Site icon صحيفة الوطن

فوضى وصراعات تتفاقم في ليبيا وأنصار القذافي «يهللون فرحاً»

«أزلام القهرة» هي عبارة تستخدم في طرابلس على نحو ساخر للإشارة إلى أولئك الذين بدؤوا يتحسرون على عهد الزعيم السابق معمر القذافي بعد خمس سنوات على مقتله، في بلد بات مقسماً وتسوده الفوضى.
ومنذ سقوط القذافي بعد 42 عاماً في السلطة، يعاني الليبيون في حياتهم اليومية انعدام الأمن ونقص المواد الأساسية بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي والوقوف في طوابير أمام المصارف التي تفتقر إلى السيولة.
والبلاد ممزقة بسبب الصراعات على النفوذ بين مجموعات مسلحة كثيرة وسط إفلات تام من العقاب، وبين عشرات القبائل التي تشكل المكون الأساسي في المجتمع الليبي.
ومنذ ذلك الحين، أصبح البلد الغني بالنفط بحدوده التي يسهل اختراقها، منطلقاً لتهريب الأسلحة والمخدرات وخصوصاً التهريب المربح للمهاجرين من منطقة جنوب الصحراء الإفريقية، الذين يقومون برحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا.
وجعل الجهاديون وخصوصاً تنظيم «داعش»، من الميدان الليبي الشاسع إحدى قواعدهم، مستفيدين من الفوضى.
وعلى الصعيد السياسي، هناك تنافس على السلطة بين حكومتين، حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها والمنبثقة من اتفاق حظي بدعم المجتمع الدولي، وأخرى اتخذت من شرق البلاد مقراً لها وهي منطقة يخضع جزء كبير منها لقوات مسلحة يقودها الجنرال السابق المثير للجدل خليفة حفتر.
ووسعت قوات حفتر في أيلول نفوذها ليشمل الموانئ النفطية في شرق البلاد. وقد سمحت باستئناف تصدير النفط من خلال المؤسسة الوطنية للنفط التي تحاول قدر المستطاع الحفاظ على حيادها.
ويستمد حفتر الذي رقي مؤخراً إلى رتبة مشير، شرعيته من برلمان طبرق (شرق) المتمركز في الشرق والمعترف به دولياً مثل حكومة الوفاق الوطني. وهو يؤكد أنه المنقذ والوحيد القادر على إعادة النظام.
وقد تمكن من استعادة جزء كبير من مدينة بنغازي مهد «الثورة»، التي كانت تحت سيطرة جماعات جهادية، لكن معارضيه يتهمونه بأن لديه هدفاً واحداً فقط هو الاستيلاء على السلطة وإقامة حكم ديكتاتوري عسكري جديد.
وأوضح محمد الجرح الخبير الليبي في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط أن «الليبيين مجبرون على الاختيار بين أمرين يقعان على طرفي نقيض: الفوضى في ظل (حكم) الميليشيات والإسلاميين المتطرفين (…) أو نظام عسكري»، وأضاف: «ليست هناك بدائل مقنعة».
ولم يتمكن حفتر حتى الآن من التغلب على المجموعات الجهادية المسلحة القريبة من تنظيم القاعدة في بنغازي، على حين تكافح القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المنتشرة في مصراتة (غرب) من أجل السيطرة على آخر جيوب إرهابيي تنظيم «داعش» في معقلهم السابق في سرت. لكن عندما ينتهي المعسكران من المعارك مع الإرهابيين، ستسعى القوات الموالية لحفتر وتلك التابعة لحكومة الوفاق إلى توسيع رقعة نفوذ كل منهما ما يثير مخاوف من صراع مباشر بين الجانبين، كما يقول الخبراء.
وأكد ماتيا توالدو المتخصص بالشؤون الليبية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أنه «من الصعب تصور أن البلاد يمكن أن تستعيد استقرارها في وقت قريب بسبب الانقسامات ورغبة أطراف النزاع في السيطرة على المجتمعات التي تقاومها».
وأضاف: إن الليبيين الذين عاشوا في ظل «نظام مستبد قمعي ومركزي» في عهد القذافي، يميلون على ما يبدو إلى «شكل آخر من الحكم المستبد أكثر مركزية وفوضوية إما تحت الميليشيات وإما تحت سلطة حفتر».
ورغم أن كثيرين في ليبيا يتحسرون على عهد القذافي، فإن الأغلبية العظمى تعتقد على غرار عبد الرحمن عبد العال المهندس البالغ من العمر 32 عاماً، أن «الوضع الحالي هو نتيجة منطقية لـ42 عاماً من الدمار والتخريب المنهجي من جانب الدولة».
أما أنصار القذافي في المنفى فيعبرون من جهتهم عن ابتهاجهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. فهم يعتبرون أن الفوضى الحالية تظهر إلى أي مدى كان زعيمهم صاحب «رؤية» إذ كان حذر قبل مقتله من أن الدماء ستسيل في ليبيا من جراء الحرب.
أ ف ب

Exit mobile version