Site icon صحيفة الوطن

علاقة واشنطن والرياض عقب قانون «جاستا»؟

بعد 7 عقود على التحالف التاريخي بين واشنطن والرياض، تنتهي تلك المسيرة بضربة مزدوجة أميركية لمصلحة ظهور قوة إقليمية يجري الترتيب لها في الوقت الحالي على حساب كلتي الدولتين.
وجاء ذلك خصوصاً عقب تبني الكونغرس الأميركي قانون (العدالة ضد رعاة الإرهاب) المعروف باسم «جاستا».
فبعد التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، وغضب الرياض إزاء ذلك الاتفاق الخديعة الذي تم وراء ظهر حلفاء واشنطن من دول الخليج، وتصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما عن «حلفاء الانتفاع المجاني» وصولاً إلى تلويح الرياض بسحب صناديقها السيادية من الولايات المتحدة والتي تقدر بـ750 مليار دولار، ناهيك عن أصول أخرى تمتلكها المملكة، صوّت الكونغرس الأميركي قبل أيام بأغلبية ساحقة لإلغاء أول فيتو رئاسي منذ تولي الرئيس أوباما منصبه، على قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» أو«جاستا» الذي يسمح لعائلات الضحايا الذين قتلوا في هجمات 11 أيلول 2001 برفع دعوى قضائية ضد المملكة.
ولعل المفارقة التي تمت خلال نفس الأسبوع هي السماح ببيع أسلحة للسعودية بقيمة 1.2 مليار دولار، وتبني قرار إدانة الرياض.
وبالعودة إلى سياسة اللعب على وترين التي تتبناها واشنطن، فقد أكد دينيس روس وهو عضو في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» ومساعد خاص سابق للرئيس الأميركي باراك أوباما خلال ربع القرن الماضي أن هناك تحديات بالجملة تواجه الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط.
وأضاف: «إن الإدارات الأميركية السابقة تعاملت مع أزمة واحدة في آن واحد في الشرق الأوسط. أما اليوم، فقد اندلعت مجموعة غير مسبوقة من الأزمات في جميع أنحاء المنطقة، وقد تشكّل كلاً واحدة منها بمفردها تحدياً كبيراً للولايات المتحدة، وعلى إداراتها أن تتعامل مع قضايا بالجملة في آن معاً».
ويرى روس أن الأمر المقلق هو «تعرّض نظام الدول الشرق أوسطية إلى الانتهاك. فإذا فشلت هذه الدول، سيتم ملء الفراغ الناتج عن ذلك من قبل مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة من غير الدول».
ويتبنى روس مقولة مشهورة يعيدها دوماً في لقاءاته وتصريحاته هي: «إن الولايات المتحدة لن تتخلّى عن الشرق الأوسط في أي وقت قريب بل ينبغي على الإدارات الأميركية المستقبلية طمأنة الحلفاء الإقليميين بأن هناك مزايا لمصادقة الولايات المتحدة – كما أن هناك عواقب لمعاداتها».
ويرى بعض المحللين هنا أن ما يجري في المنطقة يثير غضب الرياض وإيران لأنهما لا تريدان رؤية نفسيهما محاطتين بمزيد من نفوذ الدولة الأخرى.
وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1) قد أصبح إنجازاً تاريخيا لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأنه قد أتاح الفرصة لطهران للبدء بعلاقة أوسع مع القوى العظمى في العالم، ومحاولة إعادة إدماج البلاد في النظام الاقتصادي والسياسي العالمي مع قيامها (إيران) بالمضي قدماً في إستراتيجية مواجهة الغرب في سورية، ولبنان، والعراق، واليمن وأماكن أخرى.
وهنا لا بد من توضيح أن هناك سياسة عامة تحكم علاقة الدول الكبرى بالدول الإقليمية، لذلك هناك سبب مقصود لإدامة الصراع السعودي الإيراني في الشرق الأوسط.. ووفق معهد «بروكينج»، فإن واشنطن ما عادت بحاجة للطاقة الهيدروكربونية السعودية نظراً لأنه:
أولاً: استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة أصبح قاب قوسين أو أدنى ولم يعد الاعتماد على النفط السعودي متحكماً، بعد أن شهدت واردات الولايات المتحدة من النفط تناقصا بنسبة 50% منذ 12 عاما، ويرجع ذلك إلى زيادة إنتاج مصادر الطاقة مثل الغاز والفحم الحجري والصخر الزيتي على أراضيها، ما مكنها من الاستغناء عن الاستيراد من دول الخليج بشكل جزئي وأعلنت أنه من المتوقع أن تتوقف عن استيراد النفط بحلول 2020، وفق مجلة «نيوزويك».
ثانياً: بعد أن تخرج إيران من كبوتها الاقتصادية عقب حصار زاد عن 40 عاماً ستستطيع أن تمثل توازناً استراتيجياً للولايات المتحدة في المنطقة في مجال الطاقة، حيث تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم، ما معناه أنها ستؤمن بديلاً جاهزاً للطاقة، ما سيحد من قدرات الخليج وانفراده في المنطقة، التي ستصبح بزعامتين تمكنان الولايات المتحدة من اللعب على وتر العصا والجزرة مع كليهما.
ثالثاً: الولايات المتحدة باتت ترى الإسلام الوهابي الذي تقوده الرياض أخطر عليها مما تمثله إيران دينياً، وفق موقع «فايس» الأميركي.
ويعضد هذه الفرضية ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بأن الاتفاق النووي الإيراني تسبب فيما وصفته الصحيفة بالعراك وراء الكواليس بين الولايات المتحدة من جهة وإسرائيل والسعودية من جهة أخرى، حيث اعتبرت الصحيفة الأخيرتين هما البلدان الأكثر تضرراً من وراء ذلك الاتفاق بين الغرب وإيران. من ناحية ثانية، كشفت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية، أن الرياض بدأت عدة مفاوضات مع مؤسسات مالية دولية لغرض بيع سنداتها وذلك بعد مرور أقل من أسبوع على إصدار قانون «جاستا».
وما يثير الاهتمام هو تبادل الأدوار بين السياسيين والعسكريين الأميركيين فيما يتعلق بقانون «جاستا». فقد علق المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست على تصويت مجلس الشيوخ ضد فيتو أوباما بقوله إنه «الشيء الأكثر إحراجاً الذي فعله مجلس الشيوخ منذ عام 1983».
ورد مدير الـ«CIA»، جون برينان، على تجاوز الفيتو الرئاسي بالقول: «كل مسؤولي الأمن القومي في هذه الحكومة يقدرون مدى خطورة هذا التشريع على مصالح أمننا القومي ويعرفون كيف سيؤثر عليها سلبياً».
وبالمقابل، أكد رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان أن «هناك طريقة يمكننا بها إصلاح القانون حتى لا تواجه قواتنا مشكلات قانونية في الخارج ونحافظ في الوقت نفسه على حقوق ضحايا هجمات 11 سبتمبر».

روسيا اليوم

Exit mobile version