Site icon صحيفة الوطن

عباءة الوطن والإيمان به

| إسماعيل مروة 

آمن بالوطن أرضاً ورسالة
أعطى الوطن ذوب فكره وإيمانه
ذات ثلاثاء أعرب سماحته عن ضيق، وجلس للوطن، أفرغ همومه كلها دفعة واحدة، لم يتحرج من ذكر أمر، ولم يتردد في الإجابة عن أي استفسار، ووسط الدهشة أزاح عنه عباءته واستراح..!
هل كانت هذه النفثة تؤلمه؟
هل ذهب عنه الضيق بما قال؟
ويوم الجمعة من الأسبوع ذاته كان في حلب
حلب التي كانت درة… حلب التي ستعود
وراجع سماحته مع الوطن ما قاله كلمة كلمة، وهو أحد الذين يملكون بلاغة لا تجارى ولا تقلد، وحديثاً يعجز عنه البلغاء، وختم حديثه بالرضا التام عن النص، وعن عناوينه الصادمة حسب تعبيره.. ويوم الأحد نشر الجزء الأول من حديثه الذكرى.
والتقينا، وأعرب عن راحته، وكانت عيناه تبحثان في المكان عن شيء مفتقد.
وفي عصيرة ذلك اليوم أخبرني أحدهم أن ابن سماحته (سارية) قد استهدف
تحدثت مع سماحته، فقال: أنا في طريقي إلى حلب، هو في المشفى، أرجو أن تغلفني دعوات السوريين الذين أحبهم…
وفي المساء المتأخر تحدثت معه، وكان على باب غرفته في المشفى
جاءني صوته متقطعاً
هل كانت الإجابة عن الحوار بهذه السرعة؟
هل كان فعلهم رداً على الحديث النفثة؟!
وصرت أسأل: هل أحمل دم أخي سارية؟
هل أسهمت في استهدافه؟
وكان الرجل الذي أردف يومها:
ليس أغلى من كل السوريين الذين رحلوا، قد يكون أغلى على قلبي وقلب أمه، لكنه واحد من السوريين الذين نحرص على أرواحهم… وفي العزاء الحلبي كان الرجل الصابر
ودعه سماحته كما يليق به وبالشهيد
ودعه بألم بينما كان الجزء الثاني من الحديث بين أيدي الناس
فيه حديث عن القتل
فيه نبوءة الفجيعة
فيه قراءة لما جرى مع سارية
أنظر في وجه سماحته، وأقرأ ما قاله عن ضيق
فأرّخ الحديث، وعلاقته بالوطن مع الأحب إلى روحه الطيبة
لم أنسَ تداركه لما قال عن أن ما حدث كان رداً على حديثه
وفي عزائه الدمشقي أعطى مثالاً للأب والمفتي، والحريص على روح السوريين
وبقي سماحته يحمل كفناً على يديه ويتوجه إلى السوريين
يتوسل ويوجه بالعودة إلى حضن الوطن
لم يغادر قناعته
لم يغادر وطنه
لم يبتعد عن دم سارية الباقي
وإن كان يذكر سارية فلأنه يحفظ اسمه وشكله
فهو أمام السوريين أب..
وفي الذكرى العاشرة لـ«الوطن» كانت كلمته «الإيمان وطن»
فمن لا يؤمن بوطنه لا إيمان له
ومن لا يؤمن بشريكه ليس مؤمناً
الإيمان انتماء.. والانتماء لروح ووطن
وحين أطلت عمامته كسا الوطن بهاءً ونقاءً
قال لـ«الوطن» ما يراه
وجه بما يريدهُ من الكلمة
تحدث عما يمكن أن يكون
واضحاً في تحديد العلاقة مع الوطن
ولأنه أحب الوطن
احتفى معها بالذكرى العاشرة لانطلاقتها
وهي التي احتفت بكل توجهاته وكلماته، وحوت لحظات ذات ثلاثاء وذات أحد
احتفى بها، وعاد إلى سارية، وخاف على السوريين والوطن
خوفه جعله يظلل الوطن
فكانت الرمز الذي لا يعدله رمز
وضع على الوطن عباءته
وعلى كتفي السيد رئيس التحرير أرخى عباءة من حب
مع ما تحمل هذه العباءة من رمز
مع ما تحمل في طياتها من أمانة
إنها عباءة الفكر المتنور
عباءة قراءة الدين والانتماء للوطن
طابت رحلتكم بما حملت
عرفتم كيف هي العين على الوطن
حراسة له ولحدوده
ترقب للفساد ومكافحته
حرص على الوطن وثقافته وعقيدته
إنها عباءة الظل الممتد للزمن القادم
ليست عباءة شخص
إنها عباءة رمز
وعباءة وطن
آلى على نفسه أن يضمّد جراحه
وأن يسير إلى المجد بذاته
لباسه من روح الوطن
وناسه يدرجون على أرضه
لا يبغون منه بديلاً
ولا يرومون تحولاً
وصل الرمز من الرمز
وكانت عباءة حب وانتماء

Exit mobile version