فلا بد أن يقف صامداً أمام جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والتهجير وسوى ذلك مما نراه في أيامنا هذه، ولن يكون أبناء الغد أقل اعتزازاً من أبناء اليوم بما حققه الأجداد والآباء من أفراد أسرهم ووطنهم.
وتبقى المعركة التي يخوضها شعبنا ضد أعداء البشرية وأزلامهم والتي يحاول البعض تجاهلها عمداً كمن يضع يده أمام عينيه حتى لا يرى الشمس، تبقى معركة وفاء لقضية وطنية، قومية، إنسانية، بكل معانيها وأبعادها.
يقول الكاتب الفرنسي الشهير ألفونس دوديه (1840-1897): إن الأغبياء فقط هم الذين يتجاهلون الشمس وهي ساطعة.

Exit mobile version