Site icon صحيفة الوطن

«تراتيل روح» … «اعفي عنا يا سورية»… عاصمة الكون لا تقهر

| سارة سلامة

صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب مجموعة نثرية بعنوان «تراتيل روح»، للشاعرة رنا بدري سلوم، وتضمن الكتاب 50 مقطوعة نثرية صغيرة أشبه بفقرات، بلغة عاطفية وبحب طاغٍ خطت سطورها، ولم تخف حبها وعنفوانها تجاه بلدها فكانت البداية بالشام والخاتمة بسورية.
قالت بالشآم:
آهاتك.. تخرج من ثغر الموت.. بوحاً
يتعرى خلف الصمت
تعرج الطفولة…. في سفر الموت كالملائكة
على جنح الشهادة
شآم.. على عنق الزمان
قلادةٌ أنت.. كلما تلوّيت زاد الألق.
وفي مقطوعة «منعطفات»، تؤكد سلوم بأنه لا يوجد هناك من شيء اسمه توبة في الحب فعلى الرغم من اختلاف الشخصيات والصعوبات التي تواجه أي عاشقين ومزاجية العلاقات إلا أنها تفضل الحب وتقول:
من تاب… عن الحب
كمن لا قلب له
سباتي الشتوي يحميني من تهور عواصفك
ومزاجية أمطارك
أناي مفقودة ولا أزال أبحث عنك
طاقتك السّلبية… وجهة نظرٍ
نحو شيطان الأنا.
أما مقطوعة «غزلان شوك» التي أهدتها إلى أخيها باسم شاكيةً له مرارة الفراق وقساوة الاغتراب، وتناشده بذكرى أيام الطفولة أن يبقى دائماً على ذكراها، ورغم كل هذه المسافات إلا أنها محطة بأمل كبير يجمعهم مهما تفرقوا وهو حضن أم دافئٍ وعطف أبٍ حنون:
مادام باسم…. يسطر سفر غيابٍ
فليس للورد أن يذبل
«باسم»
كنا نركض.. كغزلان شوكٍ
تطيرها أمانينا
في مروج الصبا.. تمزق أشواقنا
رياح الغربة
أنتم أخوتي.. كالجهات أربعةُ
أمٌّنا تعرشنا.. كغرسة كرومٍ
يسقيها أبونا.. كإله مطرٍ
وهمست في «طفولتنا تتساءل »، عن شغفها وحبها للطفولة، وأنها لا تزال تدغدغ روحها وتحن إلى براءتها ونقائها كعصافير تلهو حرة ملائكة أنقياء، كما تعتبرها نعمة بحد ذاتها، وتنادي بصوت واثق والديها متسائلة ألست هدية!.. وأن الدنيا بلا أطفال لا معنى لها.
طفولتنا مرج أخضر.. حلاوة قلبنا سكر
دمعتنا ترنيم صلاة.. يحييها إله أكبر
كلماتنا كلها طهر وشدونا قافية العنبر
نرنو لآتينا المشرق.. بقلب يانع مزهر
ما أقواها بسمتنا.. تشق الصخر كي تعبر
نفوس… نسيت أننا ملائكة
بنقاءٍ حبها تكبر
أيا أبت ويا أمي.. ألست هدية كبرى
يقدسها من يذكر.. إننا مسيرة كون
بلا أطفال لا يعمر؟
وتوجه سلوم أصابع الاتهام إلى أبناء أمتها حيث تعتبر أنهم استسلموا للجاهلية والخرافات، وجلبوا الموت والظلام إليهم، اشتروا الدم، وسلموا أنفسهم لملك الموت، وتساءلت أين الرحمة ولماذا فقدت، وكيف أصبحنا نتبادل التهم ومن المجرم فينا، ونسينا عروبتنا ولغتنا فتقول:
ما بال أمتي.. تعيش
في الخرافة كالخرافة.. للخلاص
من وحش مجنون… بأنامل الطفل
نواجه الجاهلية.. يسود وطننا
ملك الموت.. صرنا الغرباء
وهو رب البيت
نسينا يا أمتي الرحمة.. تلعثمت لغة الكلام
مرَّ طعم قوافينا.. نواجه الطلقة بالطلقة
نتبادل قطع جثثنا… نشتهي الكفن
والالتحاف بالتراب.. كثرت أدوات الإشارة
وألسنة الاتهام.. أمسينا الضدَّ
وشلَّ لسان الضاد.. الذي كان يجمعنا.
وتستذكر سلوم في مقطوعة «أقطار تنزف الحرية» الوطن العربي وما حل به فكل بلد عربي اليوم هو جريح ويعاني فيجب الحذر والانتباه فالمستقبل ضائع ومجهول ووصفت الربيع العربي بالربيع الأخضر سريع الذوبان كالنعناع:
سورية تعرش.. على أسلاك شائكة
كزهرة ياسمين.. فيظهر الضد
فلسطين ثكلى.. وليس بجديد
أن تتكور على جسدها المذبوح
الأردن.. يشتم رائحة التخلق
ويغلق ذراعيه.
سعود منع حج توبتنا
واستباح نجاة مظلوم
اليمن بنفسج حزين.. ففي حق من العوسج
لبنان سلخ عن توءمه.. هو شاهد محلف
تونس خريف الوطن الأخضر
ليبيا تستل أنينها كسيف
العراق يهز جذع نخله.. فيسقط عليه بارود
لا تصدقي ربيعهم الأخضر.. فهو كنعناع سريع الذبول.
«اعف عنا سورية» في هذه المقطوعة النثرية تتوسل من بلدها أن تسامح كل من أساء لها وكل من ضربها بخنجر غادر، كما تثق سلوم بقدرة سورية الكبيرة على العفو فهي رغم كل الجراحات صابرة وتدعو لنا بالغفران:
عاصمة الكون.. لا تقهر
تنهض إكراماً للإنسان
تبزغ كفجر.. وتنزع من خاصرتها.. خنجر الغدر
تكسر أقفال الكلام.. وأغلالاً وضعناها
باسم السلام.. تبكينا وتنزف روحها
صابرة على ضر مسَّها
لا يداويها منه.. إلا يقيننا..
إن العفو يحب العفو
فمنك يا سورية العفو.

Exit mobile version