Site icon صحيفة الوطن

في الذكرى الثانية لرحيلها «الوطن» تزور متحف الشحرورة الثمين … الشحرورة صباح غنت أكثر من مئة مرة في دمشق لأنها كانت تحبها ومتعلقة بها

| عامر فؤاد عامر

مرت الذكرى الثانية لرحيل المطربة الأسطورة صباح، هذه المطربة التي بقيت حتى أيامها الأخيرة محبة للحياة وعاشقة للناس، لم تغير من طبيعتها أشكال الغدر التي تعرضت لها في حياتها، ولم تغير من أناقتها سنوات عمرها الممتدة, فبقيت تعتني بأناقتها وإطلالتها وتنزل عند إلحاح محبيها فتغني على الرغم من أن صوتها لم يعد يسعفها.
لم تترك صباح بلداً عربياً لم تقدم له أغنية أو لحناً، ولكن لسورية مكانةً خاصةً عند الشحرورة، غنت لها، تغنت بمجدها، صعدت مسرحها، قدمت مسرحيات لسورية ومواقفها، وسورية كانت وفية لها حتى أيامها الأخيرة، والصبوحة غادرت الدنيا وهي تلهج باسم الشام وسورية، معترفة بفضل هذا البلد وبما قدمه لها.
«الوطن» في ذكراها الثانية تزور متحفاً يحمل اسمها صنعه أحد عشاقها.
قد تحمل زيارة بيوت الشام القديمة حالة من السحر والجماليّة المتجددة في كلّ مرّة يدخل إليها زائرها، لكن في زيارتنا هذه المرّة مفاجأة مكثّفة، فقد احتضن البيت الدمشقي العريق الذي زرته في منطقة باب شرقي متحفاً فريداً من الذكريات والمقتنيات. وهذا البيت العريق يحمل من العمر 350 عاماً في 34 غرفة شاميّة بين صغيرة وكبيرة ومتوسطة، موزعة في طابقين مع ثلاثة أبواب رئيسة، والمتحف هو: «بيت الفن- متحف الأسطورة «صباح»- قاعة الشحرورة- عفيف فرحة»، وكانت هذه هي العناوين والكلمات التي ازدان بها المكان، فاحتضنها البيت العريق بكلّ محبّة ووفاء لتبدأ جولتنا فيه.

حارس الكنوز الأمين
كما احتضان الصدفة لكنوزها الغالية، كانت القاعة الشاميّة التي دخلتها تضجّ بالمقتنيات التي لامست الشحرورة وعاشرت سنوات عمرها في كلّ لحظات العمل والغناء والفرح والعطاء، وقد استقبلني حارس الكنوز تلك بكلّ مودة ومحبة الفنان الدمشقي: «عفيف فرحة» ليحدّثني عن تفاصيل وتفاصيل لا يعلمها إلا هو ولا يجمعها إلا من قدّر أهميتها وخصوصيّتها، وقد جمع هذا الأرشيف منذ أكثر من 48 سنة.

ذكريات لا تنسى
بقي هذا الفنان مرافقاً وصديقاً للشحرورة عبر 48 سنة، فكان ظلها ورفيق دربها وهو من بقي الحارس الأمين على راحتها وكان بعيداً جداً عن الأضواء والشهرة، فكانت تشبه الشمس في إطلالاتها الجميلة. الشحرورة صباح والفنان عفيف فرحة، هما محور هذه الرحلة التي سنعود فيها إلى لحظات ثمينة وغالية يحدثنا عنها متحف «الصبوحة» بصوت «عفيف» منذ لقائه الأول بها في دمشق وإلى يوم الوداع ورحلتها باتجاه السماء مودعة محبيها بوصيتها التي قالت فيها: «لا تبكوا يوم وفاتي، بل غنوا وارقصوا وابتهجوا، فما عرفت الحزن يوماً في حياتي».

كانت أيام
طاف بي هذا الفنان الدمشقي في رحلة الذكريات تلك، ففي لوحة مبدئية حملت عنوان إحدى المجلات كتب عليها: «عفيف فرحة سفير الشحرورة صباح في بلاد الشام»، ومفتاح بيتها في وادي شحرور، وقفل البيت والحصيرة التي كانت تمدّها في مدخل ذلك البيت، وصناديق احتوت أسراراً كثيرة. في الواجهة لوحات جمعت أغلفة المجلات والصحف العربيّة التي تصدرتها صورة المرحومة «صباح»، وعدّة أغلفة مع حبيب العمر «رشدي أباظة» على مدى 70 عاماً.

معجونان بحبّ الفنّ
تصدرت صورتها المجلات العربية بعناوين لافتة على مدى أكثر من 70 عاماً. يجمعها «عفيف» في لوحات كبيرة معروضة في متحفها. مواضيعها وحضورها كانت محببة للقارئ العربي ولم ينافسها أحد في خصوصيّتها.

عفيف من يخلّد صباح
ينطلق صديق عمرها للحديث في مقتطفاتٍ موزعة: فهذه هي جدائل الشعر التي حطّت على رأسها وتدلت على كتفيها عندما غنت: «يا أمي دولبني الهوا»، وهناك كلّ المكياج الذي حطّ على مسام وجهها، وتعددت الصور بتعدد المناسبات التي عاشتها الصبوحة، فجمع عفيف هذه الصور والتقطها ومنها ما كان في مهرجانات كما في صورة لبوستر في مهرجان المحبة والسلام في اللاذقية وفيه غنت أغنيتها لسورية «شعلة حرية اسمها سورية»، وأغنية «وينك وينك اشتقنالك»، وصور أخرى كثيرة منتشرة على الطاولات والجدران وبين دفات الكتب تروي معاصرتها لأجيالٍ كثيرة ولشخصياتٍ تنوعت أعمالها بين الفنّ كأم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم وغيرهم وأرباب السياسة كجمال عبد الناصر والملك «فاروق»، وشخصيات اجتماعيّة واعتباريّة كثيرة، وشخصيات من سورية مثل «سهيل عرفة» و«ميادة الحناوي»، و«نزار قباني» وغيرهم.

تذكرات
صور كثيرة جمعت صباح وعفيف في مودة ومحبّة، وصور أخرى بإطارات من أنواع الخشب ومن الصدف والمعادن اختارها بعناية وفي كلّ صورة مجموعة من الحكايات ومنها في باريس أو بعلبك أو سورية وأماكن أخرى كثيرة تضجّ بها تلك الإطارات، ويشير هذا الفنان الدمشقي بأنه يمتلك المزيد من هذه الصور والذكريات التي تمتد بطول سور الصين حسب قوله، فالمتحف يعج بها ومنها ما هو مخزن وموضوع في أماكن أخرى ولم يتمكن من عرضها كلّها في هذا المتحف. لكن ما يلفت الانتباه بين الصور هو اجتماع عفيف وصباح معاً بكلّ مودة ومحبة ليمثلا مشهداً متآلفاً من الحبّ بين بلدين متجاورين فيهما تاريخ لا يمكن فصله مهما كانت العوامل الزمنية والسياسيّة حاضرة برغباتٍ مشتتة.

محطات
يعرض المتحف أيضاً أرشيفاً كبيراً من الصور للصحافة اللبنانيّة والعربيّة ومنها عن البدايات فمثلاً: توضح بعض الصور الزيارة الأولى «لصباح» في مصر عندما كانت في استقبالها المنتجة «آسية داغر» وابنتها «منى» والفنان المخرج «هنري بركات»، الذي أخرج أول فيلمٍ لها «القلب له واحد» وذلك في العام 1944. وصورة أخرى مع ابنتها «هويدا» في العام 1957. وتوثيق آخر عندما غنت على مسرح الأولمبيا في باريس وهي أول من غنى من العرب على ذلك المسرح الفرنسي العريق، ولها صورة كبيرة على الألومبيا وهي ترفع يديها بكلّ ألق وجمال، وأيضاً صورة ملتقطة لها في باريس عندما غنت «عالندى»، وأخرى وهي ترتدي اللباس الفلكلوري اللبناني الأصيل، وصورة أخرى وهي تغني في مهرجانات بعلبك، وغيرها الكثير من الصور والأخبار التي رافقت خطوات نجاحها.

وأيضاً المزيد
اجتمعت كاسيتات الغناء في ركن من القاعة الشاميّة فوق بعضها البعض، حاملة أسماء الأغنيات وألحاناً كثيرة لا حصر لتعدادها، لكن ما لفتني أيضاً المانشيتات العريضة التي تمّ قصّها وتعليقها على لوحات كثيرة جمعها «عفيف» مع صور خاصّة بالصبوحة ومن هذه العناوين أذكر «أنا زعيمة في فني» و«آخر أساطير الفنّ الجميل»، وغيرها. مفاجأة جديدة من هذه الكنوز فهنا أيضاً «شنطة» السفر التي رافقتها في زيارتها الأولى إلى مصر، وصندوق آخر يحتوي على تفاصيل من ذكرياتها فقد ضمّ الخفّ الذي لبسته في الفترة الأخيرة قبل رحيلها إلى الأبدية، أيضاً الجزدان الذي حملته في فيلم «ليلة بكى فيها القمر»، وأساور لبستها في فيلم «عقد اللولو»، وأيضاً شوكة الطعام التي كانت تأكل بها، والأكف الحريريّة التي ارتدتها في فيلم «شارع الحبّ» مع الراحل «عبد الحليم حافظ»، وجزدان تمّ إهداؤه لها في المغرب، والدف الذي حملته على مسرح الأولومبيا في باريس، وعلبة العطر الأخيرة التي استخدمتها، وإكسسوارات كثيرة رافقتها في تصوير أفلامها المتعددة، كما تحتوي الغرفة على آخر فستانٍ ارتدته، وآخر خاتم. وفي واحدة من الزوايا صورة نادرة لها في رحلة صيد وهي تحمل بندقية الصيد ولباس السفاري ومجموعة من الطيور التي اصطادتها معلقة على خصرها.

استفسار
سألت الفنان «عفيف فرحة» لماذا تمّ اختيار هذه القاعة الشامية لتكون لكلّ هذه الأسرار في متحف يعجّ بالذكريات من كلّ أنحاء العالم؟ فكانت الإجابة: «إن هذا المكان كان مكتبي في دمشق، وكنت أجلس مع الراحلة «صباح» فيه لقراءة المجلات والجرائد، وهي من طلب أن تكون هذه القاعة مكاناً لكلّ أشيائها، فهي تحبّها كثيراً، كما كانت تحبّ البيت بكلّ تفاصيله».

علاقة الودّ
جاءت «الشحرورة» إلى دمشق وعاشت مرحلة من حياتها وإن كانت أياماً قليلة لكن هذه الأيام كانت بين أحضان هذا البيت الشامي العريق، وفي لحظاتها القاسية كانت تأتي لهذا البيت لترتاح وترمي همومها بين زواياه، وعندما انتقلنا إلى غرفة أخرى من البيت نفسه كان هناك حكايات جديدة وأغراض جديدة وتفاصيل مثيرة للدهشة ففيه السرير الملكي الذي كانت تنام عليه محتفظاً بالشراشف الذهبية اللون والمخدات التي أرخت الصبوحة تعبها عليها، وإلى جانبه الكرسي الذي كان تجلس عليه والطاولة والملابس والأحذية والفازات والتحف واللوحات وغيرها الكثير من التفاصيل الأخرى، ولتزداد مفاجأتي أكثر من رؤية كلّ تلك الأشياء المحفوفة بالعلاقة المباشرة مع الصبوحة وجدت حارس الكنوز «عفيف» يكبس زر مسجلة لينطلق صوتها مغرداً بأغنية: «مرحبا يا حبايب»، ويقصد بأن لصباح طريقتها في الترحيب بضيوفها دوماً.

ذكريات ملوّنة بأجمل لحظات العمر
فساتين ملونة بأزهى الألوان وأجملها علقت في هذه الغرفة ولكلّ فستان حكاية، وشبك من الكريستال الملوّن ارتدته في مسرحيّة «مين جوز مين»، وهدية من الفنان «رشدي أباظة» وهو تمثال يجسد نمراً صغيراً جلبه من لندن، وفي هذه الأثناء ومن هذه الغرفة كانت بعض الأسئلة التي طرحتها حول الذكرى السنوية الثانية على وفاة السيدة «صباح»، والاستعداد لها، وعن ذكريات ومواضيع تخصّها وعن تفاصيل كان الفنان الدمشقي «عفيف فرحة» شاهداً عليها:

ما أجمل هدية قدمتها لك الصبوحة؟
مرآة كبيرة إطارها خشبي على شكل شعاع الشمس وفي وسطها رسم جمعني أنا وصباح معاً وبالحبر التركوازي.

من أهم أصدقاء الراحلة صباح؟
كان الأهمّ بالنسبة إليها: «سعيد فريحة»، و«جورج إبراهيم الخوري»، وسيدة دمشقية «من آل العشي»، و«محمد بديع سرابيه».

ما الأماكن التي كانت تفضل زياراتها في سورية؟
أحبّت بلودان كثيراً وكانت تصطاف فيها ولاسيما لدى زيارة الموسيقار «محمد عبد الوهاب» إليها، وهي من عرّفه بالأستاذ «ملحم بركات» عندما لحن لها أغنية «كحيل العين». صباح نجمة عربية باهرة وعالميّة في فنها. وقد كانت «صباح» تردد على مسامعي دائماً: «أعشق سورية وأحبّ الشعب السوري جداً».

ما أهمية أن تكون كلّ هذه المقتنيات متحفاً يزوره الناس؟
هذا الأرشيف أصبح مرجعاً لحياة الأسطورة «صباح» وعمره 75 عاماً من حياتها ومنه ما يحمل صورها ومنه ما يحمل صوتها، وقد أصبح منذ هذه اللحظة ملكاً لصحيفة «الوطن» وهو تقدمة مني لها.

الإنسان الذي يدعى «عفيف» ما زال يعيش مع الأسطورة دقيقة بدقيقة ولحظة بلحظة ويتحدى معها الزمن، وهذا ما لاحظناه في كل تفاصيل المتحف الخاصّ بصباح، ماذا تريد أن تقول أيضاً لنا؟
هي نجمة عربية وليست محصورة بموطنها، وقد ذكرت إحدى الصحف سابقاً عنواناً عريضاً عن ذلك وقالت: «سورية من صنع صباح». وكثير من النسخ الورقية المرتبطة بصباح أحتفظ بها في أدراج من الخشب. الأرشيف الموجود عندي ثروة لا تقدر بثمن وأملك من الصور والتسجيلات ما يعادل سور الصين بالطول والعرض وكل هذا أصبح في متناول صحيفة «الوطن».

ذكرت إحدى المجلات هذا العنوان «سرقوا صباح وتركوها على الحديدة» ماذا حدث في تلك الفترة؟
صباح أيقونة الفرح والغناء والزمن إنها أسطورة حقيقية من أساطير الزمن الذي غاب عنه الفرح والإنجازات الكبيرة، ويكاد العمالقة في كل المجالات أن يغيبوا، صباح أكبر من العناوين والتسميات ضاقت بها الألقاب كما الأماكن والأزمنة. هي جوهرة رفضت النسيان والأدراج والتعريف والقوقعة.

هل هناك أغنيات غير معروفة ولم تنشر إلى اليوم؟
هناك الكثير، وسأذكرها في الوقت المناسب.

من الملحن الأكثر تفهماً لها والتي أحبت التعامل معه؟
أحبت الجميع وشجعت الجدد منهم وقد شهروا من خلال صوتها، وكانت تحبّ الرحابنة كثيراً.

ماذا تعني سورية بالنسبة لها؟
لقد كانت كثيراً تردد على مسامعي: «أنت الوحيد الذي أحبني من دون غاية». أمّا نشاطها فقد كان دائماً وعلى مدى أكثر من 40 سنة بقيت سورية حاضرة في نشاطها الفنّي والحياتي عموماً، فشاركت في مهرجانات معرض دمشق الدولي أكثر من 12 مرّة، وشاركت في مهرجانات في قلعة حلب وفي حمص وفي مهرجان المحبة والسلام في اللاذقية وأكثر من 90 حفلة في نادي الشرق، ونشاطها دائم في سورية، فهي تعشق الشعب السوري ورائحة الشام.

صورة وخبر
صباح الحدث والنجوميّة والحكايات التي كانت تصنعها فتيات العشرين وهي الشغف والجرأة واقتحام الممنوعات وهي التي هزمت العمر وابتكرت بقلبها قبل جسدها شباباً دائماً.
صباح جعلت صوتها جواز سفر إلى انتصار على الذات ولحرية أشمل على تحولات الموضة باتجاه نجومية ملونة.
صباح دائماً وأبداً في صدارة الأيام، وحتى بعد رحيلها سيد الوفاء يقدر هذه الأيقونة.
ماتت الشحرورة عاشت الأسطورة من أرشيف سفير الشحرورة.
كثير من الصور تجمعها ففي كل مناسبة وكل حفلة هناك صور تتحدث عن مدى العلاقة بينهما.

أغنية «إضحك يا قمر» هي هديّة من الشحرورة إلى «عفيف»، حدثنا عن ذلك؟
لقد غنّت هذه الأغنية في مسرحيّة «الجنون فنون»، ولهذه الأغنية قصتها، فقد كنت وصباح في إحدى الدول العربيّة، وتعرضنا في المطار للسرقة، وفقدت حقيبة الصور وأشياء خاصّة جداً تخصّني وتخصّ الصبوحة، وهذا أتعبني كثيراً، فهناك إكسسوار خاصّ بالحفلة من تصميمي، وبقيت 10 أيام وأنا منزعج وكنت كلما ألتقي «صباح» تقول لي: «إضحك يا قمر»، وفي اليوم العاشر جاءت مع أختها «سعاد»، إلى غرفتي لتخبرني بأن حقيبة الإكسسوارات والصور قد عادت من جديد، وعن هذه القصة جاءت الأغنية التي كتبها أحد شعراء الأغنية اللبنانية، بعد أن روت له الصبوحة تفاصيلها، فكتب «إضحك يا قمر وضوي عالبشر».

ماذا تقول عن «صباح»؟
شهرتها تجاوزت حدود بلاد الشام والوطن العربي، غزت الدول جميعها، ولاسيما مصر وكان لها دور كبير في نهضة الفلكلور اللبناني، وكانت رمزاً لوطنها ومنارة للحياة والفرح والعطاء. ستبقى صباح بيننا تغني للوطن العربي «وطني الأكبر» ستغني للجمال والحرية، فقد تركت أثراً لا يمحى.

ماذا قدّمت لك صباح؟
كانت تردد على مسامعي دائماً أنت سيد الوفاء والإخلاص وبعيد عن الطمع، وصباح أحبتني أكثر مما أحببتها، وفتحت أبواباً كثيرة في حياتي، ومازالت وأنا لا أتغير مع تغير الفصول والأحداث والأيام، وأذكر وقت قاطعها العرب وقالوا عنها المباح وغير المباح ولصقوا بها هذا الفعل وذاك، وأذكر إلى اليوم كيف كانت تأتي بضحكتها المعهودة والمجلجلة لتقول لي: «الله يسامحهم يا عفيف».

من أطلق عليها لقب الشحرورة؟
عمها الشاعر شحرور الوادي.

وشمس الشموس؟
عبد السلام النابلسي.

والصبوحة؟
هو اسم دلعها في البيت، وكنا نطلق عليها اسم دلعٍ آخر لن أبوح به اليوم، وصديقها المقرب «جورج إبراهيم الخوري» أطلق عليها «ريسة الفنّ»، وفيما بعد رافقها لقب الأسطورة فهي ملكة الموال والأوف وقدمته بقوة بعيداً عن الرقة وصوتها يضج به المسرح أينما كان وأذكر أن الجمهور في بعلبك بقي يصفق لها 12 دقيقة عندما غنت الأوف وهذا الأمر تكرر في كل حفلة ولاسيما في المغرب.

بصفتك صديقاً مقرباً من «صباح» وتعرف الكثير من الخفايا، فمن أحبت صباح ؟
هذه السيدة العظيمة كانت تحبّ فنّها وصوتها، كنزها الثمين، الذي نذرت حياتها من أجله ومن أجل جمهورها الكبير، وكانت صباح تحب صباح جداً، لأنها كافحت وصبرت، ووحدها لم يكن لديها مدير أعمال فمشورتها من رأسها.

الأرشيف الثروة والكنز الذي تملكه، ماذا يقدّم لك؟
لا يقدم لي شيئاً سوى راحة الضمير تجاه «صباح» وهذا الأرشيف عمره أكثر من 50 عاماً، وسيقدم لعمل وطني وإنساني، وأنا أعيش متعة العطاء فقد أمدّني الرب بالكثير.

عفيف على أي جيل محسوب فقد عاشرت صباح ولك خبرتك في عرض الأزياء والمكياج والتجميل؟
بالإمكان اعتباري ممتداً منذ جيل الشحرورة، إلى هذا اليوم، فقد عشت أكثر من 3 أجيال، ولا أضع نفسي تحت لسان الناس مقابل المال، فهو وسخ الدنيا. وقد ناضلت كثيراً وتفوقت في كل أعمالي على الرغم من الحساسيّة التي أملكها، وأحمد الرب على ما أعطاني إياه، ومن يرد أن يلفت الأنظار إليه فليهاجمني أو فليمدحني لكي يضم اسمه لكتاب حياتي.

ما أهم ألقاب صباح؟
ملكة الأناقة هو لقب حازت عليه في مهرجان كان في فرنسا.

ما الذي كان يُفرح صباح؟
حب اللبس والأناقة والضحك وكانت إنسانة بسيطة وطيبة القلب، وتعيش في تجدد دائم.

ما أهم الأغنيات التي قدّمتها لسورية؟
غنت موالاً مهماً جداً كانت غالباً ما تبدأ به كل حفلة قدمتها في سورية وهو «يا أسد يا بو الفوارس يا جبل»، و«6 تشرين الأول يا عيد العصر»، و«تعيشي يا شام»، وأكثر من 20 أغنية باللهجة الشاميّة من ألحان الموسيقار الكبير «سهيل عرفة». وما لا يعرفه أحد أن صباح أكثر فنانة عربية غنت في سورية.

خبر وصورة
صباح هي أول مطربة عربية غنت في إيران، وقد سحرتهم بالأوف وحضرها شاه إيران وزوجته «فرح ديبة»، فهي سبقت أم كلثوم وعبد الوهاب في هذه الخطوة، وكل المطربين، وغنت التراث اللبناني في تلك الحفلة.
كانت صباح تحب النظارات كثيراً. ولديها الكثير من الأشكال والألوان منها.
صباح أرزة عربية خالدة وهي رمز فني كبير لم ترتبط بمكان وزمان محددين.
الفضل لمصر في انطلاق صباح وآسية داغر ووالدتها منيرة.
ملحم بركات لحن للصبوحة أغنيات: «مرحبا يا حبايب»، و«كحيل العين»، و«المجوّز اللـه يعينه»، و«ليش لهلق سهرانين»، وملحمة «موسم شتي».

Exit mobile version