Site icon صحيفة الوطن

يوم وزارة الثقافة عيد لجميع السوريين … لوحة ثقافيّة سوريّة يتكرم فيها عدد من الأسماء اللامعة في حقول الفنّ والثقافة … خميس: تبقى الثقافة تتحدى الزمن والغزاة والمحتلين لينتعش فينا الموروث

| عامر فؤاد عامر – تصوير: طارق السعدوني 

بقيت سورية على إنتاجها وعطائها في الجوانب الثقافيّة خلال سنوات الحرب عليها، فكانت الإنتاجات الثقافيّة ما بين عروض مسرحيّة وأفلام سينمائية ومعارض تشكيلية وطباعة كتب متجددة وحفلات موسيقية وندوات ومحاضرات ثقافية وإنتاجاتٍ درامية، بالإضافة للمحاولة المستمرة في نشر الوعي الثقافي بين أبناء الوطن الواحد، والتذكير بأن الحرب على سورية هي حرب لمحو الهويّة ولتشتت الصف، ولا بدّ للثقافة أن تقاوم وتبني من خلال أفعال مناسبة متناغمة مع المشهد الإنساني بالمجمل، وفي ذكرى تأسيس وزارة الثقافة السورية في يوم 23 تشرين الثاني من العام 1960 أقامت الوزارة يومها الاحتفالي بهذه المناسبة كعهد متجدد للمقاومة والبناء الصريح مع الكلمة والموقف وإنعاش الصورة الثقافية في سورية ومنها إلى العالم أجمع.

الافتتاح
حضر الافتتاح الذي أقيم في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق كلّ من رئيس مجلس الوزراء المهندس «عماد خميس» راعي الحفل، وأعضاء القيادة القطريّة لحزب البعث العربي الاشتراكي، والدكتورة «بثينة شعبان»، والدكتور «فيصل المقداد»، وعدد من الوزراء والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي، وعدد كبير من المثقفين والإعلاميين والمهتمين. قدّمت الحفل الإعلاميّة «أنسام السيّد» بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهدائنا الأبرار والنشيد العربي السوري، ليلقي وزير الثقافة «محمد الأحمد» كلمته في هذا الافتتاح ومنه اقتطفنا: «.. سنشاهد في هذه الاحتفاليّة لوحات وأفلاماً وصوراً ومسرحيات ونسمع الموسيقا ونقرأ كتباً ونؤكد للعالم أن الشعب السوري رغم ما يمر به من محنة وألم مصرٌ على مشاركة بقية شعوب الأرض الحلم الكبير الذي يوحدنا، كوكب يتسع للجميع ويخدم كل البشر من دون حروب ونزاعات وسفك دماء وعالم نظيف من كل ما يلوث سماءنا وهواءنا وضمائرنا..».

البقاء للثقافة
رئيس مجلس الوزراء المهندس «عماد خميس» قال: «… لم يكن يدري عالم الآثار الإيطالي باولو مالييه خلال منتصف سبعينات القرن الماضي، عندما كشف عدّة ألواح ملونة ومرقمة تحمل كتابات في الخط المسماري، أنه وقع على كنز حضاري وثقافي غير مسبوق، إذ تبيّن أن هذه المكتشفة تعود إلى حقبة مزدهرة من تاريخ سورية العظيم، تمتد من منتصف الألفية السادسة إلى منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد، وتشكل ما يمكن تسميته مكتبة إيبلا، وكما تعلمون هي أقدم مكتبة معروفة في تاريخ البشرية، وتضم مواضيع أدبية وقوائم معجمية. هكذا تبقى الثقافة تتحدى الزمن والغزاة والمحتلين، وهكذا ينتعش فينا الموروث الثقافي، ويختلط ويتفاعل ويدخل إلى شغاف الروح، فكم مرّ على هذه البلاد منذ 7 آلاف عام وماذا بقي؟ هل نتذكر الغزاة والمحتلين أم نتذكر المطربين والمثقفين؟! من يكتب أثراً للزمان نذكره، أيتها السيدات أيّها السادة، هو من يكتب قصيدة وجدانية ومن يكتب لحناً رقيقاً ومن يترك لوحة جميلة ومن يترك منحونة إبداعية ويبقى الأثر عبر الزمن..».

في التكريم
كرمت الوزارة مجموعة من الأسماء التي قدّمت وأعطت وأغنت المشهد الثقافي السوري والعربي تعزيزاً لدورهم وتكريساً للغة المحبة ولغة الثبات والمكرمون هم: الفنان «أسعد فضة»، والأديب الدكتور «إسماعيل مروة»، والأديبة «أنيسة عبود»، والفنان «أيمن زيدان»، والباحث «بشير زهدي»، والفنان «سهيل عرفة»، والفنانة «ميادة بسيليس»، والمخرج «نجدة إسماعيل أنزور»، والفنانة «نادين خوري»، والفنان التشكيلي «نذير نصر الله»، والأديب د. «نزار بريك هنيدي».
كان لـ«الوطن» وقفتها مع عدد من المكرمين، فالمخرج «نجدة إسماعيل أنزور» عبر عن هذه الاحتفالية بقوله: «بات من المعروف والواضح اليوم أن الحرب المُشنة علينا هي حرب إعلامية وثقافية، وقلنا ونقول: إن هذا الفكر الوهابي والتكفيري يحتاج إلى فكر مضاد مبني على أساسياته الوطنية والانتماء والمحافظة على الثوابت، والفكر المتحرر العلماني الذي يحافظ على القيم الإنسانية».
تقول الفنانة «نادين خوري» عن تكريمها: «أشكر وزارة الثقافة والسيد «محمد الأحمد على هذا التكريم» وأنا واحدة اليوم من الآلاف الذين يشاركون في المشهد الدرامي إن كان تلفزيونيّاً أو سينمائيّاً أو مسرحيّاً، ودائماً التكريم عندما يأتي من جهة رسميّة فهذا يعني أن له وقعاً خاصاً ويكون له فخر أكبر، لأن الجهات الخاصة لا حصر لها في المجال التكريم، ولكن الجهة العامة هي من نوليها الثقة والمكانة في قلوبنا عندما تختارنا لأن نكون مكرمين لديها وخاصة عندما يكون التكريم مع أساتذة كبار من مختلف المجالات والاختصاصات فالشكر الكبير لهم جميعاً، وهذا يعني أن بلدنا ما زال بخير وما زال ثابتاً على الرغم من الأزمة الكبيرة، والوزارة بهذا الفعل تعني أن ما تقوم به هو شكل من أشكال الصمود، فالثقافة تستطيع استخدام الكلمة كسلاح وهذا ما نفخر ونعتز به».
يضيف الفنان «أيمن زيدان» عن يوم الثقافة ومعنى التكريم: «يسعدني هذا التكريم كثيراً وما أسعدني أكثر هو هذا التوقيت المختار للتكريم فهذا يدل على ثقافة الحياة وعلى مواجهتنا لثقافة الموت التي يحاول خصوم وأعداء الوطن أن يقوموا بها وأنا سعيد جداً بهذا التكريم فهو إيمان حقيقي بدور الثقافة في المعركة المصيرية لانتصار الوطن وكل أملي أن أرقى إلى مستوى هذا التكريم وأن أتابع المشوار وأن أكون طرفاً حقيقيّاً في صياغة مستقبل أفضل لحياتنا».
تعبر الأديبة والكاتبة «أنيسة عبود» عن هذه المناسبة بقولها: «هو يوم مهم بالنسبة لي فمن الجميل أن يكون للثقافة عيدها كما عيد الأم فالثقافة أيضاً تربي وتنشئ جيلها، ونحن في سورية بحاجة لهذه الثقافة ولاسيما أننا نمر في هذه الحرب الضروس، والتكريم هنا يعني لي كثيراً فقد تكرمت في مدن وعواصم كثيرة، ولكن أن تكرمني دمشق بلدي فأشعر أن العالم كله يكرمني وهذه التفاتة جميلة، وأشكر وزارة الثقافة وكل القائمين على هذه الاحتفالية وأتمنى من وزارة الثقافة أن يكون دورها فعالاً في حياتنا لاسيما الشباب، لأنه هو من سييني المستقبل».
شارك في فعاليات عيد وزارة الثقافة من مؤسسات الدولة الهيئة العامة للكتاب وقد التقينا مديرها د. «ثائر زين الدين» ليقول لنا: «هذا يوم مهم جداً في الحياة الثقافية السورية والعربية أيضاً لأنه يوم إعلان تأسيس وزارة الثقافة وقد ساهمنا كهيئة عامة للكتاب جاءت من خلال معرضين للكتاب، واحد نفتتحه برعاية السيد رئيس مجلس الوزراء في دار الأسد للثقافة والفنون، والآخر في مكتبة الأسد الوطنية، وسنعرض كلّ مطبوعات وزارة الثقافة فيها ومنها ما هو للبيع ومنها ما هو للعرض فقط لاسيما الكتب القديمة التي لم تعد موجودة».
نقيب الفنانين السوريين «زهير رمضان»: «بادرت نقابة الفنانين في سورية بمناسبة يوم الثقافة في سورية إلى إحياء 3 مهرجانات ميتة منذ 8 سنوات وهي مهرجان اللاذقية المسرحي الذي أنهى فعالياته منذ يومين، ومهرجان حمص المسرحي الذي ستقام فعالياته في 27 الشهر الجاري، وأيضاً مهرجان حماة المسرحي بعده، وكل ذلك برعاية ودعم مباشر من وزير الثقافة «محمد الأحمد» لنقابة الفنانين، فالفن والثقافة خطان لا ينفصلان عن بعضهما، وفي هذا اليوم أقول شكراً للسيد وزير الثقافة الذي أعاد دور الوزارة الحقيقي وشكراً للعاملين فيها، ونتمنى أن تستمر هذه الفعاليات، أن تستمر على مدى عام، لأن سورية بلد الثقافة والفكر».
رئيس اتحاد الكتاب العرب د. «نضال الصالح»: «أودّ أن أهنئ وزارة الثقافة بيوم احتفالها السنوي الذي يبدو أنه أصبح تقليداً حقيقياً، وجديراً بالاهتمام على غير مستوى، وذلك بوصف الثقافة فعلاً وطنياً كما هي فعل إنساني لاسيما في هذه الظروف التي تعصف بسورية منذ ما يزيد على خمس سنوات وهذه الاحتفالية اليوم تأتي تتويجاً حقيقياً لأيام ثقافية باذخة منها معرض مكتبة الأسد الوطنية الذي كان لاتحاد الكتاب العرب دور مهم وكبير فيه، لذلك أستطيع القول: إن العلاقات التي قامت بين اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة كانت مثالاً جديراً بالاحتذاء بعد انقطاع استمر لعقود طويلة، وهذا مؤشر إيجابي للعلاقة بين الوزارة والاتحاد، واليوم يتمّ التأكيد على ذلك من خلال تكريم عدد من أعضاء اتحاد الكتاب العرب بوصفهم قوة ثقافية فاعلة في الشهد الثقافي السوري».
التقينا كذلك مدير المؤسسة العامة للسينما «مراد شاهين» الذي أكد أن المؤسسة جهة ثقافية فاعلة في هذا اليوم: «من الجميل أن يكون لوزارة الثقافة يومها الاحتفالي وبرأيي أنه يتوجب علينا أن يكون كل يوم من أيامنا يوماً احتفالياً بثقافتنا، وقد شاركنا كمؤسسة عامة للسينما في هذه الفعالية من خلال تخصيص ظاهرة الأفلام السينمائية العالمية في جزئها الثالث، وعملنا مهرجاناً للفيلم السوري ونعمل على أرض الأفلام في كل المحافظات ولدينا أيضاً معرض للأدوات السينمائية القديمة والبوسترات الخاصة بالمؤسسة، فالمؤسسة هي جزء من المشهد الثقافي في سورية والسينما هي ما تعكس الوجه الحضاري للبلد، وهذا اليوم دافع لنا للعمل أكثر وكلّ شخص عليه أن يبذل جهده من موقعه».
كان لنا أيضاً وقفة مع مخرج العرض «مأمون الخطيب» الذي منحنا صورة ومشهداً متكاملاً عن فعاليات الاحتفال بيوم وزارة الثقافة: «هذا اليوم هو يوم وزارة الثقافة بمناسبة تأسيسها، وقد كُلفت في العمل على العرض بالمجمل، ليكون تحية للمثقفين وجميع السوريين في كافة الجوانب الثقافية من شعر وأدب وتمثيل ولوحة وموسيقا ونحت وغيرها، ولذلك اعتمدنا أن يكون العمل مع فرقة موسيقية محترفة بقيادة المايسترو عاصم مكارم ومع فرقة راقصة محترفة، بالاشتراك أيضاً مع ممثلين تخرجوا في المعهد العالي للفنون المسرحية، ومطربين تخرجوا في المعهد العالي للموسيقا بأصواتهم المميزة، وكذلك لمن يمتلك الموهبة والحضور الجميل، فحاولت الجمع بين مجموعة من العناصر لنوجه من خلالها رسائل حقيقية عن المعنى الثقافي والقائمين عليه من أجل تكريس العلم والاختصاص والموهبة. وفي يوم واحد لا يمكن أن نجمع كل مبدعينا السوريين، ولكن حاولنا أن يكون هناك تحية للسينما كثقافة في بلدنا وتحية للمسرح كذلك وللأدباء والفنانين والتشكيليين».

Exit mobile version