Site icon صحيفة الوطن

قضية للنقاش … نحو اقتصاد أفضل .. أيها الاقتصاديون: هل طرح أوراق مالية حكومية ضرورة للاقتصاد الوطني هذه الفترة؟

سمح المرسوم التشريعي رقم 60 لعام 2007 بإصدار أوراق مالية حكومية (أذونات وسندات الخزينة)، وقام مصرف سورية المركزي بالإعلان عن مزادات لبيع الأوراق المالية الحكومية في العام 2010 (5 مزادات) التي غطت نحو 2.2% من عجز الموازنة العامة، وأعلن في العام 2011 عن 3 مزادات ألغي الأخير منها بتاريخ 14/03/2011، وشكلت مزادات الأوراق المالية الحكومية في هذين العامين نحو 2.4% من القيمة المستهدفة البالغة 300 مليار ل. س في الخطة الخمسية العاشرة.
ومع دخول الأزمة في سورية عام 2011 شهد عجز الموازنة العامة ارتفاعاً ملحوظاً على حين انخفضت الودائع المعدة للاستثمار في الأوراق المالية الحكومية ولاسيما في الأشهر الأولى من الأزمة نتيجةً لسحوبات بعض العملاء خوفاً من انخفاض قيمة الليرة السورية أو عدم قدرة المصارف على تلبية سحوباتهم، إلا أنه وبعد مرور سنتين على الأزمة وتحديداً في منتصف العام 2013 عاودت الودائع والمدخرات للارتفاع مجدداً بحسب إفصاحات المصارف لقوائمها المالية الربعية والسنوية، ومن ثم عادت الودائع المعدة للاستثمار في الأوراق المالية الحكومية للارتفاع مجدداً.
وبناءً عليه، فمن الضروري العمل على إعادة إصدار أوراق مالية حكومية وإعلان مزادات لبيعها مع الاستمرار في الإصدار التدريجي لها وتوجيهها للمصارف وللأفراد وشركات التأمين.. إلخ، بغية تغطية عجز الموازنة المتزايد مع سنوات الأزمة بشكل خاص، فالهدف في هذه الفترة إدارة الدين الحكومي وتقليص تكلفته إلى أدنى حد ممكن في الفترة المتوسطة وطويلة الأجل، وهذا الهدف يمكن تحقيقه من خلال إصدار وزارة المالية للأوراق المالية الحكومية، وعند ذلك سيتتحقق تأمين التمويل اللازم لعجز الموازنة العامة بشكل تدريجي لتسديد ديون مستحقة على الحكومة حيث سيتم استبدال الدين العام القائم بأوراق مالية حكومية قابلة للتداول، وكذلك توفير التمويل للمشروعات ذات الأولوية في الخطط العامة للدولة والتمويل اللازم لمرحلة إعادة الإعمار، إضافة إلى إدارة السيولة الحكومية قصيرة الأجل.
لذا سيكون مهماً أن تلجأ الحكومة في هذه الفترة لإصدار أذون وسندات خزينة بأقرب وقت ممكن، فالانتقال من الإصدار النقدي في تمويل العجز إلى طرح الأوراق المالية الحكومية كفيل بتغطية العجز بالطريقة التي لا تسبب التضخم كما يفعل الإصدار النقدي، بمعنى آخر، إن إصدار أوراق مالية حكومية يؤمن مصدراً رئيسياً للاحتياجات التمويلية على أسس حقيقية غير تضخمية بدلاً من تمويل عجز الموازنة عن طريق مصرف سورية المركزي من خلال التوسع في الإصدار النقدي بشكل قد لا يتناسب مع الناتج المحلي الإجمالي.
من ناحية أخرى، فإن طرح الأوراق المالية الحكومية تساهم بامتصاص فائض السيولة الذي يزيد وسائل الدفع فترتفع الأسعار ويسبب ضغوط تضخمية وحدوث تشوهات في بنية السوق والاقتصاد بشكل عام، كما أن منح فوائد مجزية على الاكتتاب بهذه الأوراق المالية الحكومية سيغني البعض ممن يقوم بالمضاربة على الليرة السورية بالدولار عن ذلك، ما سيساهم بشكل أو بآخر بخفض الطلب على القطع الأجنبي من هذه الشريحة مما ينعكس إيجاباً على سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.
كما أن المصرف المركزي يستطيع من خلال الأوراق المالية الحكومية التحكم بالكتلة النقدية لمعالجة الحالات الاقتصادية الراهنة أو التي قد تحدث مستقبلاً سواء تضخم أم كساد.

علي محمود محمد
باحث اقتصادي

Exit mobile version